أقلام حرة
قاسم حسين صالح: ثورة الحسين.. لو استوعب العراقيون دروسها لعرفوا طريق الخلاص!
تنفرد ثورة الإمام الحسين بتعدد النظريات التي تفسر اسبابها، والشائعة منها تمنحها هوية سياسية او إسلامية فيما الهوية الحقيقية لها انها ثورة اخلاقية، اليكم منها ثلاثة دروس:
الأول:
ما يدهشك ان ثورات عظيمة في التاريخ، باتت الآن منسية، فيما ثورة الحسين تتجدد وتبقى خالدة رغم ان القائم بها كان رجلاً واحداً وأنه مضى عليها اكثر من الف عام.. والسبب هو ان موت الضمائر وتهرؤ الأخلاق والزيف الديني هي التي تشطر الناس الى قسمين: حكّام يستبدون بالسلطة والثروة، وجماهير مغلوب على أمرها.. فتغدو القضية صراعاً أزلياً لا يحدها زمان ولا مكان، ولا صنف من الحكّام او الشعوب. ومن هنا كان استشهاد الحسين يمثل موقفاً متفرداً لقضية إنسانية مطلقة ، مادامت هنالك سلطة فيها : حاكم ومحكوم ، وظالم ومظلوم ، وحق وباطل.
الثاني:
كان استشهاد الحسين تراجيديا من نوع فريد.. ليس فقط في الموقف البطولي لرجل في السابعة والخمسين يقف بشموخ وكبرياء أمام آلاف الرجال المدججين بالسيوف والرماح المنتظرين لحظة الإيذان بالهجوم عليه وقتله، ورفضه عرض مفاوض السلطة بأن يخضع لأمرها وله ما يريد، وردّه الشجاع بصيحته المدويه: (هيهات منّا الذلّه).. بل ولأن المشهد كانت فيه نساء واطفال، وكأن الحسين أراد ان يثبت للبشرية ان بشاعة طغيان السلطة في أي نظام بالدنيا، تتجاوز وحشية الحيوانات المفترسة.
والثالث:
كان بإمكان الحسين ان ينجو وأهله وأصحابه بمجرد ان ينطق كلمة واحدة: (البيعة).. لكنه كان صاحب مبدأ: (خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدّي) والإصلاح مسألة اخلاقية، ولأنه وجد أن الحق ضاع: (ألا ترون أن الحق لا يعمل به)، ولأن الفساد قد تفشى وشاعت الرذيلة.. وكلها مسائل اخلاقية. وكان عليه ان يختار بين: ان يوقظ الضمائر ويحيي الاخلاق، أو ان يميتها ويبقى حياً.. فاختار الموت.. وتقصّد أن يكون بتلك التراجيديا الفجائعية ليكون المشهد قضية انسانية أزليه بين خصمين: سلطان جائر.. وجموع مغلوب على أمرها.
فهل استوعبنا الدرس بأن الخلاص من الحكّام المستبدين لا يكون باللطم والبكاء والأهازيج التي مارسها العراقيون عشرين سنة وما غيرت الحال، بل بطريق آخر ليس بالضرورة أن يكون (ثورة) تراق فيها الدماء، بل ان تكون الخطوة الأولى هي مساءلة رؤساء الوزراء الذين حكموا العراق بعد 2006 أمام محكمة تشكل من قضاة كفوئين.. مستقلين.. تبث علنا.. فذلك هو المطلب الحسيني لتحقيق الأصلاح.. فهل هم فاعلون؟!
***
أ.د. قاسم حسين صالح