بأقلامهم (حول منجزه)
المنجز الفكري لماجد الغرباوي ضمن ندوة: الفكر العربي المعاصر والتفلسف بالمطرقة في الجزائر
- الفكر العربي المعاصر والتفلسف بالمطرقة مشروع كتاب يتناول فكر ماجد الغرباوي وتفكيك التراث
- (نُقَّاد يسلطون الضوء على جيل من المفكرين المُجَدِّدين
(المفكر التجديدي ماجد الغرباوي نموذجا)
يعتبر المفكر العراقي ماجد الغرباوي من المفكرين الثلاثة الذين ارتبط فكرهم بإعادة دراسة التراث وتفكيكه وهم: (حسن حنفي، محمد أركون ومحمد عابد الجابري)، إلا أن هذا الجيل كما يقول الدكتور قادة جليد وهو أستاذ بجامعة وهران لم ينل حظه من المتابعة الفكرية من قبل الباحثين والنقاد، رغم ما قدموه من جهود فكرية، بحيث لم يجد فكره انتشارا في الأوساط الأكاديمية والجامعية خاصة في المغرب العربي، لدرجة أن الكثير منهم يجهل اسم ماجد الغرباوي في الساحة الفكرية من المغاربة وهو الذي قدم دراسات عميقة حول التراث وشخّص أزماته وأعطى البدائل التاريخية للتراث.
المفكر العراقي ماجد الغرباوي من مواليد 1954 وفي ظل انتشار الفكر الشمولي والمذهبي في عهد صدام حسين هاجر إلى أستراليا ومارس البحث وأسس مؤسسة المثقف ومن خلالها ساهم في بعث النهضة الثقافية العربية نال خلالها مجموعة شهادات وأوسمة. اشتمل منجزه الفكري على مجموعة كتب تحت عناوين مختلفة: التسامح ومنابع اللاتسامح.. فرص التعايش بين الأديان والثقافات / إشكاليات التجديد / الحركات الإسلامية.. قراءة في تجليات الوعي / الضد النوعي للاستبداد.. استفهامات حول جدوى المشروع السياسي الديني / جدلية السياسة والوعي / تحديات العنف / النص وسؤال الحقيقة.. نقد مرجعيات التفكير الديني / الهوية والفعل الحضاري / مواربات النص / الفقيه والعقل التراثي / مضمرات العقل الفقهي / تحرير الوعي الديني / المرأة وآفاق النسوية / تراجيديا العقل التراثي / المقدس ورهان الأخلاق.
كتب عن منجزه الفكري والثقافي والأدبي عدد من النقّاد والباحثين، عرب وأجانب. كما صدرت عنه ثلاثة كتب للدكتور صالح الرزوق والدكتور محمود محمد علي والدكتور صالح الطائي. كما تُرجم كتابه التسامح ومنابع اللاتسامح إلى اللغة الفارسية.
الفكر العربي المعاصر والتفلسف بالمطرقة
الفكر العربي المعاصر والتفلسف بالمطرقة كان موضوع ندوة فكرية نظمتها المكتبة الولائية للمطلعة العمومية بولاية معسكر غرب الجزائر قدمها الدكتور قادة جليد ومن تنشيط الأستاذ فؤاد النجار، سلط فيها المحاضر الضوء على الفكر العربي وأجياله. وموضوع الندوة هو عبارة عن مشروع كتاب يصدر في سنة 2024 يتناول فكر المفكر التجديدي ماجد الغرباوي ووضعه داخل إطاره التاريخي. يقول الدكتور قاد جليد: مع مطلع القرن الثامن عشر، شهدت الساحة الفكرية بروز جيلين من المفكرين، الجيل الأول ظهر مع بداية النهضة العربية ويمثله الطهطاوي، الكواكبي، الأفغاني ومحمد عبده وغيرهم، وهو جيل سمي بجيل الصدمة التاريخية فيه أدرك العرب تخلفهم وأدركوا المسافة البعيدة بينهم وبين الغرب، من هنا بدأ التساؤل حول لماذا تخلف المسلمون وتأخر غيرهم؟، ثم ظهر جيل جديد، وهو الجيل الثاني الذي طرح سؤال النهضة. وذكر المحاضر أسماء من هذا الجيل كالشبيل شملي، سلامة موسى، طه حسين، ووصل إلى المفكرين المعاصرين كمحمد أركون حسن حنفي وآخرون.
واعتبر المتحدث د. قادة جليد أن المفكر العراقي ماجد الغرباوي من المفكرين الثلاثة الذين ارتبط فكرهم بإعادة دراسة التراث وتفكيكه وهم: (حسن حنفي، محمد أركون ومحمد عابد الجابري)، إلا أن هذا الجيل كما يقول الدكتور قادة جليد وهو أستاذ بجامعة وهران لم ينل حظه من المتابعة الفكرية من قبل الباحثين والنقاد، رغم ما قدموه من جهود فكرية، بحيث لم يجد فكرهم انتشارا في الأوساط الأكاديمية والجامعية خاصة في المغرب العربي، وهو ما اعتبره جحودا في حق المشارقة الذين أعطوا مساحة خاصة للمفكرين المغاربة، لدرجة أن الكثير منهم يجهل اسم ماجد الغرباوي في الساحة الفكرية من المغاربة وهو الذي قدم دراسات عميقة حول التراث وشخّص أزماته وأعطى البدائل التاريخية لأزمات هذا التراث.
الإنسان العربي ومرجعيات التراث
من وجهة نظر الدكتور قادة جليد فإن الإنسان العربي لا يفكر إلا بمرجعيات التراث الذي أصبح يؤطر الإنسان العربي في فكره، ولذا يحاول المفكر ماجد الغرباوي أن يحدد علاقة الإنسان بتاريخه وهي رؤية ماضوية تقرأ بعقول أعدت للماضي، في الوقت الذي عرف الإنسان الغربي أو الأوروبي إن صح التعبير كيف يطور نفسه ولم يبق حبيس ماضيه، فمشروع الغرباوي إذاً يختلف عن الرؤية التغريبية والرؤية الاستشراقية التي يدعوا أصحابها إلى القطيعة مع الماضي، بل هو (أي الغرباوي) يدعو إلى القطيعة مع فهم معين للتراث وليس مع النص المقدس، فالغرباوي في نقده التراث والقداسة يفرق بين الدين والنص الديني، والمشكلة كما يضيف المحاضر هي في الفكر الديني، لدرجة أن الخطاب الديني أصبح ينافس النص المقدس. يقدم الدكتور قادة جليد مثالا عندما تحدث عن بعض الغلاة الذين جعلوا من صحيح البخاري نصا مقدسا بل جعلوه أقدس من القرآن نفسه، وهذا الذي ينتقده ماجد الغرباوي في دراساته.
من خلال ما جاء في ندوة الدكتور قادة جليد يُفْهَمُ من كلامه أن هناك وجهات تقارب بين ماجد الغرباوي ومحمد أركون، هذا الأخير يسميها بالمدونات النصية الرسمية المغلقة، حيث أخذت طابع القداسة وأطلق عليها اسما آخر وهو السياج الدوغماتي، وهذا أخر تطور الفكر العربي، فالغرباوي يدعو إلى أرخنة التراث وعقلنته ويقول أن النص الديني شيء والفكر الديني شيء آخر، فهذا الفكر نشأ تاريخيا على فهم معين للنصوص الدينية، السؤال الذي طرحه الدكتور قادة جليد: كيف يستطيع الغرباوي بفكره أن يحول التراث إلى نسبي بعد أن كان مطلقا؟، الجواب هو أن الغرباوي من خلال دراساته بين أن المشكلة ليست في النص الديني المقدس وإنما في النصوص المتأخرة التي تشكلت على النص الأول المقدس وانتزعت منه القداسة، هذا الفكر الديني الذي أنتج العنف والإرهاب (داعش).
في هذه الندوة حاول المحاضر تبسيط الأفكار التي ماتزال موضع جدل وصراع بين الحداثيين والأصوليين وقال أن الصراع هو فكري محض، مشيرا بالحديث عن المثلث الأنثروبولوجي الذي تحدث عنه كل من محمد أركون وماجد الغرباوي ليبين مدى تقارب فكرهما، وقد سماه محمد أركون بالعقل الأرثوذكسي، أما عن المرجعيات التي وصفها المحاضر بالصامتة يحاول الغرباوي تفكيكها باستعمال منهجيات معاصريها دون أن يشير إليها مثل منهج التفكيك والتفلسف بالمطرقة التي تحدث عنه نيتشه، أو المنهج الأركيولوجي لميشال فوكو.
يتفق الغرباوي وأركون من حيث تحليل التاريخ الاسلامي والثقافة الاسلامية حول مفهوم أساسي وهو الجهل المؤسس بالاضافة الى الجهل المقدس للفيلسوف الفرنسي أوليفي روا، لأن هذا الجهل هو الذي أنتج وينتج العقل الأرثوذكسي الذي يقوم على المثلث الأنثروبولوجي (الحقيقة، المقدس، العنف).
ويبدو من خلال رؤية الدكتور قادة جليد للفلسفة الغرباوية بأن ماجد الغرباوي مفكر تجديدي بامتياز بحيث استطاع أن يقفز على كل الاتجاهات الفكرية ليقدم صورة حقيقية للفكر العربي وأسباب تأخره، وهو ما أراد المحاضر تبسيطه بل إيصاله إلى المثقف العربي عندما تساءل عن سبب غيابه عن الساحة الفكرية عندما اختتم محاضرته بالقول أن المشكلة هي مشكلة مثقفين ونحن نفتقر إلى المثقف العضوي والمثقف الثوري، فالفكر كما قال هو ثوريٌّ في طبيعته ولابد أن تكون للمثقف الجرأة على قول الحقيقة وملامسته الجرح.
كانت هذه ندوة الدكتور قادة جليلد، بثت عبر شريط فيديو والحقيقة أن هناك باحثين ومفكرين وفلاسفة اشتغلوا في الفكر الديني وأسسوا منهجا فكريا لموضوعاتهم، إلا أنهم واجهوا مشاكل كثيرة أمام المحدثين قبلهم في حقب التاريخ الإسلامي، حيث طرحوا أسئلة تتعلق بكيفية التوفيق بين خطاب العقل وخطاب العاطفة ومدى تحكم العاطفة في هذا العقل، كما تساءلوا عن العلاقة بين الدين والعقل والعلاقة بين الدين والسياسية والتوفيق بينهم من أجل إعطاء الصفة العلمية للتفكير الديني أو الفكرة الدينية التي تحدث عنها المفكر الجزائري مالك بن نبي وآخرون، كانت هناك مقاربات بين الاتجاه الكلامي (من طبقات المتكلمين من سُنّة وشِيعَةٍ ومعتزلة وبعض الفرق الإسلامية) والاتجاه الفلسفي والاتجاه الصوفي العرفاني الذي تجاوز العقل ويقابله الاتجاه العلماني، هكذا وقعت صراعات وأزمات حول النص المقدس ولعل السبب في ذلك هو غلق باب "الاجتهاد”، حيث بقيت بعض الجماعات الإسلامية تجتر نصوصا منذ قرون دون إخضاعها للتحليل ويراد بذلك الذين يسمونهم بـ: “الغوغائيين” الذين لهم فهم تقديسي لكل ما يمس الدين حتى ظهر مُقَدَّسٌ ثالث هو “التراث” وهي النصوص التي استعملت النص المقدس.
والتراث في مفهومه العام هو كل الرؤى والأفكار والخبرات والإبداعات الخاصة بالمنتجات، فنشأت صراعات أيضا بين التراث (الأصالة) والحداثة والهوية في ظل نظام فكري حَجَبَ الواقع لصعوبة تحليل الواقع وخصوصيته، فيما أطلق عليه اسم "الإيديولوجيا"، وليس محمد أركون وحده الذي يذهب في الاتجاه التجديدي بل نقف مع المفكر الجزائري مالك بن نبي أيضا، حيث نلمس اهتمام مالك بن نبي بالفكر الديني من خلال مؤلفاته التي تركها لاسيما الظاهرة القرآنية، شروط النهضة، وجهة العالم الإسلامي، بين الرشاد والتيه وغير ذلك، كل هذه الكتب تناولها بالتحليل منذ عهد النبي إلى العصر الحديث الذي تميز بظهور الحركات المذهبية والطوائف التي أعطت للفكر الديني تفسيرات مختلفة لكيفية تشكل الوعي الإسلامي لدى الأفراد وقد قارن مالك بن نبي بين المجتمع النبوي الموحد وبين المجتمع المفكك اجتماعيا مجتمع خضع للاستعمار طيلة عقود من الزمن، حيث ارتبط عاطفيا بالدين، بحيث لم يكن له رصيدا لغويا يجعله يفهم الخطاب القرآني فهما صحيحا.
هذا وكانت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية معسكـر، بالتنسيق مع نادي بيت الحكمة للفكر والأدب والفنون لولاية معسكر تنظم، ندوة فكرية بعنوان:
"الفكر العربي المعاصر والتفلسف بالمطرقة.. ماجد الغرباوي "أنموذجاً"
تقديم: الأستاذ الدكتور قادة جليد
تنشيط: الأستاذ فؤاد النجار
يوم الجمعة 23 ديسمبر 2022
على الساعة 16:30 مساءً
بمقر المكتبة الرئيسية
وقد حضر الندوة التي تحدث فيها الاستاذ الدكتور قادة جليد عن المنجز الفكري لماجد الغرباوي لفيف من المثقفين واساتذة الجامعات في مقدمته البروفسور نابي بولي استاذ الفلسفة الاسلامية في جامعة معسكر، ودار حوار بين المتحدث والحاضرين.
***
متابعة علجية عيش
للطلاع على الفديو
https://www.youtube.com/watch?v=6nO3SkHXCJw