أقلام حرة

ثامر الحاج امين: للإنسان في فطرته شؤون

مثلما تحكم الانسان في مجتمعه عدد من العادات والتقاليد بعضها غريب وبعضها الآخر طبيعي، كذلك الفطرة هي الاخرى حاكمة وتسيطر على جوارح الانسان حتى تصبح جزءا من كيان شخصيته ولهذا يجد صعوبة اذا ما حاول تغييرها او التخلص منها، وهناك مجموعة  كبيرة من البشر هم اسرى فطرة التشبث بالأشياء القديمة لأطول فترة زمنية، حيث يحرصون هؤلاء على التعلق والاحتفاظ ببعض المقتنيات المادية والتي احيانا تكون عديمة القيمة لكن شعوره عند التفريط بها بمثابة التخلي عن ماضي جميل وذكريات مصاحبة لماضيه وعلينا هنا ان نفرق بين اصحاب الهوايات مثل جمع الطوابع وكذلك العملة القديمة وبين مرضى التكديس، وطبعا لهذا السلوك اساس سيكولوجي وهو ان الإنسان يشعر بالراحة والاستقرار وهو يحتفظ بمقتنياته الشخصية، وعن هذا الشعور يذكر الشاعر " رسول حمزاتوف " في كتابه الشهير " داغستان بلدي " شدة تعلق والده بأشيائه القديمة فيقول انه (لم يكن بخيلا، وكان ذا مال، ولكنه يوجع قلبه ان ينفصل عن الأشياء التي اعتاد عليها وألفها، وأخيرا تمزق حزامه مرة أخرى واضطر الى شراء حزام آخر، ومع ذلك فقد نقل الى الحزام الجديد حلقة الحزام القديم) .  كما ان وراء هذا السلوك اسباب نفسية  يصفها علم النفس بـ (الاكتناز القهري) وتكون على شكل اضطراب يتجسد في الشعور المستمر بالحاجة الى استخدامها فيما بعد خصوصا في البلدان غير المستقرة سياسيا واقتصاديا وقد شهدنا كيف عادت بنا ايام الحروب والحصار الى اشياء كنا قد تجاوزناها منذ عقود طويلة مثل وسائل الطبخ والتدفئة البدائية وكذلك ادوات جرش وطحن الحبوب وإنارة البيوت بالفانوس واللالة  وغيرها، ومن مظاهر هذا التعلق ما نشهده عندالكثير من البيوتات التي تحتفظ ولأسباب متعددة بحاجيات تالفة واثاث منتهية الصلاحية وفائضة عن الحاجة وهي ما نطلق عليها بـ (الزعابيل) حيث تجدها مكدسة في الغرف وبعضها مرمية على أسطح المنازل وعند ابواب البيوت دون التفكير بالتخلص منها باعتبارها عبأ على المكان والذوق والصحة اضافة الى ما تسببها من تشوه بصري .

***

ثامر الحاج أمين

 

 

في المثقف اليوم