بأقلامهم (حول منجزه)
ماجد الغرباوي .. قراءة في معالم شخصيته الفكرية والأخلاقية
رغم الغربة والمرارة والحنين واللوعة، وأنين الجسد وآلامه، وذكريات الوطن والأمنيات وشوقه ودموعه وأحلامه .. ورغم بُعد المسافات وترامي الحدود، ما زال نجمه لامعاً يتجدد كل يوم في سماء العلم والفكر والمعرفة .. لم تقف قريحته الفذة عند حد، ولم يبخل على طلابه وقرّائه من فيض عطائه. كما لم يمنعنا بُعد مهجره أن ننهل من وحي علمه وفكره المعطاء، ولم يتوان كرمه بدرس او نُصحٍ او ارشاد .. وهذا ما عهدناه من خلال متابعتنا وتواصلنا معه عبر الأثير، أنه استاذي الباحث المفكر القدير ماجد الغرباوي، الذي نبقى نتطلع لرؤيته ولقائه شخصياً، والتزود من فكره وعلمه ومواهبه وعطائه ذات يوم.
الغرباوي .. الاكتشاف
لسنا بصدد استعراض ومناقشة مشاريع الاستاذ الغرباوي وما يتمتع به من آفاق علمية وثقافة واسعة ومواهب فكرية وأدبية عالية بقدر ما نحاول إعطاء صورة ولو تقريبية من وجهة نظر "قارئ" يحاول اكتشاف معالم شخصيته، والتعرّف على ملامح فكره وعلمه، لاننا نعتقد انه ما زال يكتنز في صدره أكثر مما ظهر في نتاجاته، وأبعد مدى مما طرحه في الساحة الثقافية. ورغم اسلوبه الواضح في مناقشاته ومعالجاته، إلا أن القارئ المتفحّص بامعان يستطيع ان يلحظ ويلمس، ان هناك مشروعاً آخر لم ير النور. وهناك فكر، وفلسفات، وعلم، ومعارف، واخلاق. هناك أفكار ومشاريع، واشياء كثيرة لا تزال مختزلة في روحه وعقله، لم يُفصِح عنها بعد ! .
ما يشدنا أكثر الى متابعته هو:
فضلاً عن الذكاء والفطنة والبصيرة وبُعد النظر وسرعة استيعاب الرؤية وأحتوائها، هناك الشفافية وعمق التجربة الذاتية وحضور البديهة المثقفة والواعية التي يمتاز بها في رهاناته. اضافة الى قدرته الفائقة على ادارة الحوار، وهي صفة تعكس خصائصه التربوية والاجتماعية، ثم قدرته على حسم الموقف وارضاء الجميع بنفس الوقت.
ومن ذلك الحضور الواثق كدليل بسيط على مستوى فهمه ووعيه المتوقد والمُتجدِد هي ردوده على قرّائه، حيث يتجاوز فيها الصراعات التقليدية والكلاسيكية المعروفة لدى الوعي العام والسائد. وايضا فان استجاباته ومناقشاته تعد تجسيدا بارزا وحيا لاخلاقه الرائدة وفهمه المتطور الخلّاق. ففي ردوده الشفافة والرائعة على من يتعاطى بعاطفة وتشنج وعصبية وأنفعال زائد مع القراءات المخالفة لآرائهم او إعتقاداتهم او أفكارهم، تجد اجابات علمية، فكرية، ثقافية، اسلامية، واجتماعية تنطوي على عشرات الأسئلة المُختزلة "الآنيَّة والمستقبلية"، كل ذلك يطرحه باسلوبه الحضاري وروحه المتفتحه المعهودة بدقَّة وعمق وقوَّة موضوعية وشمولية عادلة وصالحة.
فمثلا، كتب مقالا حول أهمية السؤال كرد على مجموعة من التعليقات، جاء فيه:
(أسس القرآن الكريم منهجا، حالت رمزيته العالية دون ادراك ابعاده، وظل المسلم يعيد قراءة آياته، وهو لا يفقه من معانيه شيئا .
فتحدث القرآن عن حوار دار بين ابليس وبين الباري - تعالى -، ليؤكد لنا ثمة اسئلة مشروعة، من اي جهة صدرت، يجب الاجابة عليها (ولو كان الرب جل وعلا).
كما نقل لنا القرآن الكريم حوارا دار بين الخالق وملائكته، وهم كائنات صالحة دأبها الطاعة، لكن هواجس خلق الانسان استبدت بها، فكانت هناك اسئلة طرحها القرآن الكريم ورد عليها، دون اي قمع او اضطهاد او تهديد، كل ما في الامر أجّل الاجابة بالنسبة لسؤال الملائكة، لان طبيعة الجواب تحتاج الى تجربة عملية .
ثم طرح القرآن الكريم أخطر الشبهات، التي تهدد رسالته، وهي التوحيد، دون اي اكتراث، ونقل لنا اسئلة المشككين، والكافرين والملحدين، والناكرين، وناقشها علنا. قال هكذا كانت اشكالاتهم، وهذه اجوبتنا .
فهل هناك اخطر من مسألة وجود الله بالنسبة للاديان جميعا؟ وما قيمة ما عداها لو اهتز الايمان بوجود الله - سبحانه - او توحيده؟ فلماذا لا يستفز الانبياء من اسئلة المنكرين، والجاحدين؟ وكيف وضعهم القرآن وجها لوجه امام تلك التساؤلات؟ .
لماذا لم يعترض النبي ويقول له يارب، لقد اخطأت التوقيت، انها ستضعف دعوتي، وانا في بدايتها؟ لماذا تقبلها واعلنها على الملأ بكل ثقة ومسؤولية، ورد عليها، وفند حججها .
اذن المنهج القرآني يقوم على شرعية السؤال، وحق الرد، ومنهجه قائم على طرح الاسئلة بشكل شفاف علني، كي يتحمل المسلم مسؤوليته امام اي عمل يقوم به، ويكون مسؤولا تجاه اي رأي يطرحه، لاستحالة قمع الاسئلة، ولا بد من متنفس تطفو من خلاله بحثا عن اجوبة مقنعة . ولولا السؤال لما تطورت الحضارة)1.
لم أقرأ له سوى كِتابَين من مؤلَّفاته: "أشكاليات التجديد" و"التسامح ومنابع اللاتسامح". وانا بصدد إقتناء وقراءة كل نتاجاته الأخرى، وكل ما رفد به المكتبة الثقافية والاسلامية ان شاء الله تعالى. لكني تابعت وإطلعت على كتاباته ونقاشاته ومعالجاته وحواراته من خلال مقالاته في أرشيف صحيفة المثقف الألكترونية2 وغيرها من المواقع والصحف.
بكل تجرد وإنصاف: يجد القارئ نفسه وهو يطلع على تراث هذا الرجل امام امكانيات معرفية ثرّة، ومكنونات فكرية اسلامية واجتماعية وأدبية غزيرة تتجدد على الدوام، ويلحظ سيطرته التامة على المطالب المتناولة فكريا وعلميا مع مواكبة متطورة وعصرية. يُلحَظ ذلك في مقالاته وبحوثه ومعالجاته الفكرية والثقافية، بل وغيرها مما يتناوله في نقاشاته او التي يحللها بكتاباته ..
وبحوث الغرباوي تتصف ايضا بالاستقراء الموضوعي الصحيح، وتعدد القراءات لكل حادثة وواقعة يتناولها، والاستيعاب المدرك، والفهم المعرفي الدقيق ضمن ثقافته التخصصية والعامة. وحيادية واخلاقية وموضوعية تامة، وقدرة على بحث ودراسة اي قضية من جيمع جوانبها ومداخلاتها واستنطاقها، وثم المفاضلة في تقييم التنوّع والاشكال وحل الملابسات ودفع السلبيات والمؤاخذات وملاحقة الايجابيات وبلورتها وتبسيطها بصور تتماهى جذرياً او تأسيسياً مع متطلبات المرحلة "الآنية" برؤية مستقبلية، فضلا عن ثقافته التي تتصف بسلاسة الاسلوب، ومرونة في دراسة الحالة او الظاهرة مهما كانت ابعادها شائكة، وتذليلها بدلالات واسعة لايضيق على القارئ أستيعابها وفهمها. فمثلا في بحوثه الاسلامية عندما يقدم الاسلام كنظام يجمع بين التأصيل الشرعي والوعي الواقعي والثقافي بتاريخ الأمة وحاضرها ومستقبلها، يدرس الغرباوي منهج الإسلام من حيث هو كلي مترابط في القيم والنظم والفكر.
ثم روعة الارتكاز العلمي المؤسس وأدواته المنطقية في الأستقراء والسلوك والفهم تتجلى بوضوح في كل عمليات المعالجة والتشريح المعرفي على طاولة المُفكر الاسلامي المتمرس والاجتماعي المتبحِّر والخبير . كما ان الأسس المنطقية والأدوات الفنيّة والعقلية المنفتحة التي يعتمدها اسلوبه الكتابي النقدي ومعالجاته الثقافية والفكرية، تُعد من أهم ركائز وأوليات الاستنتاج "المُبدع والمُبتكر".
الوطن في روح الغرباوي وإيمانه:
ان شعور الانتماء للوطن يتجلى في افكار الاستاذ ماجد الغرباوي وهو يناقش حالات القلق الحاصل على ارض الوطن. وكان حب الوطن حافزه، من واقع المسؤولية الثقافية والوطنية، في التعاطي بمرونة في نتاجه الفكري. فمن اسهاماته الوطنية الكثيرة التي رفد بها الساحة السياسية والأجتماعية، ثقافة الوعي للجماهير وما تحتاجه لاعادة النظر في سلوكياتها وقيمها الكلاسيكية ومورثاتها المؤججة. وهو يدعو دائما لعدم الانجرار وراء صراعات قبلية وسياسية واجتماعية لاطائل منها سوى زيادة الشحناء والمأساة. ويرى أن هناك دائما ثمة حوار واخلاق وسلوكيات بديلة اكثر قيمة مدنية وحضارية كفيلة باحلال السلام بين الجميع، تعزز لغة الأنسجام واعادة النظر في الصراعات القائمة برمتها. كل ذلك من أجل العمل على ايجاد تسوية دائمة وشاملة تحقق الأمن والسلام، وهي دعوة توكد على حرص وتمسك الغرباوي بالسلام الوطني والاجتماعي كخيار استراتيجى ومنطلق اساسي للتعايش السلمي بين كل اديان واطياف المجتمع على ارض الوطن .
ويحس القارئ ان الخبرة الحياتية والعلمية والاجتماعية موظَّفة بصورة واضحة في طاقات الغرباوي وبرامجه وعطاءاته الفكرية والانتاجية. يتجسد ذلك من خلال دعوته لتوفير ارضية سليمة للتواصل مع هموم المجتمع وأزماته المتراكمة. ودعوته لايجاد حلول قِيَمية مُثلى، من خلال:
- دراسة الواقع السياسي والاجتماعي والديني بصورة جذرية.
- الاسهام في ترجمة الموروث الديني والاجتماعي وفق رؤية اكثر تطورا وانفتاحا.
- البحث عن كل الخيارات المتاحة من اجل توفير فرص للتعايش السلمي والحضاري بين الثقافات والأديان.
وليس من صورة واضحة لتلك المشاعر الوطنية اكثر من خطابه في كتابه "التسامح ومنابع اللاتسامح". حيث يتميّز هذا الخطاب بصلاحيته لكل المجتمعات التي تمر بنفس ما يمر به مجتمعنا العراقي من أزمات. ووفقا لهذا الخطاب، كما يرى الغرباوي، يجب البحث عن سُبل بديلة وخلق وأبتكار أجواء تسامحيَّة جديدة، وبرمجتها معرفياً وحركياً في فضاءات المجتمع، من أجل البقاء وديمومة التعايش السلمي ضمن حياتنا المجتمعية.
الغرباوي مفكرا:
في كتابه التسامح ومنابع اللاتسامح .. فرص التعايش بين الأديان والثقافات .. يقول الغرباوي:
(ان ما نشاهده اليوم من صراع محتدم بين القوميات والأديان والمذاهب يكشف عن رخاوة الأسس التي يقوم عليها مفهوم التسامح او غيابه، فهو في نظر الأوساط المتصارعة لا يعدو كونه قيمة اخلاقية تتحكم به المؤثرات الاجتماعية والسياسية، وهو في رأيها منّة وتفضيل مشروط . قد ينقلب الى ضده اذا فقد رصيده الاخلاقي، وما نحتاجه فعلاً لتوطيد العلاقة بين الطوائف والقوميات مفهوم يرتكز الى أسس متينة، تتفادى الأحتكاك على خطوط التماس .. لتكريس مفهوم التسامح وفق حاجاته الاجتماعية بعيداً عن المنّة والتفضل والتكرم، فالتسامح هنا حق لجميع الافراد على أساس الاعتراف بالآخر، وحماية لحقوقه، حق تفرضه الحقوق المشروعة لكل انسان في الحرية الشخصية، وحرية الأعتقاد، وحرية التعبير)3.
اذا فهو يدعو الى زرع وبث روح التعايش السلمي بين الأفراد والمكونات، وفق قراءات وأسس متينة جديدة، خلافاً لما هو سائد في الوضع الجاري، كي تتفاعل من خلالها جميع مكونات المجتمع بصورة حضارية اكثر انفتاحا واكثر ديمقراطية.
كما يدعو في خطابه الى غرس حس ثقافي يهدف إلى وعي أمني شامل في نفس وفكر جميع مكونات المجتمع على حد سواء. أي يهدف الى تكوين قاعدة بشرية كبرى من التعاون المدني والاجتماعي، بحيث يسهم ذلك بشكل ايجابي وفعال في تحقيق العملية الأمنية والتعايش السلمي المستقبلي بين الأفراد والمكونات والأديان. وفي هذا المشروع محاولات دؤوبة لانقاذ المجتمع من العزلة والمصير المجهول .
لقد كشف الغرباوي بنظرته حجم المعاناة التي ما زالت تعيشها وترزح تحتها مجتمعاتنا العربية. لذا فالامر بنظره يستدعي تقديم قراءة متأنية لأسس التسامح السائدة في واقعنا المُزري .. قراءة مبنية على دراسة نوعية تشكل قفزة في اخراج المجتمع من أزماته المُتراكمة.
ان بلورة جديدة لتلك الأسس الرخوة وبنائها بانسجام وحذر ستساهم في خلق مجتمع متناغم بمكوناته ونسيجه، يحتقر ماضيه المُخجل ويداوي جروحه بحماس ويلملم شتاته بهمَّة، ويتطلع نحو مستقبل أفضل .
راحت البحوث العلمية والسياسية للغرباوي تسبر الأدبيات والقيم الاجتماعية وتفرزها بموضوعية وتحدد عناصر الأهمية والخطورة والفائدة لهذا الجانب من ذاك في حياة الإنسان والمجتمع . وكان يحذر المجتمعات التي تعيش سباقا محموما في لا وعيها كي لا تجازف في خلق ازمات جديدة، تسلب المجتمع راحته ورفاهيته وقوته ونفوذه.
كما دأب الغرباوي في بحوثه على تقصي الحقائق التي تعين الإنسان والمجتمع في التغلب على مشاكله، التي هي كالأمراض فتكا بالشعوب، ودعا في بحوثه الى ضرورة فهم الظواهر المتأزمة والمرتبكة ومحاولة تفسيرها ومعالجتها من خلال التعميمات والقوانين الكلية الشرعية والاجتماعية العامة، وايجاد حلول لمشكلات حياة الإنسان والمجتمع وانتشالهما من هذا الواقع الذي يعيشان فيه. والاستفادة من التجارب البشرية، وتحري الموضوعية التي ترفع من مستواه السلوكي نوعاً وكماً، وهو ما يساعد على تطور فكر الأفراد، وتزيد من نسب النجاح التي يتوخاها المجتمع .
لقد أولى الغرباوي البحوث العلمية اهتماماً بالغاً، واعتبرها عاملا استراتيجيا لضمان وديمومة قوة المجتمع والدولة وبقائها فاعلة بين غيرها من الدول. إن الأمثلة على اهتمامات الغرباوي وباقي الشريحة المثقفة والواعية بالتقدم العلمي والبحثي أكثر من أن تحصى، ولكن منذ أن ساءت الظروف وغُيِّب الفكر والمفكرين عن ساحة المجتمع بدأ التراجع في مختلف المجالات وأصبحت الهوَّة بعيدة والفجوة عميقة بين الناس ومجتمعهم .
مشروع الغرباوي الحركي والتجديدي:
التسامح ومنابع اللاتسمح، الضد النوعي للاستبداد، تحديات العنف، و.. ألخ، ليست مجرد مؤلفات شاء تخصص الكاتب تأليفها بدوافع مادية او شخصية او دعائية، وإن كان ذلك من حقه .. ولكن بقدر ما يراها القارئ هي بحوث إنبثقت ضمن مشروع وهدف أعمق وأبعد من مجرد الكتابة. فهناك تأسيس .. وهناك تخطيط .. وهناك برنامج موضوع مُسبق .. وهناك هدف اكبر وأسمى من الآن .. هناك سعي حثيث ملموس . أي أن ما يلمسه القارئ أن هناك شيئا لايستطيع القارئ معرفة ماهيته تحديداً، اكثر من كونه مشروعا ثقافيا حضاريا مؤسسا حتى يأخذ مكانه التربوي في الساحة الاجتماعية والوطنية ودوره الطبيعي في ساحات العلم والفكر والمعرفة، وتساهم في خلق تطور ثقافي جديد بكل المجالات الوطنية والاجتماعية والدينية.
فضلاً عما تقدم يجب ان ننوه بكتاب: "الشيخ محمد حسين النائيني منظِّر الحركة الدستورية " والذي صدر بطبعته الثانية حديثا، حيث اطلعت على توطئته. ففي هذا الكتاب يبين الغرباوي معالم مشروعه الأصلاحي ضمن سلسلة "رواد الأصلاح". وهي سلسلة دورية تعنى بدراسة مشاريع الاصلاح التي نهض بها الروّاد المسلمون، والتي كان الاستاذ الغرباوي يرأس تحريرها وأصدر منها خمسة كتب على نفقته الخاصة، إلا أن هجرته من الشرق الاوسط الى الشرق الأقصى – كما يقول- حالت دون الأستمرار بصدورها. لكن بدأ وهو في مهجره باعادة اصدار ما صدر منها مجددا، حيث صدر منها لحد الان كتابان، نأمل ان يوفق في اعادة اصدار ما تبقى منها.
وقد درس الباحث في هذا الكتاب حياة الشيخ محمد حسين النائيني باعتباره اول فقيه ينظّر للحركة الدستورية والديمقراطية، وينتقد الاستبداد السياسي والديني بعنف. وبما ان حياة النائيني زاخرة بالاحداث والمواقف، لذا اهتم الاستاذ ماجد الغرباوي بشخصيته ومواقفه وفكره فكان هذا الكتاب، الذي قدم رؤية مغايره لما كتب عن الشيخ النائيني، وهي رؤية نقدية صارمة، من أجل الوقوف على الحقيقة في خضم الاحداث التي رافقت النائيني.
نأمل ان يشكل هذا الكتاب رافدا وباعثا حركيا للأصلاح والاستفادة من معينه الفكري. وان يكون مصدرا للطلاب والباحثين على السواء، أسوة بباقي بحوث ونتاجات الاستاذ الغرباوي التي أغنى بها الساحة الثقافية والاجتماعية والاسلامية والسياسية .
ان افكار الكتاب كما هو واضح من موضوعه وعنوانه وما قرأت عنه، تعد افكارا اصلاحية، وتعكس وجهة نظره ورؤيته بالحاضر والمستقبل وما بينهما من احداث. ان مشروع الغرباوي الاصلاحي اذا ما كتب له النجاح سيساهم في رفد الساحة الثقافية والفكرية، ويقدم معالجات عملية للمشاكل التي تحيط بالمجتمع بسبب الثقافة والفكر والمواقف الخاطئة، خاصة مواقف بعض رجال الدين.
وقبل ان اختم مقالي لا بد ان انوه بجهد الاستاذ ماجد الغرباوي الاعلامي من خلال صحيفة المثقف، التي تركت صدى اعلاميا واسعا بفضل ما ينشر فيها من بحوث ودراسات ومقالات فكرية واجتماعية ونفسية وادبية وسياسية وثقافية. وايضا يجب ان انوه بمؤسسة المثقف، التي كانت رائدة في تكريم الاحياء من الرموز الفكرية والادبية، والرائدة في تكريم كتّابها وكاتباتها. كما لا ننسى مساهمات المؤسسة في طباعة ونشر الكتب، ولعلها المؤسسة الاولى التي نجحت في هذا المجال بفضل جهود الاستاذ الغرباوي حتى اصدرت لحد الان ما يقارب 30 كتابا.
***
صفاء الهندي – كاتبة عراقية
....................
1- الرد مقتبس من مشاركة للاستاذ الغرباوي في صحيفة المثقف بعنوان: المثقف وتحديات السؤال
http://almothaqaf.com/index.php/araaa/41398.html
2- http://almothaqaf.com/
3- التسامح واللاتسامح .. فرص التعايش بين الاديان والثقافات، دار العارف، بيروت لبنان، ط 2008، ص11