أقلام حرة
بديعة النعيمي: الحرب على غزة (56): عدوان أسقط المواثيق
إن الحرب على غزة ٢٠٢٣- ٢٠٢٤ أقل ما يمكن أن يطلق عليها مسمى "عدوان" بكل ما تحمل الكلمة من ظلم وجبروت وشوفينية ودم.
والعدوان بمعناه المتعارف عليه في القانون الدولي هو"استعمال القوة من قبل دولة ضد أخرى، ولا يبرره الدفاع عن النفس أو أية استثناءات قانونية معترف بها".
فكيف عندما يكون العدوان من قبل دولة لا تأخذ بالآخر إلا ولا ذمة، ولا تردعها قوانين ولا محاكم؟ كيف وهذه الدولة تشن عدوانها ضد مدنيين يرزحون تحت حصار طويل ظالم من قبلها؟ كيف ستتصرف القوانين في مثل هذه الحالة؟
وكيف سيكون شكل العدوان وقد تجمعت تحت رايته السوداء المغمسة بالحقد ورغبة الانتقام دول الشيطان بأسلحتها وجنودها ومرتزقتها ضد قطاع ضيق، عدّته الدراسات أكثر المناطق اكتظاظا في العالم؟
وأين القانون الدولي الذي يعتبر العدوان من أكثر المعايير اللاشرعية فيه؟ بل وأين الأمم المتحدة الصهيوأمريكية التي جعلت منع العدوان بمعناه العادي من أكثر غاياتها. فكيف عندما يكون العدوان بالمعنى الذي ذكرناه؟
وعصبة الأمم المتحدة التي جعلت منع العدوان هدفا مركزيا لها، أين هي من هذا العدوان الغاشم؟
وهل تستطيع محاكم الحلفاء التي انعقدت بعد الحرب العالمية الثانية أن تأتي اليوم لتعتبر العدوان على غزة جناية تحت اسم جرائم ضد السلام؟
وأين هي ال ٢٢ دولة عربية إن جاز لنا تسميتها بالعربية بعد أن انقلب شعار "بلاد العرب أوطاني" الذي تغنينا به إلى "بلاد العرب أوجاعي"؟ فحتى تلك الخطابات التي كانت في السابق أقرب إلى حبة مسكن منتهية الصلاحية، لم نسمعها اليوم! فكأن غزة غدت جمرة ستحرق حناجرهم لو نطقوا بها!
في غزة كل شيء مختلف، فالمقاومة الفلسطينية التي تطلق عليها دولة الاحتلال "إرهابيين" دافعت في ٧/ أكتوبر/٢٠٢٣ عن شرف الأمة وحاولت انتشاله بعد أن غرق في وحل الغرب ووحل التطبيع، غير أنه أبى إلا أن يغرق.
والحرب اليوم وقد تخطت ١٣٢ يوما نجد أن المقاومة قد استطاعت فعل ما لم تقدر عليه خمس جيوش عام ٤٨ وثلاث دول في ٦٧. واليوم مقاومة يرتدي مجاهدوها بزّات الصبر والثبات، تدحر دول تطلق على نفسها "عظمى".
فلتسقط المواثيق والاتفاقيات والمحاكم الدولية التي أشاحت بوجهها عن غزة.فلتسقط كل الأعراف والقوانين التي ما صنعت إلا لتخدم بكل طاقاتها مخططات دولة الاحتلال بعدوانه الفاشي.
***
بديعة النعيمي