أقلام حرة

صادق السامرائي: القلم والرقابة الذاتية!!

بغياب المحررين ومَن يتفحص المكتوب أو يراجعه قبل النشر، أصبح من مسؤولية الكاتب أن يتعلم مهارات الرقابة الذاتية على ما يخطه قلمه. بعض المواقع أخذ أصحابها يقرأون ما يردهم قبل نشره، وهذه ظاهرة عليها أن تتطور وتسود.

ذلك أن الغثيث طغى، والمبهم المدغم سرى، وما عاد الناس يقرأون المنشور، لأنه خاوي ومضطرب، ويتسبب بالتشويش والتنفير

ترى كيف يكون الكاتب محررا ومراقبا لما كتبه؟

أول من أجاد الرقابة الذاتية على ما يكتبه هو (زهير بن أبي سلمى)، الذي كان يجلس على ما يبدعه حولا كاملا، ولهذا سميت معظم قصائده بالحوليات، أي أنه ربما كان يبيض في كل سنة قصيدة!!

فهل أن كل ما يُكتب يصلح للنشر؟

الكثير مما تكتبه الأقلام لا يصلح للنشر، أي أن يُقرأ من قبل الآخرين، لأنه ربما يزدحم بالمفردات الخبيثة، ومن مسؤولية الكاتب تشذيب المكتوب، وتطهيره مما علق به من الكلمات الغير صالحة لبناء النفس وتعطير الروح بالساميات والعقل بالراجحات.

الكتابة في جوهرها إدمان، والكاتب كأي مدمن يصاب بأعراض إنسحابية لا تهدأ إلا بعد أن يمارس الكتابة، وهذه الحالة تملي عليه التوهم بأن ما يكتبه يستحق القراءة من الآخرين.

والمشكلة أن العديد من الكتاب يحسبون ما يكتبونه جزء مهم وأساسي من الأنا الفاعلة فيهم، مما يدفع بهم إلى الذود عن كتاباتهم وكأن الذي يقترب منها يتحداهم.

بينما المكتوب فكرة تتعرى بوضوح، وربما تكون ذات قيمة أو مجردة من طاقات الحياة، فما ينفع يبقى ويتنامى، وما لا يصلح يحمل أسباب غيابه معه.

فدع الأيام تفعل بها ما تشاء، ولا تحسبها دواءً لكل داء.

فشذبوا ما يسطره اليراع!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم