أقلام حرة

صادق السامرائي: المخضرمون منصرمون!!

الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، يتواجد فيه أعداد من المخضرمين، أي من الذين ولدوا في القرن العشرين، وبعضهم قد أمضى أكثر من نصف عمره فيه، وهؤلاء يشكلون عبئا ثقيلا عليه، ستداويه الأيام عبر مسيرة الأجيال.

الحياة بمستوياتها المتنوعة يزدحم فيها المخضرمون، فقادة الدول لاينتمون لهذا القرن، ويتمترسون في آليات وعقليات القرن الماضي، وبموجب ذلك تحصل تصادمات ما بين الأجيال، وربما ستتحقق إنهيارات مصيرية مروعة.

فلكل زمان رجاله، وعقلاؤه ومفكروه، ولا يصح الإمتثال لمعطيات القرن السابق، وتجاهل عناصر ومفردات القرن الحالي، والتفاعل معها بمعطياتها المتجددة المتوثبة إلى آفاق المطلق.

وما تقدم ينعكس بالكتابات والإبداعات المنشورة في المواقع ووسائل الإتصال المولودة في القرن الحادي والعشرين.

فالكتابة ما عادت تتحمل الإسهاب والإطناب، والإمعان بسكب ما يخطر على بال، وكأن الذي يكتب يحسب أن في الزيادة فائدة وتعبير عن القدرة على الكتابة، ويتناسى أن الناس لا تجيد قراءة الكتابات الطويلة، وترى أن خير الكلام ما قل ودل، وأروعه ما كان مكثفا في بضعة كلمات.

بل أن الصورة أصبحت المعبر الأفصح والأصدق عن أي كلام مكتوب أو مسموع.

إن الإنتقال من حالة إلى أخرى يتطلب جهدا وإجتهادا، وإرادة قادرة على التفاعل مع مفردات العصر بأنواعها، فلا يجوز التمسك بما لا يساهم في إشراقة الحياة، ومحاولة التعاطي مع العثرات على أنها قدرات ذات قيمة معرفية؟

إنها صدمة الأجيال بالأجيال، والإنتقال إلى ما يفوق الصوت بسرعته، فالتفاعلات الحاصلة خاطفة وغير مسبوقة في تأريخ البشرية، فما يحصل في أية بقعة أرضية تجده أمامك في بضع دقائق وربما ثوانٍ، وهذا يؤثر بقوة على آليات التفكير والتفاعل بين الناس، ويستند على التواصل الخاطف والسرعة المتناهية، والإمساك بزبدة المعنى والحدث.

وعليه فالمخضرمون مطلوب منهم البحث عن أدوات ومنطلقات التواصل مع زمانهم الذي يجب أن يعيشونه بتفاصيل عناصره، وأن يخاطبوا المستقبل، ولا يركونوا إلى ما هم عليه، فأولاد القرن العشرين، يبدون كالخدج في القرن الحادي والعشرين، أو كالمسنين الذين يتمترسون بما كانوا يعرفون!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم