أقلام حرة

عبد القادر رالة: اللغة في المجتمع

اللغة عالم واسع، ويعتبر اللسان هو الجزء الاجتماعي من اللغة، كما تُعتبر الكلمة المكتوبة هي الجزء الثقافي والحضاري منها. فالمجتمع يتكون من أناس تجمعهم لغة أو عدّة لغات، اذ في الواقع لا توجد لغة بدون أفراد يتكلمون بهذه اللغة، حتى اللغات القديمة البائدة تكون حية في حدود بين الباحثين المتخصصين فيها مثل الهيروغليفية آو الفينيقية والإغريقية..

قد تكون اللغة عالمية يتحدثها الملايين من البشر، وقد تكون لغة منعزلة أو منزوية لا يتجاوز عدد المتحدثين بها بضعة ألاف كما هو الحادث مع كثير من لغات الهنود الحمر في أمريكا اللاتينية..

وتاريخ اللغة هو تاريخ الناطقين بها فتطور اللغة وازدهارها آو انكماشها وانعزالها له علاقة مباشرة بالناطقين بها وحيويتهم من عصر الى أخر ..

التعدد اللغوي يجعل دائما هناك احتكاك بين لغتين أو أكثر من لغة، قد يكون اجتماعيا وجماعيا، وقد يكون فرديا، كأن يتعلم فرد واحد لغة غير لغته..

وتكاد كل اللغات العالمية، أو المحلية تنقسم الى وظيفتين أساسيتين متكاملتين، لاستعمال اللغة؛ الوظيفة الرفيعة، في أماكن العبادة والمساجد، والآداب، والرسائل والخطب، والتدريس، والصحافة وهذا ما يُطلق عليه اللغة الفصحى، والثانية تُسمى الوظيفة المتدنية وهي الكلام بالإجمال ويشمل الأحاديث العائلية والأدب الشعبي من شعر ملحون وقصص خرافي، والأحاديث في الشوارع والسوق وهذا ما يعرف بالدارجة أو اللغة المحكية، وقد تجتمع أكثر من لهجة في مقاطعة جغرافية معينة، بل قد تكون مدينة واحدة تحوى أكثر من لهجة!..

والثنائية اللغوية ظاهرة تكاد تكون عادية في أكثر من مجتمع بسبب الحركة الاستعمارية العالمية في الماضي وتطور وسائل الاتصالات الحديثة، فاللغة الهندية مثلا استطاعت أن تعبر الحدود بسبب المسلسلات الهندية الطريفة، وكذلك اللغة اليابانية بين الشباب والمراهقين بسبب مسلسلات الأنمي الشيقة!..

لكن تبقى الترجمة والدراسات الأكاديمية المتخصصة هي الطريقة لأكثر فعالية في إثراء اللغة..

كما أن تطور اللغة وانتشارها يكون في بعض الأحيان مصاحبا للتغيرات السياسية والاقتصادية في العالم، كما هو ملاحظ اليوم ومعروف تاريخيا، الاسبانية والبرتغالية، ثم الانجليزية والفرنسية، واليوم اللغة الصينية التي يقبل العالم اليوم على تعلمها بهوس وشغف!..

***

بقلم: عبد القادر رالة

 

في المثقف اليوم