أقلام حرة

صادق السامرائي: التنسيب!!

ظاهرة فاعلة في واقعنا الذي يتحقق فيه نسبة العديد من الحالات لغير أصحابها. كالأشعار والأقوال والحوادث وغيرها. مما تسبب بتشويش الوعي الجمعي وتدمير الحقيقة. وتبخيس الأشياء وفقدانها لقيمتها وتجردها من عائديتها وملكيتها القانونية والمعنوية.

فنحن نصطفي أسماءً نرى أن لها تأثير في الناس. ونلصق بها ما للآخرين من أفكار. ونوهم الأجيال بأنها من إبداعهم. ولو حسبنا أعمار بعضهم لتبين أنها لا تكفي للمنسوب إليهم. أي أنهم بحاجة لأضعاف أعمارهم لكي يتمكنوا من التوافق مع ما إرتبط بهم.

وهذا ينطبق على كل منقول. وما جاء بعد قال فلان. ونقل عن فلان. وما أن يدوّن حتى يصبح وكأنه حقيقة لا جدال فيها.

هذه إحدى المثالب التأريخية القاتلة الداعية لمزيد من التلاحي والتقهقر إلى ما وراء أفق الحاضر وبعيدا عن تصور المستقبل.

ونجد ذلك واضحا في زمننا حيث تنسب العديد من الأفكار لغير أصحابها. وهم لا يزالون على قيد الحياة فكيف بالغابرين الأموات؟!!

يبدو أن هناك ظاهرة أخرى فاعلة فينا ومتصلة بالتنسيب مفادها. إننا نعرف. فمن العيب القول "لا أعرف". ومَن قال أعرف فهو جاهل. وبموجب ذلك فالجهل عميم بديارنا المنكوبة بنا.

الكثيرون يشعرون بالإحراج عندما يواجهون عائدية الأشياء لأصحابها. فتراهم يلصقونها بمن يخطر على بالهم في أوانه.

وبذلك يشوهون ويقوّلون ويحرّفون. ولا يمتلكون الإحساس بالمسؤولية والقدرة على إحترام الآخرين والحفاظ على ممتلكاتهم الفكرية والمعرفية.

فعلها النسّاخون سابقا لبيع ما ينسخونه. ويفعلها بنشاط أعظم النسّاخون الإليكترونيون الجدد!!

فكم من الرموز المعروفة المتوارثة تم إلصاق الأقوال والحِكم بهم. وما لهم صلة بها على الإطلاق. إذ يبدو أن استغلال الأسماء المعروفة. يوفر تسويقا جيدا. لكنه يحقق نكبات تأريخية متراكمة. وذات تأثيرات سلبية قاهرة.

فهل حقا قال فلان ما قال؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم