أقلام حرة
صادق السامرائي: الأحزاب تلد الإستبداد!!
لا يوجد حزب لم بلد مستبدا، فغاية تأليف الأحزاب تحقيق نوازع النفس المتطلعة للإستبداد. الأحزاب تضع لها أهدافا للتمويه على دوافعها المطمورة، وما أن تحين الفرصة حتى ينفلت ما فيها من الجشع والإستحواذ الذي تتوج لتحقيقه فرد قد برز فيها، وتمكن من القوة والسطوة، فيتحول الحزب لعبة في يديه.
أحزاب الدنيا تلد مستبديها، وبهم تتألق وتنتهي وكأنها أدت دورها ورسالتها.
الأحزاب بأنواعها، ومهما إدّعت بأدبياتها وشعاراتها، غايتها الوصول إلى سوح الإستبداد والتفرد بالسلطة والإستحواذ على مقدرات البلاد والعباد.
فعندما نقرن كلمة حزب بأي مسمى، نمنحه الضوء الأخضر للوصول إلى ميادين الإستبداد.
فالأحزاب ذات عقائد والعقائد ديدنها الإستبداد، فلا توجد عقيدة ترضى بغيرها، أو تتآلف معها، العقائد غابية الطباع همجية التفاعلات.
فالعقائد الدينية تتماحق، والحزبية والمذهبية، ولن تهدأ مسيرات الإقتتال بينها، ما دامت تمتلك القدرات اللازمة لتسويغ إنفلات النفس الأمّارة بالسوء، وتبرير مآثمها وخطاياها وتجريد الفاعل من المسؤولية.
والأحزاب في فضاءات الديمقراطية وغيرها، يمكنها أن تصنع مستبدا من بينها، والأمثلة واضحة في أوربا ودول أخرى، أنجبت صناديق الإنتخابات فيها رموزا تسببت بخسائر حضارية فادحة.
وهذه النتائج المأساوية لمسيرات الأحزاب، تستدعي قوة دستورية تمنع جماحها، وتحد من سلطاتها، وترسم خطوطا حمراء لتفاعلاتها، إن تجاوزتها فعليها أن تدفع ثمنا باهضا.
وحتى في المجتمعات الدستورية النظام والكيان، تتحقق ولادات قيصرية لرموز إستبدادية من رحم أحزابها، لكن إرادة الدستور تتصدى لها وتقيد سلوكها، وفي بعض الأحيان تنقاد الأحزاب وراء المستبد المولود فتقضي على وجودها.
وفي المجتمعات التي يفقد الدستور فيها دوره وفعاليته، تكون الأحزاب ذات نشاط تناسلي لإنجاب المستبدين الفاعلين في حياتها.
فلا يمكن لهذه المجتمعات أن تتصور الحياة من غير مستبد فاعل فيها، وقابض على مصيرها، ومتحكم بأيامها بالقهر بالحاجات، فهل من تأديب للأحزاب؟!!.
***
د. صادق السامرائي
14\2\2021