بأقلامهم (حول منجزه)
ستيفان كوكاف: دعوات التسامح في سياق شرق أوسطي.. ماجد الغرباوي مثالا

بقلم د. ستيفان كوكاف*
ترجمة: د. صالح الرزوق
***
مقدمة: في عام 2006 وأثناء اندلاع العنف الطائفي في العراق صدر كتاب في مدينة بغداد التي مزقتها الحروب، بعنوان "التسامح ومنابع اللاتسامح.. فرص التعايش بين الأديان والثقافات"1. للعالم العراقي المتخصص بلاهوت الشيعة والباحث بالفكر الديني ماجد الغرباوي (1954م)2، جاء فيه، (لم يبق امام الشعوب الاسلامية خيار للحد من ثقافة الموت والاحتراب والعداء والاقصاء المتفشية في كل مكان سوى تبني قيم التسامح والعفو والمغفرة والرحمة والاخوة والسلام)3. وكان يخاطب الشعب العراقي بوجه خاص، والمجتمع الإسلامي بشكل عام، مشيرا إلى نوعين أساسيين من التحديات تواجه العراقيين عند تبني قيم التسامح:
أولاً: يرون أنفسهم وسط مسيرة من التحولات، فهم ينتقلون من نظام سياسي استبدادي إلى آخر ديمقراطي.
ثانياً: العراق بلد يتمتع بدرجة عالية من التنوع الثقافي والديني والعقيدي والعرقي. كما أنه مأهول بــ "المسلمين والمسيحيين والمندائيين واليزيديين والشيعة والسنة، بالإضافة إلى عدد كبير من المكونات المسيحية المختلفة، والعرب والأكراد والتركمان والآشوريين والكلدان"4. في هذا السياق لم يكن الغرباوي يبالغ حينما قال عن التسامح إنه "علاج أساسي" نمنع به المذبحة الطائفية، ونسمح به للشعوب بالحد من الأزمات الدينية والعقيدية المحلية5.
في المقالة الحالية وهي أساسا نسخة معدلة من ورقة ألقيتها في مؤتمر العقلانية في اللاهوت الإسلامي بين التقاليد والحداثة، منشورة في "إرلانغن"، أشرت كيف أن تفسير الغرباوي للمصطلح العربي "التسامح" يعكس مقاربته العقلانية للتسامح كمصطلح ومفهوم. ولهذا الغرض ركزت على ثلاث جوانب من كتابه: تعريف التسامح، الشروط السياسية لتطبيقه، ورفض التطرف الديني. وذكرت أيضا أن مطالبة الغرباوي بالتسامح تعتبر انعكاسا ثقافيا يعبر عن خلفياته الدينية والثقافية. مثل هذه المقاربة تؤكد أن أشكال تفسير التسامح هو نتيجة سياق تاريخي واجتماع سياسي. وتقر هذه المقاربة أنه لا المحور الأورو- مسيحي ولا الشرق الأوسط الإسلامي عالج التفكير بالتسامح في فراغ غير محدد زمنيا - سواء كان "تسامحا بسيطا، أو قبولا أو تفهما". وبالأخص إذا وضعنا في الذهن فكرة انتهى إليها رينر فروست، والذي عرف "المسامحة/ التسامح على أنه "مصطلح تأزيم"Konfliktbegriff 7 حالة أو ممارسة تظهر فقط ضمن ازمات اجتماعية من نوع محدد"8.
1 - وجهان تقليديان للتسامح:
1-1 السياق الأوروبي:
يحلل فروست في دراسته المؤثرة "التسامح في أزمة" كيف تطور المصطلح الرواقي التسامح في التاريخ الأوروبي إلى مفهوم "يتنبأ بتعايش التعارضات"9. ويقسم المسامحة / التسامح إلى أربع مفهومات: القبول permission، التعايش، الاحترام، والثقة esteem وأول تعريف له وضعه شيشرو (توفي 43 ق م) وهو تحمّل الألم، وسوء الحظ والظلم، وبدل المصطلح tolerantia معناه تحت مظلة المسيحية إلى التعامل بصبر مع سلوك الآخرين ليكون بمعنى تحمل إساءاتهم وكفرهم 10. ويصنف فروست هذا الجانب من التسامح ويعده مفهوم قبول11 ويتابع ضمن هذا المفهوم المعنى التراثي المتأخر والمفهوم المسيحي القروسطي للتسامح / المسامحة، وكذلك مرسوم نانت 1598 من عصر الإصلاحات. علاوة على ذلك هو يعتبر أن معاهدة أوغسبورغ 1555 هي مثال لدمج مفهوم القبول والتعايش في المسامحة / التسامح، وأساسها موجود في رؤية "جماعات تتمتع تقريبا بقوة متماثلة وتقر أنه عليها تطبيق التسامح في سبيل السلام الاجتماعي وبما يخدم مصالحها"12. ولم يتطور المسامحة / التسامح أخيرا ليصبح فلسفة مستقلة وموضوعا سياسيا إلا بعد التجارب المريرة لحروب المعتقدات في أوروبا اليافعة الحديثة (حروب فرنسا الدينية، حرب الثلاثين عاما). وقطع هذا الاتجاه بهذا الخصوص رسالة جون لوك (1632-1704) عن التسامح 1689، والتي اعتبرها فروست ذروة التبرير الليبرالي للتسامح 13. حينها علق فروست على مفهوم الاحترام والذي "يبدأ من الدواعي الأخلاقية للاحترام المتبادل" حيث "الجماعات المتسامحة تحترم بعضها بعضا نظرا لأنها جهة ذات سيادة أو لأنها فرد له الحق بالتساوي ليكون عضوا في جماعة سياسية تشكلت برعاية القانون"14.
أخيرا، وخلال التنوير الأوروبي، أضيف لمصطلح التسامح "تعميم علماني" säkulare Generalisierung 15 . كان سابقا يطبق بشكل أساسي على القضايا الدينية، وعليه كان يستعمل بمعنى قبول وجهات النظر الأخلاقية والفلسفية والسياسية. وبعد فترة "عصر التطرف"16 التي ظهرت في القرن العشرين، كان الإعلان عن مبادئ التسامح كما تبنته الدول الأعضاء في اليونسكو عام 1995 بالتأكيد واحدا من أهم المحاولات التي أسست لتفسير دولي موحد بخصوص معنى وتطبيقات التسامح 17. وحسب هذا الإعلان يعرف التسامح بأنه "احترام وتقبل وتفهم التنوع الكبير في ثقافات عالمنا، وأساليب تعبيرنا وطرق تحقيق إنسانيتنا" (1.1) وبأنه "مسؤولية الالتزام بالحقوق الإنسانية، والتعددية (ضمنا تعدد الثقافات)، والديمقراطية ودور القانون" (1.3).
على كل حال وجهة النظر الحديثة عن التسامح باعتبار أنه "مؤشر مبرر للتعدد الثقافي والسلم المدني" 18 تعرضت لإعادة الدراسة النقدية أيضا. وقد ذكرت "ويندي براون" أن الخطاب السياسي والاجتماعي الغربي فيما يتعلق بالتسامح يعمد لإنتاج هوية لها معنى ومحتوى يسيس "التحكم بالنفور" وذلك برسم وإظهار الحدود الدينية والاجتماعية والثقافية والعرقية، وليس بقبول وتفهم الفروقات واعتبارها من خصائص المجتمع الديمقراطي19.
فيما يتعلق بوظيفة التسامح، بكل تأكيد يعكس إعلان اليونسكو التجارب الأوروبية عن المسامحة / التسامح وينظر له على أنه مصطلح أزمة مؤكدا على وظيفته كأداة لبناء السلام (1.1)، وكفضيلة إيجابية يمكنها رفع الأزمات على عدة مستويات اجتماعية مختلفة (دينية وثقافية وعرقية وجنسية). مع ذلك نطاق هذا التعريف جعله مفتوحا أمام الثقافات غير الغربية، وربما لهذا السبب وقع الإعلان جميع الدول المسلمة العضوة في اليونسكو، ومن ضمنها إيران والسعودية العربية.
1.2 التسامح في الأعراف الإسلامية: بعض المصطلحات والمفهومات الكلاسيكية
في الأعراف الإسلامية تحيل، بالعادة، مفهومات التسامح مباشرة إلى القرآن. وهنا ق 2: 148، 5:48، و109:6 تلعب أدوارا هامة فيما يخص سلوك المسلمين تجاه أتباع الديانات الأخرى: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل منكم جعلنا شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون20.
وكذلك ق 10:99 وق2:256 من الآيات الهامة ("لا إكراه في الدين)، وكما قال يوحانان فريدمان: أصبحت "نص إثبات" على الحرية الدينية في الإسلام22. ويبدو أن كلا الآيتين تمنع القسر في أمور الإيمان، وعليه لعبت دورا هاما في خطاب إصلاح التسامح الإسلامي المعاصر23. بالإضافة إلى هذه المقولات التي تعبر عن الاعتراف بالتنوع، توجد آيات أخرى من القرآن تدعو لمحاربة أتباع الوثنية العرب (المشركين). يذكر ق 9:5 أنه عليهم شن الطعان حتى يعتنقوا الإسلام: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم).
باستثناء الموقف من الكفار، هناك "أهل الذمة"24، وهم "أهل الكتاب". (اليهود والمسيحيين، يضاف لهم الصابئة والزرادشتيين). وهؤلاء ومن يشتملهم هذا التصنيف من غير المسلمين، بمتابعة دينهم واتباع تعاليم شريعتهم، ولكن لا يعاملون بالتساوي مع المسلمين. ويشترط عل جميع الذكور من أهل الذمة أن يدفع الجزية للسلطة الإسلامية. وحسب قول أنفير إيمون إن الذمي "له الحق بحرية التعبير والتي ضمنها الشرع الإسلامي على أساس التنوع وحكم الجماعات المتعددة"25. ولكن قانون الذمي بنفس الوقت يعرض غير المسلمين للتمييز، كما تبين "الشروط العمرية" 26.
بالإضافة إلى هذا المفهوم الإسلامي الكلاسيكي الهام عن التسامح مع غير المسلمين، طور الإسلام أيضا مفهومات لتقبل التنوع في الداخل. وكما بين توماس بوير الإسلام خص نفسه بــ "غموض ثقافي" طويل، وتقبل خطابات متعددة، ومضامين وتفسيرات مختلفة"27. وذكر بوير عدة أمثلة منها القراءات المقبولة للقرآن واختلاف الرأي في الشرع. وأظهر كيف أن الاختلاف مسموح في الشرع الإسلامي، وقد احتكم إلى أحاديث تعزى للنبي محمد، وفيها أعلن أن الاختلاف "رحمة" للمجتمع الاسلامي28. ومن المدهش أن فروست في دراسته المفصلة حلل أيضا اثنين من أهم المفكرين الإسلاميين في عصرهما، وفي تاريخ الإسلام بشكل عام: اللاهوتي الفارسي أبو حامد الغزالي (توفي 505/ 1111) والقاضي والمفكر الأندلسي ابن رشد (أفيروس، توفي 595/1198). كلاهما اشتركا بفكرة التسامح وقبول تفاسير بديلة ما دامت لا تشكك بالحقائق الأساسية للدين ولا تعارضها29. بالنسبة للغزالي، مثل هذه الأفعال تقرب الإنسان من تهمة الكفر، وتتضمن نفي الإيمان بالله، وتنعت النبي بالكذب، وتنكر يوم القيامة 30. وبالنسبة للتأثير بالفكر الأوروبي، ركز فروست على ابن رشد وليس الغزالي. وبين كيف أن ابن رشد يميز بين التفسير الحرفي والمجازي للشرع، ويقبل أن الحقيقة الفلسفية لا تتعارض مع الإيمان. والحقائق الأساسية عند ابن رشد فيما يخص الدين، مثل الاعتراف بالله والنبوة، تمثل "المعنى الظاهر" للشرع ويجب فهمها حرفيا. وأن تشكك أو تنقد هذه الحقائق عمل من أعمال الكفر. ويتوجب عليه العقاب. ولكن في مجال "المعاني المحدودة" من الشرع الديني، يجب فهمها مجازيا، وهي متاحة لعدد قليل من المثقفين المؤهلين، ولذلك الاختلاف والتباعد في الرأي أمر مقبول. ويختم فروست كلامه بأن "أفكارا من هذا القبيل - بخاصة الحقيقة الفلسفية السائدة مع الحقيقة الدينية تشكل تحديا لكل تعصب ديني - ... وتبناها ابن رشد وتحولت إلى ظاهرة تسمى الرشدية Averroism . ولها آثار طويلة الأجل حتى العصر الحديث ولا سيما في عصر النهضة"31.
1.3: التسامح و"التوليرانس"
المصطلح المستخدم بالترجمة العربية لإعلان اليونسكو عن مبادئ التسامح هو نفسه الذي يستعمله الغرباوي في كتابه المنشور عام 2006. وهو "تسامح"tasāmuḥ 32 ويعني حرفيا "أن تكون واسعا أو فائضا" وأن تتصرف "مع الآخرين بطريقة بسيطة أو لطيفة"33. وفي جذره العربي السادس وهو س - م - ح، يعبر التسامح عن عمل مشترك. والمعنى المعجمي الكلاسيكي للتسامح يتضمن كذلك عملا مشروطا بما "يقبله" 34 وذلك على شكل عمل ودي تتكرم به على التابع. وحسب تعريف لسان العرب لابن منظور (توفي 711/1311)، التسامح يساوي كلمة جود (الحميد، الطيبة) والتساهل وتعرف بأنها "التصرف فيما بيننا بطريقة بسيطة وعادلة" 35.
ومنذ النصف الثاني من القرن 19، بدأ المثقفون العرب العلمانيون والمتدينون على حد سواء، بمناقشة معنى ووظيفة التسامح الديني والسياسي باستعمال مصطلحين: التسامح والتساهل. وهذا التفكير المستجد بالتسامح قد تطور في فترة ما يسمى "نهضة" الأدب والفكر العربي كنتيجة لمؤثرات غربية. وكان رواد الحركة من الأدباء المسلمين والمسيحيين مثل المصري محمد عبده (1849- 1905)، واللبناني فرح أنطون (1874 - 1922) وأمين الريحاني (1876- 1940)، والتونسي الطاهر بن عاشور (1879 - 1973) 36. ووظف الأخير مصطلح التسامح للتعبير عن التسامح الديني الإسلامي الأصلي تجاه غير المسلمين، وهذا برأيه ينبع مباشرة من الشريعة (القانون الإلهي)37. بالمقابل عرف فرح أنطون مصطلح التسامح بمعنى التسامح السياسي والديني في الدولة العلمانية، الذي يرتكز على التساوي الكامل بين المسلمين والمسيحيين 38.
منذ هذه اللحظة وما بعد، يمكن المرء أن يجد عموما ترابطات إيجابية متلازمة مع مصطلح التسامح، مثل "التصالح" وهو ملتزم بتنازلات”
esprit de conciliation, porté aux concessions.39.
وعليه مصطلح التسامح، والذي استعمل لعدة عقود على أنه "كرم مشترك" غير متناه اقترن بمواصفات إيجابية. وفي النهاية توصل لاسترساء علاقات سياسية.
2 - الغرباوي والتسامح:
احتفظ الغرباوي بوجهة نظر عن التسامح تجاوزت الفضاء الديني، لتشمل كل جوانب المجتمع المدني. ومن سيرته تعرف أنه درس علوم الدين الإسلامي في حوزة تقليدية شيعية هي الحوزة العلمية في النجف وبعد ذلك درس في مركز شيعي في قم، إيران. وبسبب عدم توفر شروط الأمان اضطر لمغادرة بلده وحاليا يعيش في سيدني. وهناك أسس "مؤسسة المثقف العربي"، رابطة الكتاب والمثقفين العرب. وحسب تعريف شبكة انترنت المثقف يجتهد الغرباوي لإرساء قيم الحرية والتسامح والعدل وترسيخ قيم المجتمع المدني الذي يخلو من العنف والبغضاء والحرب. ولخص أهم الموضوعات التي أخلص لها بكتاباته والتي تمنحه صفة مفكر إصلاحي بما يلي: "نقد الفكر الديني"،"التسامح"، "العنف"، "الحركات الإسلامية"، "النسوية"، و"الإصلاح والتجديد" 40.
2.1: معنيان للتسامح
يضم كتاب التسامح ومنابع اللاتسامح ثلاث فصول. يتعامل الأول مع معان مختلفة للتسامح. والثاني يعالج أسس وشروط التسامح في مجتمع تعددي. ويركز هنا الغرباوي على دور القانون والحقوق المدنية، التي تتضمن مساواة المسلم مع غير المسلم، وتلح على أن مجتمع التسامح يتحقق ضمن إطار دولة ديمقراطية وعلمانية. أما الفصل الثالث والأخير فيقدم عرضا للأدلة على المبادئ الإسلامية المركزية كما وردت في القرآن والحديث، والتي اعتبرها الغرباوي أسسا جوهرية للتسامح: الرفق والحلم والعفو والرحمة. بدأ الغرباوي بملاحظات عامة متسائلا لماذا على الناس التسامح بين بعضهم البعض. ثم يناقش لاهوتيا وفلسفيا مشكلة النقص التي يعاني منها الإنسان. ولأن الكائنات البشرية ضعيفة بتفكيرها وسلوكها، تمتلك القدرة على التسامح مع بقية البشر. هذه القدرة، كما يقول الغرباوي، منحها الله للإنسان بشكل صفات بشرية مثل الحب، والرحمة والرفق، والكرم، والإنسانية، والعطف، والمغفرة. ثم أكد الغرباوي على رأيه بالإشارة إلى المقولة الشهيرة المنقولة عن الفيلسوف الفرنسي فولتير (1694-1778) من معجم الفلسفة (1764). وكما قال فولتير على الكائنات البشرية أن يعفو بعضها عن بعض بعد أي خطأ. "ما هو التسامح؟ هو ميزة تتمتع بها الطبيعة البشرية: كلنا مخلوقون من الضعف والأخطاء، ولذلك نحض الطرفين على أن يغفر الواحد حماقة الآخر. وهذا هو أول قانون في الطبيعة"41. في هذه المداخلة نرى كيف أن الغرباوي يدمج فكرة الهبة الإلهية وهي تطبيق أخلاق التسامح مع حض فولتير على عفو الواحد عن خطأ الآخر. وبتحقيق ذلك يربط الغرباوي التقاليد اللاهوتية مع فكرة مركزية وضعها أحد رواد التنوير الأوروبي 42. أضف لذلك يؤكد الغرباوي، قبل أن يناقش مصطلح التسامح، أنه من الضروري وضع تعريف صحيح له. وإلا سيقود التفسير الخاطئ للمصطلح إلى سوء الاستخدام، ويصبح الاستسلام والذل، بمعنى الرحمة، أو بمعنى أخلاق غير مباشرة تسمح وتقبل بالأفعال الخاطئة43. ولذلك يميز الغرباوي بين المعنى اللغوي والاصطلاحي للتسامح. ويؤكد الغرباوي بالعودة إلى التعريف الفلسفي الكلاسيكي للتسامح كما وضعه ابن منظور في لسان العرب، أن التسامح يتضمن حرفيا السماحة والجود، ويناقش، بعد تتبع جذره الإيتمولوجي، أن التسامح يتضمن المنَّة والكرم. ويلح أن هذا التفسير الألسني للتسامح يتضمن عدم المساواة بين المتسامح والمسموح عنه، وعليه يتضمن علاقة هرمية بين أعلى متسامح وأدنى يتلقى فعل التسامح ويكون موضوعه 44.
ثم يلتفت الغرباوي لمعنى التسامح ويعتبر أنه اصطلاح ويؤكد أن تطور التسامح إلى مفهوم لازم، والذي يضمن تقوية الحريات المدنية ومنها حرية المعتقد الديني والحقوق الإنسانية، كان نتيجة الأزمات المحلية في المعتقدات والحروب وذلك في القرنين 17 و18 في أوروبا. وبتحقيق ذلك يؤكد على تأثير التقاليد الفلسفية للتنوير الأوروبي. ويذكر أن التسامح مع الآخر أصبح منذ هذه اللحظة، ليس فعل رحمة مجرد أو تراجع لمصلحة الآخر، ولكنه فرض اجتماعي يرتكز على الحقوق الشخصية. وأخيرا يقدم الغرباوي تعريفه الشخصي للتسامح: (... موقفا ايجابيا متفهما من العقائد والافكار، يسمح بتعايش الرؤى والاتجاهات المختلفة بعيدا عن الاحتراب والاقصاء، على اساس شرعية الآخر المختلف دينيا وسياسيا وحرية التعبير عن آرائه وعقيدته. وكان المفهوم في بداية تشكله يتضمن قيما اخلاقية اختيارية)45.
وأشار أيضا أن معنى التسامح هذا هو بالأساس نتاج التطور التاريخي في أوروبا، ونجم عن انحطاط سلطة وتأثير الكنيسة في الحياة السياسية 46. هذا الكلام يبين لنا أن الغرباوي أكد على الخلفيات المباشرة التاريخية لمفهوم التسامح في أوروبا، ولا سيما حين يقول إن التسامح بمعناه الاصطلاحي، كمفهوم لقبول وفهم حق الآخر، هو غريب على البيئة الإسلامية والعربية وهو بعيد عن لغتها وطرق تفكيرها. وعليه من الضروري للغرباوي أن نفكر بخطاب إضافي يفسر معنى التسامح، ومدى تطابق مفهوم التسامح مع القيم السائدة في المجتمع الذي وجد نفسه فيه. بنظره يبدو من الواضح أن هذا الفكر الجديد عن التسامح سيساعد الناس على مراجعة قيمهم الدينية وسيبين، على الأقل، ماذا يناسب منها وأيها يحتاج للنقاش. ويفترض أنه بعد ذلك سيفهم الناس أن مفهومات كالتسامح والتعددية ليست غريبة على دينهم، وأن اللاتسامح هو في الحقيقة نتيجة الفهم المتعصب للنصوص المقدسة وللدين بشكل عام 47. ويبدو أن الغرباوي يدرك أن أهدافه طموحة جدا. ويخاطب القارئ ويعترف أن إعادة التفكير بالأعراف والمفهومات التقليدية يتطلب قدرا كبيرا من الانفتاح والرغبة بالتغيير. إلا أن موقفنا من التسامح إما أنه لا يتبدل أبدا، أو يتبدل بالشكل وليس بالمضمون48. وفقط بالخطاب المفتوح سيكون المجتمع مؤهلا لأن يتحول إلى "مجتمع حديث حقيقي" وهو " حديث لكن ليس بالكلام فقط"49.
2.2: الإطار السياسي
بعد أن أشار الغرباوي أن المعنى الحقيقي للتسامح يتحقق بـ"الاعتراف بالآخر" التفت لاحقا إلى كيف نفهم التسامح ضمن مجتمع تعددي مثل العراق. وكما قال: هناك أربع قيم إسلامية تعد جوهرية لشرعنة مفهوم التسامح في المجتمع: (الرفق، الحلم، العفو والرحمة). وهذه القيم قادرة على منع العنف وقد تمكن من بناء جو يساعد على نشر التسامح. ويقول: لكن يوجد فرق في مثل هذا المجتع بين قبول العيش مع الآخر والاعتراف الحقيقي بالآخر. الأول يتضمن جانبا عمليا على طول الخطوط التي وضعها فروست بمعنى التعايش، بينما الثاني قد يعني احترام آخرية الآخر، وهذا إقرار بهويته العرقية والدينية واعتبار أنها ليست أدنى، ولكنها متساوية مع هويته 51. وقاد هذا التمييز الغرباوي إلى أن يفهم أن الشعب لم يتخذ خطوة لتفعيل هذا الشكل من اعتراف الواحد بالآخر. ويجب أن نفهم أن التسامح وقبول الآخر يحتاج لتطبيق الحقوق المدنية. وحقوق المواطنة قد يكفل التساوي لكل أفراد المجتمع، ولا سيما غير المسلمين. والغرباوي يضع بناء على هذا الاقتراح وبوضوح شرطا لا بد من تحقيقه: وحدة البلد وتوفير السلم والأمن، وهما خصيصتان تتحققان فقط في الدولة القوية القادرة على ضمانة حقوق كل مواطنيها.
كيف تبدو دولة من هذا النوع؟. برأي الغرباوي يجب أن تكون ديمقراطية وعلمانية. ويلح على أن قوة الديمقراطية تعتمد على مستوى التسامح ضمن ذلك المجتمع المعني. وإذا لم يتوفر للتسامح هياكل الديمقراطية سيشجع السلطات غير الديمقراطية واللامتسامحة. ويتابع قائلا إن جوهر الدولة المدنية أن لا ترمي بنفسها في الحروب وأن لا تكبت الدين. وعلى العكس يجب أن تكون مؤسسة محايدة تسمح بممارسة الدين بجو حر لا أن تقمعه.
وكما وضح الغرباوي ضمن إطار الدولة الديمقراطية العلمانية فقط نضمن حقوق المسلم وغير المسلم ونوفر له حماية سياسية:
وأما إذا كانت الدولة علمانية (لا بالمفهوم الخاطئ لها، وإنما بمعنى فصل الدين عن الدولة، لا معاداة الدولة للدين. لأن العلمانية، بمفهومها الصحيح لا تستلزم ذلك) فربما يحظى الأخير في ظلها "الدولة" بحرية تمكن المجتمع المسلم من أداء وظائفه الدينية والتعبير عن مشاعره الإسلامية بكل حرية وأمان شريطة أن تكون تلك الحرية مضمونة لجميع الديانات الأخرى 52.
حسب هذه الفقرة يمكننا أن نلاحظ أن الغرباوي لا يبرر "العلمانية" بمصطلحات دينية. ولكنه يؤكد فقط أنه لا يجب أن نفهم "العلمانية" بــ "معناها الخاطئ"53.
يبين لنا الاقتباس السابق كيف أنه يناقش بحذر ضرورة تجنب سوء الفهم، وكيف يمنع قارئه من تحريف "العلمانية". ولذلك يوضح باستعمال مصطلح حساس هو "العلمانية" أنه لا يدعو إلى أشكال معاداة الدين والاستبداد الحكومي، ولكنه يستعمل "العلمانية" بمعنى فصل الدين عن الدولة، وهكذا يصبح كل الجماعات الدينية وكل المواطنين سواسية ومحميين بحق منحته الدولة. ومن المهم أن نشير أن الغرباوي في هذه الحالة يناقش من زاوية دينية الحق الممنوح لغير المسلمين. وبهذا السياق يشير إلى "صحيفة المدينة" "دستور المدينة المنورة" حيث تم اعتبار المسلم وغير المسلم مكونا في المجتمع الإسلامي، مع التساوي بالحقوق، كما يذكر الغرباوي بخجل. وإشارته لهذه المبررات الدينية تبين لنا أنه غير مقتنع أن الفهم "العلماني" المجرد يكفي لإقناع القراء.
2.3: التطرف الديني والحرية الدينية
يعلن الغرباوي في "التسامح ومنابع اللاتسامح" أن التطرف الديني هو عكس التسامح 54. وحسب قوله إنه يمثل أخطر منابع اللاتسامح " لتلبسه ببعد شرعي، وتوظيفه للنص الديني"55. ويقبل الشعب الآراء المتطرفة بسرعة لأنها غالبا تختبئ وبدقة وتتنكر بمفهومات دينية مثل "الجهاد في سبيل الله" و"العمل الصالح" و"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"56.
ويذكر الغرباوي أن التطرف الديني يعتبر شيئا لا يعدو كونه "قراءة متحيزة للدين وقراءة مجتزئة للنصوص "المقدسة".."57.
وفي مقالة نشرت بعد وقت قصير من "تفجيرات لندن" في تموز 2005 يصرح الغرباوي أن الدين غطاء دائم لشرعنة الإرهاب 58. ويحاول المتطرفون الإسلاميون حرف الإسلام، وجعله "معركة مستمرة ضد الآخر" بالإساءة لأولئك الذين لم يدخلوا في الإسلام واعتبارهم غير مؤمنين. ويوظفون القرآن والسنة فقط لتبرير أهدافهم السياسية والاجتماعية، من خلال توظيف بعض الأفعال أو تكفير بعض المسلمين. في "التسامح ومنابع اللاتسامح" يقرر أن التطرف "حول الدين إلى صارم ما زال مشهورا ليقطع وتين كل من سولت له نفسه مخالفة المتطرفين الدينيين بالرأي، أو الاعتراض على سلوكهم وتصرفاتهم"59. ثم يبين أن كتابات سيد قطب (1906 - 1966) على وجه الخصوص مسؤولة عن نشر الفكر المتطرف. وبذلك جعل التطرف ثقافة دينية جديدة هي على النقيض من القيم الإنسانية للقرآن60. وللتغلب على هذه الظاهرة الخطيرة يدعو الغرباوي لتأسيس "ثقافة دينية جديدة" ترتكز على مراجعة المنابع الدينية وطرائق تحويلها:
"ينبغي الإسراع في بلورة ثقافة دينية جديدة، ترسم حدود الأحكام الشرعية في القرآن، وتحدد ما هو مختص بحياة الرسول، وتبين متى وكيف يكون الحكم مطلقا في كل زمان ومكان. وهل جميع ما في القرآن فعلي. ثم يجب تكثيف الحديث عن النسخ، وهل صحيح أن آية السيف نسخت كل رحمة وعفو ومغفرة بالقرآن؟"61.
تلعب ق 2:256 (62) دورا هاما في فكر الغرباوي ومنافحته ضد بلاغة الإقصاء في التطرف الديني. ويجادل أنه لا يوجد دين ولا عقيدة تسمح بالادعاء أنه يمتلك الحقيقة المطلقة. ومعظم البشر، كما يتفضل بالتوضيح، هم ببساطة غير قادرين على اختيار دينهم طواعية. ولكنهم ولدوا في تقاليد دينية محددة، وتوجب عليهم اتباع معتقدات مجتمعهم 63. ويدعم الغرباوي وجهة نظره بنظرية "الصراطات المستقيمة" إلى الحقيقة كما وضعها المفكر الإصلاحي الإيراني عبد الكريم سروش. (مولود 1945):
(لا التشيع ولا التسنن هو إسلام نقي وصحيح على وجه الإطلاق "مع أن أتباع كل طريق يتمسك برأيه عن نفسه". ولا الأشاعرة ولا المعتزلة صواب مطلق. ولا فقه المالكية ولا الجعفرية. ولا تفكير فخر الدين الرازي ولا الطبطبائي. ولا الزيدية ولا الوهابية. ولا يمكن القول أن قواعد الإسلام وعبادة الله متحررة من الصنمية، ولا كل المسيحيين من أتباع الأصنام. فالعالم مشحون بالهويات غير الخالصة. والأمر ليس كأننا من جهة نمتلك الحقيقة الصافية، ومن جهة مقابلة، الخطأ الكامل. وما أن نعترف بذلك يصبح أسهل وأيسر لنا هضم التعددية) 64.
في كلامه يشير الغرباوي إلى تفسير واحد من أهم مراجع الشيعة في القرن العشرين وهو محمد حسين الطبطبائي (1904 - 1981)65.
في تفسيره للقرآن والذي يحمل عنوان "الميزان" يبين الطبطبائي أن ق 2 :256 ليست محصورة بأهل الكتاب، ولكنها تشمل كل أنواع القسر في المعتقدات الدينية:
"لا يوجد إكراه في الدين' ترفض ولا تقبل الإكراه والقسر في الدين. فالدين مجموعة من الحقائق التي نؤمن بها، ونعمل وفق تعليماتها. باختصار الدين اعتقاد وإيمان، وهو مسألة وعي، وشيء من هذا القبيل لا يمكن بناؤه قسرا وبالإجبار. يمكن أن تجبر شخصا على عمل معين ضد مشيئته ولكنك لا تستطيع إرغامه على أن يؤمن ضد إرادته. المعتقدات تتبع العقل والموافقة، ولا شيء سوى العقل والفهم يمكن أن يحققها66.
باتباع كلام الطبطبائي يذكر الغرباوي أن ق 2: 256 تتضمن قداسة كل معتقد ديني. والآية تلغي العبارات المخالفة لها في القرآن مثل ق 9:29، والتي تحض على قتال غير المسلمين حتى دفع الجعالة. أي الجزية. في هذا السياق تبدو مقولة الغرباوي نقدية وتاريخية وترتكز على روح الدين. من جهة يقرر أنه علينا قراءة ق 9:29 على أساس خلفياتها التاريخية، وعليه لم يعد لها مبرر معاصر. ومن جهة مقابلة على القرآن اعتبار مثل هذه الآيات على أنها منسوخة بفعل بقية الأحكام القرآنية التي تشير لرحمة الله، أو بالاستناد للحكم الشامل لمعنى ومبدأ قوله "لا إكراه في الدين". وق 60:8 (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)67.
وعليه الاحترام والاعتراف بالأديان الأخرى لا يعتبر ضعفا في موقفنا الديني، ويجب فهمه على أنه أخلاق مفروضة تجاه غير المسلمين كما بين القرآن. ومعنى ق 2:256 يرتبط بالتعامل مع المرتد. يؤكد الغرباوي أن القرآن أكد أن عقوبة الارتداد والكفر عقوبة اخروية وليست دنيوية. فلا تستوجب العقوبة ولا القتل في هذه الحياة 68. ثم يذكر أن شرط قتل المرتد محدد بعصر النبي ولكنه ليس فعليا بعده 69. والحديث المعروف المنسوب لمحمد "من بدل دينه فاقتلوه"، مشروط بعصر النبي، حينما كان الخروج عن الإسلام يعادل المعارضة السياسية لقيادة محمد، وهو خطر ساحق لاستقرار المجتمع الإسلامي الناشئ.
ويبرر الغرباوي عقوبة المرتد في بواكير الإسلام بوضعها في سياق معناها. ولذلك لا يمكن أن يسمح بها اليوم. وذكر عدة آيات أخرى ومن ضمنها ق 5:54 أن القرآن تعامل بهدوء مع ظاهرة الردة:
(يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم).
وينهي الغرباوي كل آيات القرآن التي تناقش قتل المرتدين بملاحظة تؤكد أنه يجب فهمها على أنها منسوخة وذلك من سياق معنى ق 2:256 والجزء المشهور من ق 10:99 :"ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت <محمد> تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" 71.
ملاحظات ختامية
إن الدعوة المتكررة إلى التسامح سببها انتشار التطرف الديني. ثم أعلن الباحث العراقي ماجد الغرباوي بعد هذه المقاربة،أن التسامح والعلمانية مفهومان لا غنى عنهما لمحاربة انتشار التعصب في بلده. وعليه من الواضح أن فهمه يحتفظ بضرورة موضعية مباشرة ومحلية. ويجعل الغرباوي في "التسامح ومنابع اللاتسامح" من التسامح "اعترافا بالحقوق الدينية والسياسية للآخر" ويتجاوز معناه الكلاسيكي وغير الواضح. ومن المدهش أنه يستعمل مصطلح "علمانية" كأنه مفهوم مرتبط بالحقوق المدنية (وهذا يتضمن الحقوق الإنسانية الأساسية)، وفصل الدين عن الدولة وعن الديمقراطية. وهكذا يعكس في نقاشه مقاربة المفكرين الإسلاميين الإصلاحيين الآخرين مثل عبدالكريم سروش وعبد الله أحمد النعيم (مولود 1946).
لكن لا يقف الغرباوي وحده في كلامه. مع سروش يوجد باحثون مثل خالد أبو الفضل (مولود 1963)72، والكاتب السوري هيثم مناع (مولود 1951) 73، واللاهوتي والناشط السعودي محمد محفوظ (مولود 1966)74، أو المفكر الإيراني محمد مجتهد شبستري (مولود 1936)75، وكلهم ناقشوا في كتاباتهم وبتركيز شديد مصطلح التسامح. وفي نفس الوقت لم يقدم الغرباوي وصفا مسهبا كيف يمكن وبدقة تعريف الدولة الديمقراطية العلمانية. بالنسبة له يبدو أنه يكفي التأكيد على أن ثقافة التسامح، كما تطرق في إطار عمل من هذا النوع، لا تتعارض مع أساسيات الدين الاسلامي. ويقترب الغرباوي من مصطلح التسامح أساسا من طرف لاهوتي. وفي مجال السياسة غالبا يذكر أمورا عامة ويبتعد عن تحويل أفكاره إلى مصطلحات ملموسة. وحينما نأتي إلى موضوعات لها ارتباط مباشر مع جماهير القراء العراقيين - مثل رفضه للتفكير المتطرف، أو تقديم مقترحات لتوطين التسامح في المجتمع الاسلامي، ومن ضمنه العراق - تتطور مناقشته إلى تفاصيل مسهبة وتستجيب بعمق لموضوعات ملموسة. وأخيرا هذا يشير إلى أن مقاربات الشرق الأوسط للتسامح مشابهة للمقاربات الأوروبية أو "الغربية" وذلك حينما يصورها على أنها نتاج للسياق السياسي والاجتماعي الخاص الذي نجمت عنه.
***
وقد صدرت الدراسة اليوم في العدد (23) مجلّة "نقد وتنوير الفصليّة المحكّمة. يمكن تحميلها بي دي اف على الرابط أدناه
https://tanwair.com/wp-content/uploads/NAQED-WA-TANWAIR-23edth-432-449.pdf
..........................
* ستيفان كوكاف Stephan Kokew باحث وأكاديمي ألماني ( معهد بادربورن للاهوت الإسلامي).
* ترجمة صالح الرزوق / برج الريان / أبو ظبي
* أشكر كينيث غاردين وأندرو وايلدرموث لما قدماه من تصويبات وملاحظات طالت النسخة السابقة من هذه الورقة. الآيات القرآنية الواردة في النص مقتبسة من "معنى القرآن المجيد" مارمادوك بكتال. ترجمة تفسيرية مارمادوك بكتال (لندن: جورج ألين و أونوين، 1948). بقية الترجمات من اللغة العربية هي من ترجمتي.
المصادر:
1- ماجد الغرباوي: التسامح ومنابع اللاتسامح. فرص التعايش بين الأديان والثقافات. بغداد: مركز دراسات فلسفة الدين. 2006. نشر الكتاب بطبعة ثاني عام 2008. اقتباساتي من الطبعة الأولى. انظر ايضا مقالة "التسامح ومنابع اللاتسامح، مقاربات تمهيدية". التسامح ليس منة أو هبة. تحرير عبدالجبار الرفاعي. بيروت: دار الهادي. 2006: 149-195. في الورقة الراهنة سأركز على الكراس.
2- انظر هنا "ماجد الغرباوي: سيرة ذاتية". صحيفة المثقف.
https://www.almothaqaf.com/foundation/majed-algharbawi-cv
3- الغرباوي: التسامح، 11.
4- السابق 14.
5- السابق 13.
6- الغرباوي: التسامح. 19.
7- راينر فروست:
Toleranz im Konflikt. Geschichte, Gehalt und Gegenwart eines umstrittenen Begriffs. Frankfurt a.M.: Suhrkamp, 2003, 12.
8- راينر فروست: التسامح في أزمة. الماضي والحاضر. übers. v. Ciaran Cronin. كامبريدج. منشورات جامعة كامبريدج. 2013، 1.
9- فروست: التسامح 1.
10- سابق 38.
11- فروست: التسامح 27: "المسامحة تعني هنا ان السلطات (او الغالبية) تضمن للأقلية الحق بالحياة حسب اعرافها ما دامت - وهذا شرط حاسم - لا يتحدى سيادة السلطات (او الغالبية)".
12- السابق28.
13- السابق 208.
14- السابق 29.
15- غيرهارد بيسير، كلاوس شراينر، "التسامح" في
Geschichtliche Grundbegriffe. Historisches Lexikon zur politisch-sozialen Sprache in Deutschland, Bd. 6, hg.v. Otto Brunner, Werner Conze, Reinhart Koselleck. Stuttgart: Klett-Cotta, 1990, 445–605; 495.
16- انظر إريك هوبسباوم: عصر التطرف: تاريخ العالم 1914-1991. نيويورك: فينتاج بوكس، 1996.
17- اليونسكو: الإعلان عن مبادئ التسامح. 16 تشرين الثاني. 1995.
http://portal.unesco.org/en/ev.php-URL_ID=13175&URL_DO=DO_TOPIC&URL_SECTION=201.html
بتاريخ 15,12,2018.
18- ويندي براون: التحكم بالنفور. التسامح في عصر الهوية والإملراطورية. برنستون/ أكسفورد: منشورات جامعة برنستون، 2006،1. انظر أيضا ويندي براون، راينر فروست: سلطة التسامح. حوار. لوقا دي بليسي، كريستوف ف. ي. هولزهي. نيويورك: منشورات جامعة كولومبيا، 2014.
19- براون: التحكم، 4.
20 - ق: 5: 48.
21 - "وإذا شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا. أفأنت (يا محمد) تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين؟".
22 - يوحانان فريدمان: التسامح والقسر في الإسلام. العلاقات بين الاديان في التقاليد الإسلامية. دراسات كامبريدج في الحضارة الإسلامية. كامبريدج: منشورات جامعة كامبريدج، 2033، 100.
23 - انظر خالد أبو الفضل. "مكانة التسامح في الإسلام". في "مكانة التسامح في الإسلام". جوشوا كوهين، إيان ليغ، بوسطن، منشورات بيكون، 2002، 3-23.
24 - خلال الفتوحات الإسلامية المبكرة كان وضع الذميين يشمل ايضا غير اهل الكتاب، مثل البوذيين والهندوس.
25 - أنفير إيمون: التعددية الدينية والشرع الإسلامي: الذميون والآخرون في إمبراطورية الشرع. كتاب أكسفورد للدراسات الشرعية الإسلامية. أكسفورد: منشورات جامعة أكسفورد، 2012، 4.
26 - "معاهدة عمر" أو العهدة العمرية. انظر ايضا البيريشت نوث. "مشاكل التباين بين المسلمين وغير المسلمين: قراءة جديدة لــ "الشروط العمرية". في: المسلمون والآهرون في بواكير المجتظع الاسلامي. روبيرت هويلاند، تشكل العالم الإسلامي الكلاسيكي 18. الديرشوت/بورلينغتون: أشغيت، 2004، 103-124.
27 - توماس بوير
Die Kultur der Ambiguität. Eine andere Geschichte des Islams. Berlin: Verlag der Weltreligionen, 2011.
28 - بوير:
Die Kultur der Ambiguität, 183–185.
29 - شولز
Der Islam und die Toleranz, 59.
30 - انظر شيرمان أ. جاكسون: على حدود التسامح الثيولوجي في الإسلام. فيصل التفرقة بين الاسلام والزندقة لأبي حامد الغزالي. دراسات في الفلسفة الإسلامية. أكسفورد: منشورات جامعة أكسفورد. 2002. 131. فرانك غريفل.
“Toleranzkonzepte im Islam und ihr Einfluß auf Jean Bodins Colloquium Heptaplomeres”. In Bodinus Polymeres. Neue Studien zu Jean Bodins Spätwerk,
رالف هافنر
Wolfenbütteler Forschungen 87. Wiesbaden: Harrassowitz,
1999, 119–144; 126 ff.
31 - فروست: المسامحة، 88.
32 - منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة. "إعلان المبادئ بشأن التسامح. في سجلات المؤتمر العام. الدورة الثامنة والعشرون، 25/10-16/11/1995. باريس: يونسكو، 1996، 76-84.
33 - إدوارد وليام لاين: المفردات العربية- الإنكليزية، ب د 4. لندن: وليامز ونورغايت، 1872. 1423.
34 - راينهارد شولتز
“Der Islam und die Toleranz”.
في:
Aufgeklärte Zeiten? Religiöse Toleranz und Literatur,
رومانا فيرشوسين، انسا ويلكي، نينا غولشير، برلين: منشورات إريك شميت، 2011، 45-68:64.
35 - ابن منظور: لسان العرب، 3. القاهرة، دار المعارف، 1982. 2088، لاين: المفردات العربية - الإنكليزية. 4. 1453.
36 - انظر سرحان ذؤيب
“Toleranz, Intoleranz und Reformgedanken in der arabischen Moderne”. In Pluralität - Subjektivität – Kritik. Akten des Internationalen Kongresses der Schleier -macher-Gesellschaft.in Halle (Saale), März 2017, Schleiermacher-Archiv 27, hg.v. Jörg v. Dierken, Arnulf v. Scheliha, Sarah Schmidt. Boston: Walter de Gruyter, 2018, 45–58.
37 - محمد الطاهر بن عاشور: أصول النظام الاجتماعي في الإسلام. تونس: الشركة التونسية للتوزيع، 1985، 226-233.
38 - ألبيرت حوراني: الفكر العربي في العصر الليبرالي 1789- 1939. كامبريدج: منشورات جامعة كامبريدج، 1083، 255.
39- Albert de Biberstein-Kazimirski: Dictionnaire Arabe-Français, Bd. 1. Paris: Maisonneuve, 1860, 1135.
40 - ماجد الغرباوي. سيرة ذاتية.
41 - الغرباوي: التسامح 13-14. الاقتباس في فولتير: القاموس الفلسفي. لندن: وين و شولي، 1802، 338.
42 - لمناقشة مماثلة، انظر عبدالكريم سروش: رسالة عن التسامح، سلسلة بريميوم أراسميانوم إسي. أمستردام: مؤسسة بريميوم أراسميانوم. 2004، 13-14.
43 - الغرباوي: التسامح، 16.
44 - السابق 16.
45 - السابق 17
46 - السابق
47 - السابق.
48 - السابق 19.
49 - السابق.
50 - السابق 169.
51 - السابق 83.
52 - السابق 90.
53 - السابق.
54 - السابق 12.
55 - السابق 56.
56 - السابق.
57 - السابق.
58 - الغرباوي "الحركات الإسلامية والإرهاب" إيلاف 8,6,2005.
https://elaph.com/We/ElaphWriter/2005/7/74661.html (accessed 20/09/2018).
59 - الغرباوي: التسامح 68.
60 - الغرباوي: الحركات الإسلامية والإرهاب.
61 - الغرباوي: الحركات الإسلامية والإرهاب.
62- "لا أكراه في الدين. قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم".
63 - الغرباوي: التسامح 96.
64- السابق 20. بالنسبة للاقتباس انظر عبد الكريم سروش: بسط التجربة النبوية. مقالات في التاريخ. الاحتمال والتعددية في الدين.
übers. v. Nilou Mobasser. Leiden/Boston: Brill, 2009, 143.
65 - السابق 141.
66 - محمد حسين الطبطبائي: الميزان في تفسير القرآن.
http://www.almizan.org/ (accessed 10/10/2018).
الغرباوي: التسامح، 141.
67 - السابق 97.
68 - السابق 133.
69 - السابق 139.
70 - الغرباوي: التسامح، 133-134. يذكر الغرباوي ق 47:25، ق 5:5، ق 4:137، ق 2:217، ق 3:86-90 و ق 3:85.
71 - الغرباوي: التسامح، 41.
72 - خالد أبو الفضل. "مكانة التسامح في الإسلام" 3-23.
73 - هيثم مناع: سفر التسامح. بيروت: بيسان، 2019.
74 - محمد محفوظ. "في معنى التسامح: التسامح وآفاق السلم الأهلي". في: التسامح ليس منة أو هبة. عبد الجبار الرفاعي. بيروت: دار الهادي، 2006 197-16.
75 - محمد مجتهد شابستري "إشكاليات التسامح". في : التسامح ليس منة أو هبة. عبد الجبار الرفاعي. بيروت: دار الهادي، 2006، 57-80.
المراجع
Abou El Fadl, Khaled. “The Place of Tolerance in Islam.” In The Place of Tolerance in Islam,ed. Joshua Cohen, Ian Lague, 3–23. Boston: Beacon Press, 2002.
Bauer, Thomas. Die Kultur der Ambiguität. Eine andere Geschichte des Islams. Berlin: Verlag der Weltreligionen, 2011.
Besier, Gerhard and Klaus Schreiner. “Toleranz.” In Geschichtliche Grundbegriffe.
Historisches Lexikon zur politisch-sozialen Sprache in Deutschland, Bd. 6, hg. v. Otto Brunner, Werner Conze, Reinhart Koselleck, 445–605. Stuttgart: Klett-Cotta, 1990.
Brown, Wendy: Regulating Aversion. Tolerance in the Age of Identity and Empire. Princeton, Oxford: Princeton University Press, 2006.
Brown, Wendy and Rainer Forst: The Power of Tolerance. A Debate, hg. v. Luca Di Blasi, Christoph F. E. Holzhey. New York: Columbia University Press, 2014.
De Biberstein-Kazimirski, Albert: Dictionnaire Arabe-Français, 2 Bde. Paris: Maisonneuve,1860.
Dhouib, Sarhan. “Toleranz, Intoleranz und Reformgedanken in der arabischen Moderne.” In
Pluralität – Subjektivität – Kritik. Akten des Internationalen Kongresses der Schleiermacher-Gesellschaft in Halle (Saale), März 2017, Schleiermacher-Archiv 27, hg. v. Jörg v. Dierken, Arnulf v. Scheliha, Sarah Schmidt, 45–58. Berlin, Boston: Walter de Gruyter, 2018.
Emon, Anver: Religious Pluralism and Islamic Law: Dhimmis and Others in the Empire of Law. Oxford Islamic Legal Studies. Oxford: Oxford University Press, 2012.
Forst, Rainer: Toleranz im Konflikt. Geschichte, Gehalt und Gegenwart eines umstrittenen Begriffs. Frankfurt a.M.: Suhrkamp, 2003.
Forst, Rainer: Toleration in Conflict. Past and Present, übers. v. Ciaran Cronin. Cambridge: Cambridge University Press, 2013.
Friedmann, Yohanan: Tolerance and Coercion in Islam. Interfaith Relations in the Muslim Tradition. Cambridge Studies in Islamic Civilization. Cambridge: Cambridge University Press, 2003.
al-Gharbāwī, Mājid. “al-Ḥarakāt al-islāmiyya wa-l-irhāb.” ʾĪlāf, 08/06/2005. https://elaph.
com/Web/ElaphWriter/2005/7/74661.html (accessed 20/09/2018).
al-Gharbāwī, Mājid: at-Tasāmuḥ wa-manābiʿ al-lā-tasāmuḥ. Furaṣ at-taʿāyush bayna l-adyān wa-th-thaqāfāt, Bagdad: Markaz Dirāsāt Falsafat ad-Dīn, 2006.
al-Gharbāwī, Mājid. “at-Tasāmuḥ wa-manābiʿ al-lā-tasāmuḥ. Muqārabāt tamhīdiyya.” In at-Tasāmuḥ laysa minna aw hiba, hg. v. ʿAbd al-Jabbār ar-Rifāʿī, 149–195. Beirut: Dār al-Hādī, 2006.
Griffel, Frank. “Toleranzkonzepte im Islam und ihr Einfluß auf Jean Bodins Colloquium Heptaplomeres.” In Bodinus Polymeres. Neue Studien zu Jean Bodins Spätwerk, hg. v. Ralph Häfner, 119–144. Wolfenbütteler Forschungen 87. Wiesbaden: Harrassowitz, 1999.
Hobsbawm, Eric: The Age of Extremes: A History of the World, 1914–1991. New York: Vintage Books, 1996.
Hourani, Albert: Arabic Thought in the Liberal Age 1789–1939. Cambridge: Cambridge University Press, 1983.
Ibn ʿĀshūr, Muḥammad aṭ-Ṭāhir: Uṣūl an-niẓām al-ijtimāʿī fī l-islām, 226–233. Tunis: ash-Sharika at-Tūnisiyya li-t-Tawzīʿ, 1985.
Ibn Manẓūr, Muḥammad ibn Mukarram: Lisān al-ʿarab, 6 Bde. Kairo: Dār al-Maʿārif, ca. 1982.
Jackson, Sherman A: On the Boundaries of Theological Tolerance in Islam. Abū Ḥāmid al-Ghazālī’s Fayṣal al-Tafriqa Bayna al-Islām wa al-Zandaqa. Studies in Islamic Philosophy I. Oxford: Oxford University Press, 2002.
Lane, Edward William: An Arabic-English Lexicon,8Bde. London: Williams and Norgate, 1863–893.
Maḥfūẓ, Muḥammad. “Fī maʿna at-tasāmuḥ: at-tasāmuḥ wa-āfāq as-silm al-ahlī.” In at-Tasāmuḥ laysa minna aw hiba, hg. v. ʿAbd al-Jabbār ar-Rifāʿī, 197–216. Beirut: Dār al-Hādī, 2006.
Mannāʿ, Haytham: Sifr at-tasāmuḥ. Beirut: Baysān, 2019.
Munaẓẓamat al-umam al-muttaḥida li-t-tarbiyya wa-l-ʿilm wa-th-thaqāfa. “Iʿlān al-mabādiʾ bi-shaʾn at-tasāmuḥ.” In Sijillāt al-Muʾtamar al-ʿĀmm, ad-Dawra ath-Thāmina wa-l-ʿIshrūn, 25/10–16/11/1995, 76–84. Paris: UNESCO, 1996.
Noth, Albrecht. “Problems of Differentiation between Muslims and Non-Muslims: Re-reading the “Ordinances of ʿUmar” (Al-Shurūṭ al-ʿUmariyya).” In Muslims and Others in Early Islamic Society, ed. Robert Hoyland. The Formation of the Classical Islamic World 1, 103–124. Aldershot: Ashgate, 2004.
Pickthall, Marmaduke: The Meaning of the Glorious Koran. An Explanatory Translation by Marmaduke Pickthall. London: George Allen and Unwin, 1948.
Ṣaḥīfat al-Muthaqqaf. “Mājid al-Gharbāwī: Sīra dhātiyya.” http://www.almothaqaf.com/k/majedalgharbawi/885900 (accessed 15/06/2018).
Schulze, Reinhard. “Der Islam und die Toleranz.” In Aufgeklärte Zeiten? Religiöse Toleranz und Literatur, hg. v. Romana Weiershausen, Insa Wilke, Nina Gülcher, 45–68. Berlin:
Erich Schmidt Verlag, 2011.
Shabestarī, Moḥammad Mojtahed. “Ishkāliyyat at-tasāmuḥ.” In at-Tasāmuḥ laysa minna aw hiba, hg. v. ʿAbd al-Jabbār ar-Rifāʿī, 57–80. Beirut: Dār al-Hādī, 2006.
Soroush, Abdolkarim: The Expansion of Prophetic Experience. Essays on Historicity, Contingency and Plurality in Religion, übers. v. Nilou Mobasser. Leiden/Boston: Brill. 2009.
Soroush, Abdolkarim: Treatise on Tolerance. Series Praemium Erasmianum Essay. Amsterdam: Praemium Erasmianum Foundation, 2004.
Ṭabāṭabāʾī, Muḥammad Ḥusayn: al-Mīzān fī tafsīr al-qurʾān, http://www.almizan.org/
accessed 10/10/2018
UNESCO. “Declaration of Principles on Tolerance, 16 November 1995,” http://portal.unesco.org/en/ev.phpURL_ID=13175&URL_DO=DO_TOPIC&URL_SECTION=201.html .accessed
15/12/2018
Voltaire: The Philosophical Dictionary. London: Wynne and Scholey, 1802.