أقلام حرة

زيد الحلي: الأثر النفسي للمراسل الحربي

.. وانا احضر مناقشة رسالة زميلنا الاثير الاستاذ شاكر حامد الخاصة بالمراسل الحربي، التي شهدتها قاعة الادريسي بكلية الآداب في بغداد الاثنين ٧ / ١٠ الحالي بحضور نخبوي كبير، خرجت بنتيجة ان هذا النوع من العمل الاعلامي، هو الأهم في مسيرة الاعلام   حيث يتطلب من المراسل الحربي الكفء، معرفة جيدة بالقوانين والمواثيق الدولية، وطبيعة الصراع في المناطق الساخنة التي ينقل احداثها، وقدرة على تحمل المشاهد الدموية التي تكثر فيها، واطلاع مسبق على حيثيات ظروف التحديات المتقابلة بين اطراف النزاع ..

لقد حملت رسالة الاستاذ شاكر حامد عنوانا عميقا في معناه هو (الوعي المهني وعلاقته بدافع الانجاز لدى المراسل الحربي) وقد دافع عن طروحات ما جاءت به رسالته بشجاعة الواثق من نفسه، فقد جمع في مضمون الرسالة تجربته  الشخصية المعاشة في التغطيات التي قام بيها بوصفه اعلاميا متميزا في الاعلام العراقي والعربي والعالمي ..     

 الرسالة اخذت الجانب النفسي في عمل المراسل الحربي، وبذلك يمكن القول انها اول رسالة اكاديمية عن المراسل الحربي تقدم في علم النفس، وقد حصلت على الامتياز أثر المناقشة العلمية  التي قامت بها لجنة المناقشة  المكونة من : ا. د خليل ابراهيم رسول  وأ.م . د كمال محمد سرحان عضوا ومشرفا و أ. د طه جزاع  وأ.م. د عباس حنون الاسدي ..

إن المراسلين الحربيين يرون أن من واجبهم الاقتراب من  الساحات الساخنة، لنقل ما يجري بها للعالم من خلال شاشات التلفزة  او التوثيق السينمائي، في جانبيها الإيجابي الخاص بتضحيات الجنود والمدافعين عن الإنسان والوطن، أو الجانب السلبي الذي يتعلق بالانتهاكات التي تطال المدنيين، رغم أن بعضهم  ليسوا من أطراف النزاع..

لقد اشار الزميل شاكر حامد، في رسالته المهمة الى شروط ينبغي تواجدها  في المراسل الحربي ، منها أن يكون محترفاً في مهارات العمل الاعلامي، وعلى دراية بمتطلباته على المستوى الشخصي" النفسي" والمستوى المجتمعي، ومحب  لدوره الاعلامي، فالمراسل الحربي يضحي بوقته وسلامته وأمنه أكثر من غيره ؛ فهو اعلامي جسور، يخوض الصعاب بتجرد ومهنية، وينطلق في عمله الصعب والخطير  برصانة وأمانة، معتمدا في نجاحه على المصداقية والموضوعية، فعبرهما يستطيع إيصال المادة الخبرية بصيغة يمكن الوثوق بصحتها وتصديقها، بعيدا عن الإثارة المصطنعة، انطلاقا من رؤيته بأن الاعلام رسالة مقدسة..

ان ذاكرتي مشبعة بقراءات سابقة، تشير الى اسماء مهمة في حياتنا العربية والعالمية، لشخوص خاضوا مهام المراسل الحربي، ونجحوا فيها، واهم الاسماء في ذاكرتي هي  الكاتب الشهير محمد حسنين هيكل، الذي عمل مراسلا حربيا لتغطية أشرس معارك الحرب العالمية الثانية  لصحيفة "إيجيبشيان جازيت" في العام 1942.. وكذلك الكاتب الأميركي الشهير "إرنست همنغواي" حيث بدأ مسيرته المهنية بتغطية صحفية من ساحات نزاع في النصف الأول من القرن المنصرم.. وايضا "ونستون تشرشل" الذي قاد بلاده " بريطانيا" أثناء الحرب العالمية الثانية، كان قد عمل أيضا مراسلا حربيا، حيث رافق باعتباره مراسلا حربيا، الحملة المصرية الإنكليزية التي توجهت إلى السودان في أواخر القرن الـ19 للقضاء على الدولة المهدية وإعادة سيطرة مصر على السودان، كما عمل مراسلا حربيا أيضا أثناء حرب "البوير" في جنوب أفريقيا عام 1899..

مبارك لأبي عشتار، منجزه الاكاديمي، متمنيا له دوام السرور والنجاح الدائم .

***

زيد الحلي

في المثقف اليوم