أقلام حرة

جميل حسين الساعدي: وداعا علي الكيار

الفراق ما أمرّ الفراق يا ابن خالتي.. أخبرتني قبل ساعتين أختي ايمان من النجف الأشرف أنك رحلت من عالم الفناء إلى عالم البقاء يوم أمس عصرا.

سالت الدموع من عينيّ وتذكرت بيتا للجواهري:

وإنّي والشجـــــاعةُ فيّ طبعٌ *** جبانٌ في مواجهــةِ الفراقِ

كنت سفير العراق في مجال الرياضة، كنت بطلا عالميا بكمال الأجسام

وقبل أن تكون بطل آسيا وقبل أن تحقق عدة مرات المركز الثالث عالميا، كنت قد سألتك يوما في احدى زيارراتك لنا، لماذالا تذهب الى هوليود فتؤدي دورا سينمائيا ؟، ففيك نفس مواصفات بطل كمال الأجسام ستيف فريز، الذي مثّل دور البطل في فلم هرقل الجبار، وقتها ابتسمت وقلت لي باللهجة العراقية (وهاي مديحة تكدر تعيش بامريكا)، مديحة هي الزوجة الاولى لعلي الكيار وهي من نفس عشيرة علي الكيار (الياسري) وقد غلب اسم الشهرة الكيار لانّ والده عطية كان يعمل في تبليط الشوارع بالكير، وكان يزورنا باستمرار ويستأنس بالقصص التي أقصها عليه

كان علي الكيار انسانا متواضعا منفتحا على الجميع محبوبا مسالما، كنت كثيرا ما أذهب لأزور خالتي بهّية والدته وكانت معروفة في مدينة الثورة (كوالة) والكوالة كلمة شعبية عراقية تعني شاعرة . كان اخوه عاشور يعيش في نفس البيت كان يعمل في البناء، أما اخوه كاظم فكان يردد دائما على اسماعي كلمة (فاشست)، ويقصد بها النظام السابق، شيئ مهم عن حياة على الكيار البطل العالمي لكمال الأجسام انه اعتقل في الانقلاب الدموي الفاشي في عام 1963 وقد اراني صورا له في معتقله، وقد افرج عنه بعد أشهر من اعتقاله، فهو لم يكن سياسيا او منتميا لحزب معين لكنه كان يندد بالظلم.

لقد عشت يا علي بطلا حقا في كمال الأجسام كرياضة، لكنك عشت كذلك بطلا في معترك الحياة

عشت مكافحا من أجل توفير الخبز لأطفالك . اعتمدت على نفسك، فعملت سائق تكسي . كان على الدولة أن تضمن لك راتبا باعتبارك بطلا عالميا في كمال الأجسام، مثلت العراق في بطولات عديدة ودوما كنت تحرز المرتبة الثاللثة عالميا .، فضلا عن احرازك المرتبة الاولى على ابطال آسيا على الدوام

كلنا سنرحل عن هذه الحياة الفانية، لكن سيبقى لنا الذكر الطيب وما عداه ستذروه الرياح.

فلك الذكر الطيب يا ابن خالتي

تغمدك الله برحمته الواسعة وأسكنك فسيح جناته

واسمح لي أن اختم مقالتي المبتسرة بهذا الفيديو

الرابط:

***

 جميل حسين الساعدي

......................................

ولد علي الكيار في مدينة العمارة بجنوبي العراق عام 1937 في عائلة عمالية وانتقل للعيش في مدينة الثورة ببغداد حيث بدأ حياته ملاكما قبل ان يتوجه الى رياضة كمال الاجسام ابتداء من 1953 ليحرز على التوالي بطولة العراق للناشئين عام 1964، ثم بطولة العراق للمتقدمين عامي 1965 و1966، ثم المركز الثالث في بطولة العالم عام 1966 والمركز الرابع عام 1970 والثامن عام 1971، فالمركز الثالث عام 1972 الى جانب المركز الأول في بطولة آسيا عام 1970 والثاني عام 1974، وبطل العرب والشرق الأوسط اعوام 1970 ــ 1971 ــ 1972، وبطل العراق منذ عام 1965 لغاية اعتزاله عام 1975. كما اشتهر عالميا بتغلبه على بطل بناء الأجسام الممثل الأمريكي الشهير وحاكم كاليفورونيا لاحقا أرنولد شوارزنيجر، حيث حصل على الكيار على المركز الرابع على مستوى العالم بينما حل أرنولد خامسا.

 

في المثقف اليوم