أقلام حرة

علاء اللامي: ثلاثة قوانين في سلة واحدة نصب واحتيال

لم تعد الكتابة في الشأن العراقي الداخلي ذات معنى أو جدوى بعد أن بلغ تفسخ السلطات الثلاث درجة لا سابقة لها، وبعد أن بلغ الانفصام المرضي بين حكام الفساد والواقع العراقي درجة كارثية. بالأمس عقدت جلسة لمجلس النواب شكك في نصابها نواب عديدون وتحدثت تقارير من داخل المجلس عن أن النواب الذين كانوا في كافيتريا المجلس أكثر ممن كانوا في قاعة الجلسة ومع ذلك تم التصويت على ثلاثة قوانين في سلة واحدة. هذا التصويت بطريقة السلة الواحدة يعكس انعدام ثقة النواب ببعضهم تماما. ولكن التصويت تمَّ رغم الاحتجاجات والصخب الذي أثارته أقلية من النواب الرافضين دخلت القاعة، وحتى بعد التصويت تداعى عشرات النواب إلى جمع أكثر من خمسين توقيعا مطالبين بإقالة رئيس المجلس محمود المشهداني.

لقد حققت رئاسة المجلس وزعماء الكتل النيابية ما أرادت وأقرت مشاريع القوانين الثلاثة وهي: قوانين الأحوال الشخصية الذي يقسم المجتمع العراقي طائفيا ويجعل الأحوال الشخصية للعراقيين حسب طائفة الشخص، وحسب ما تقوله المدونة الفقهية التي سيكتبها الفقهاء لاحقا وتحل محل القانون الجمهوري 188 لسنة 1959.

أي أن هذا القانون التقدمي والمنسجم مع المتفق عليه في الفقه الإسلامي سيتم تهميشه ثم دفنه ليسود بدلا منه فقه الطوائف والمذاهب الدينية الغرائزي. ومعلوم أن هذا التعديل القانون الطائفي الجديد لن يسري على منطقة إقليم كردستان والتي تتصرف حكومتها المحلية كحكومة دولة مستقلة بل هي تعتمد القانون الجمهوري أو نسخة قريبة جدا منه. وهكذا سيتحول الإقليم إلى نقطة جذب وقوة مثال لسائر مناطق العراق يتوجه إليها العراقيون الهاربون من القمع والقوانين الطائفية الرجعية كما تحولت قبرص إلى نقطة جذب للبنانيين الهاربين من الفقه والقوانين الطائفية والباحثين عن محاكم مدنية متحضرة يعقدون فيها عقود زواجهم أو طلاقهم وأحوالهم الشخصية.

القانون الثاني هو قانون العفو العام والذي شمل العفو بموجبه الانتماء للجماعات الإرهابية أو الترويج والتنظير للإرهاب واستثنى الجرائم الإرهابية التي تسببت بالقتل أو العاهة المستديمة أو محاربة القوات العراقية، مع العلم أن جريمة الترويج والتنظير للإرهاب تكون عادة أخطر من جريمة يرتكبها متطرف جاهل خطره محدود بشخصه أما خطر المنظر للإرهاب فهو أوسع وأعمق كما شمل قانون العفو العام الفاسدين ولصوص المال العام من أمثال نور زهير ورائد جوحي وهيثم الجبوري أبطال ما سمي "سرقة القرن" كما أكد النائب المستقل ياسر الحسيني.

 أما القانون الثالث فكان بخصوص إعادة العقارات التي استولى عليها النظام السابق وخصوصا في كركوك لأصحابها الأصليين وهذا القرار سيكون على الأرجح كلمة حق يراد بها باطل ومن المرجح أن يذهب ضحية تطبيقه مواطنون آخرون – وخصوصا من العرب -وكان ينبغي أن يصار الى إعادة توزيع الأراضي على أهالي كركوك بغض النظر عن هوياتهم.

بعد هذه الضربة الثلاثية للعراق الموحد بقوانينه التقدمية العريقة يكون الحاكمون الطائفيون الفاسدون ومعهم نخبتهم الإعلامية والثقافية الأجيرة قد تقدموا خطوات على طريق تقسيم العراق مجتمعيا على أسس طائفية ومذهبية وتكريس الظلامية والتخلف ليدخل العراق فترة مظلمة لا يمكن التنبؤ بموعد نهايتها، ولكن انقشاعها سيكون حتميا كما يعلمنا تأريخ العراق القديم والحديث، رغم التضليل والتحشيد الطائفي المذهبي الراهن، ورغم غسيل الأدمغة الجماعي الذي يساهم فيه بعض الكتبة والإعلاميين المجندين لخدمة الأحزاب النافذة اليوم؛ فهو العراق الأكبر من ديوك الطوائف والعرقيات الفاسدين التابعين للأجنبي!

***

علاء اللامي - كاتب عراقي

 

في المثقف اليوم