أقلام فكرية

علي محمد اليوسف: الوعي في متناقضات فلسفة الظواهر

الذي يتمّعن بادبيات وتنظيرات فلسفة الظواهر (الفينامينولوجيا) يعثر على العديد من المتناقضات الفلسفية التي تدور في حلقة دائرية مفرغة من المعنى المنطقي الفلسفي الذي نعرض بعضها بهذه المقالة.

اعترف احد فلاسفة الظواهر التي جاء بها هوسرل قائلا " ان الوعي الذي تحلله لنا فلسفة الظواهر ليس بأي حال من الاحوال وعيا منخرطا في الواقع او وعيا متضمنا في التاريخ" نقلا عن دكتور زكريا ابراهيم.

وطبيعي جدا ان يتهم الماركسيون بان الوعي الظاهراتي خرافة لا معنى ولا وجود حقيقي له في الفلسفة الظاهراتية. وفلسفة الظواهر ليس لها قيمة حسب الماركسيون لانها خارج الزمن والواقع والتاريخ.

رغم ان هوسرل اراد الاقتراب فلسفيا جدا من العلم كما فعل من قبله ديكارت واسبينوزا وبيرتراند راسل وجماعة حلقة اكسفورد المنطقية الوضعية التحليلية التجريبية. الا انه سرعان ما يسقط في براثن المثالية الفجّة حين يجد في الوعي الذهني هو الذي تحمل قصديته المعنى التي يسقطها على الواقع والتاريخ والطبيعة.

اي ان الواقع بموجوداته وعالمنا الخارجي بمحتوياته ومواضيعه لا معنى لها مالم يتناولها الوعي القصدي الظاهراتي بمعرفتها هو وليس باستقلالية موجودية تلك الموضوعات ان يكون لها معنى خارج تناول الوعي القصدي لها. ومن بديهيات التفكير العلمي ان المدركات المادية هي التي تمنح الفكر معنى مايقوله ويعرفه. ولا يوجد فكر بلا موضوع له معنى.

يذهب هوسرل في فلسفة الظواهر ان مواضيعها هي التي يحددها الوعي القصدي وليس هناك من موجودات لا في الطبيعة ولا في الانسان ولا في عالمنا الخارجي فهي غائبة وجودا بغياب الوعي القصدي لها.. وهذا خطأ انك لاتعترف بوجود الاشياء قبل التفكير القصدي المراد تحقيقها بموضوعات الادراك.

هذا معنى تعبير احد فلاسفة الظواهر قوله الوعي القصدي غير منخرط لا في الواقع ولا في الطبيعة ولا في التاريخ. سبق للثلاثي ديفيد هيوم وجون لوك وبيركلي اقطاب المثالية المنطقية التجريبية انكارهم وجود عالم خارجي خارج التفكير الذهني. الغريب ان هؤلاء الفلاسفة تجريبيين اي يؤمنون بالعلم ومخرجاته.

تعترف فلسفة الظواهر ان مواضيعها هي التي يحدد موجوديتها ومعرفتها الوعي القصدي. ولا قدرة لتلك الموضوعات الموجودة مستقلة عن التفكير الذهني الافصاح عن ذاتيتها الموجودية. ويوجد فرق كبير ان تقول مع سيلارز الوجود لغة. وبين ان تقول لا وجود خارج منطق اللغة.

وتنكر فلسفة الظواهر المواضيع الصدف وما يصفها هوسرل بالمواضيع الغفل التي تقاطع الادراك بها من دون وعي قصدي سابق عليها يمنحها معنى وجودها. كما تعتبر الوعي القصدي هو الذي يحدد المعنى في الموضوعات وفي الموجودات.

وتعقيبنا على هذا الخطأ اذا ما كانت  الموضوعات بلا معنى وجودي بذاتها فما الداعي للوعي القصدي الذي مصدره العقل الاهتمام بها ومحاولة إضفاء المعنى عليها. خاصية العقل انه يدرك الاشياء والموضوعات التي لها معنى وأهمية في وجوب معرفتها. فالوعي القصدي لا يدرك ولا يهتم بموضوعات لا معنى لها. وحين نقول موضوعات لا معنى لها فهذا يعني ابطال فاعلية العقل من جهة وانعدام وجود موضوعات يدركها العقل او الوعي القصدي من جهة اخرى.

كما لا تفرّق فلسفة الظواهر بين الحقيقة والمعرفة وقد تناولت ذلك بتفصيل في مقالة سبقت. يوجد فرق كبير بين الحقيقة كمفهوم مطلق وبين المعرفة كمصطلح متفق عليه. تحدده ابعاده العلمية والادراكية العقلية والتجربة المختبرية او التطبيقية. اما المفهوم المطلق الذي تنطبق عليه الحقيقة فهي موضوعات نسبية من السيرورة المتغيّرة باستمرار ومنهج محاولة التحقق منها هو الميتافيزيقا. نستطع القول ان المصطلح يقبل تراكم الخبرة الكميّة. والحقيقة تقبل التراكمات النوعية التي ينفي لاحقها سابقها.

هوسرل اعتبر الانا محورا مركزيا خالقا للتراكم المعرفي عبر التاريخ. حين جعل من كل ما وصلنا كموروث من الماضي هو خبرة مصنوعة قبل علمية . وكانت للانا الفردية بصمة في تركيبتها ودفعها في مسار التقدم بالمتراكم. واشار هوسرل الى اهمية توحيد العقل والجهد الجماعي في تطور العلاقات البشرية فالتاريخ البشري وتطور الموروث الانساني حينما يصلنا ونتاوله بعيون الحاضر الذي نعيشه. ولم يذكر هوسرل هل يعني بهذا الموروث الحضارة ام المعرفة الانثروبولوجية مجردة. بل اكتفى الاهابة بعالم ماقبل العلم وهو ما اهتم به الفيلسوف البنيوي ليفي شتراوس في دراسته اثنولوجيا الاقوام البدائية التي ليس لها تاريخ. اي دراسته حياة الاقوام البدائية قبل اختراع الانسان التدوين الرمزي واللغوي.

وقد كان أحيا هذه الفكرة التي ترجع اصولها للفسفة اليونانية كلا من ليفي شتراوس وفوكو وفلاسفة البنيوية تحديدا في مقولتهم الانسان هو الانسان منذ الاف السنين والى يومنا هذا من حيث الحاجات الاساسية التي شغلت تفكيره التي لم تتبدل وتتغير. وكان سبق  ان قال هذه الحقيقة انضج مما جاءت به البنيوية برتوروغوراس 540 ق.م " الانسان مقياس كل شيء".

طبعا نسبية صحة مصداقية مقولة الانسان هو الانسان من حيث الطبيعة البايولوجية فقط. سواء اكان ذلك في الاشباعات الغريزية او الاشباعات التي التي يمليها ويفرضها التطور الانثروبولوجي وقضاياه ومشاكله بالنسبة للانسان بما هو كائن مؤنسن بالطبيعة والتجمعات الاقوامية البشرية على ضفاف الانهر واكتشافه الزراعة.

طبعا من المعروف جيدا ان الفلسفة البنيوية وليدة فلسفة مابعد الحداثة وادبياتها التي اول فلسفة فرنسية تمسكت بادبياتها وطروحاتها التي على راس وقمة الهرم شنها الهجوم القاسي ومحاربتها لما اصطلح عليه السرديات الكبرى بخاصة السردية الماركسية ممثلة بعمودها الفقري كتاب راس المال الذي شن عليه هجوما بنيويا كلا من شتراوس والتوسير مع آخرين. والسردية الاخرى التي اصابتها البنيوية باكثر من مقتل واحد هو السردية الدينية التي كانت الارهاصات الاولى لهذا المنحى بدأه سبينوزا وكانط في القرن الثامن عشر ثم تلاهما اقطاب الوجودية بزعامة سارتر الى ان وصلت البنيوية في التركيز على مهمتين الاولى تمثلت في انكار المعجزات الدينية والمهمة الثانية الهجوم على رجال الدين وإبعاد هيمنة الكنيسة على الحياة. المفارقة ان البنيوية حاربت العقل واللغة والانسان وكل معطيات ما جاءت به الحداثة. وانشغلت فترة نصف قرن بفلسفة اللغة ونظرية التحول اللغوي وفائض المعنى. قبل انتقالها بهوس محموم مهاجمة كل شيء قامت عليه الحداثة والانوار.

وتعتبر فلسفة الظواهر العالم الذي نعيشه عالم هجين شاركت بصنعه اجيال متعاقبة وان حركة التاريخ هي نتاج عمل جماعي. لكن التناقض الذي يمر به دكتور زكريا ابراهيم قوله :( الفلسفة الفينومينولوجية تجريد ينأى بنفسه عن الابعاد الخصبة للوجود البشري. ويجعل منها نظرا عقليا خالصا بعيدا كل البعد عن الواقع الانساني).

لكي نكون منصفين لا يوجد فلسفة التزمت قضايا الانسان خارج تجريد الفلسفة اللغوي ساسثناءات  ثلاث فقط هي:

1. الفلسفة الماركسية حين انتقلت من التجريد الى تطبيقات الاقتصاد السياسي. كي تخلص من تجريد الفلسفة غير القابل للتطبيق حيث اطلق ماركس عبارته الشهيرة وجدت الفلاسفة يفسرون التاريخ في وقت كان مطلوبا منهم تغييره.

2. الفلسفة البراجماتية الاميريكية حين انتقلت الى تبني المنهج الديمقراطي الليبرالي الراسمالي الذي تتوّج بالامبريالية واخيرا بالعولمة في مقولة نهاية التاريخ.

3. الفلسفة الوجودية حين انتقلت بريادة سارتر الى تطويع التنظيرات الفلسفية في الاجناس الادبية بدءا بالشعر ثم بالقصة والرواية واخيرا بالنصوص المسرحية ونال سارتر عليها جائزة نوبل بالادب وليس بالفلسفة. رغم عدم استجابته لاستلامها كما فعل برجسون تحويله بعض التصورات الفلسفية الى اعمال ادبية ونال جائزة نوبل بالادب واستلمها.

لا يمكننا ادانة فلسفة الفينامينالوجيا فلسفة تجريد بعيدة عن الاهتمام بقضايا الانسان المصيرية. فمثل ما فعله هوسرل فعلت غالبية التيارات الفلسفية التي تفرعت عن التحول اللغوي وفلسفة اللغة مثل الفلسفة البنيوية وفلسفة الهورمنوطيقا لدى بول ريكور وكذلك إستراتيجية التقويض والهدم لدى جاك دريدا. ونجملها بالفلسفة الوضعية المنطقية التحليلية حلقة اكسفورد بزعامة بيرتراندرسل قوله لا يوجد التزام بالفلسفة واعتبر ثيمة المنفعة التطبيقية بالحياة في فلسفة الاميركان الذرائعية بانها فلسفة نذلة وخسيسة.

وفي فهم هوسرل ان (الانسان ذات وموضوع في وقت واحد) التي أخذها عن شوبنهاور , هو فهم صحيح بالنسبة للانسان وحده كوجود مستقل عن الاخروعالم الاشياء الخارجية المحيطة به تماما,  في ادراك الانسان ذاته ووعيه بها عندما يتأمل وجوده كموضوع , الموضوع المتداخل مع ذاته في كينونة مستقلة واحدة تجمعهما, اما في حال ادراك الانسان للمواضيع والاشياء الخارجية عنه, فهنا تكون الذات والموضوع كلا منهما وجودا مستقلا عن الاخر, وفي استقلالية وجودية احدهما عن الاخر, ولا تبقى الذات والموضوع واحدا في وحدة اندماجية لا يتم التفريق بينهما.او يتعذر ذلك الفصل المطلوب بينهما.

ان في تأكيد هوسرل ان الذات المفكّرة لا تنفصل عن موضوعها,وان كل مالا ندركه ليس له وجودا, خطأ جوهري كبيروسنوضحه لاحقا. عدم انفصال الذات عن الموضوع كما يريده هوسرل يعني استحالة الوعي العقلي والاحساس بالاشياء, وبالتالي استحالة تفكيرية ايضا في محاولة ادراك الشيء حسيا او تخييليا. الموضوع او الشيء المراد ادراكه والتفكير به يحتاج الى مسافة رصد ومعاينة من قبل الذات لتحقيق الوعي به ومن ثم التفكير به. وفي حال اندماج الذات بالموضوع وتلاحمهما من غير مسافة رصد بينهما يكون فقط في استحالة معرفة الشيء ووجوده والتفكير به.

فكيف للذات ان تفكر في وعي ذاتها والتفكير في وعي الاشياء من حولها وهما كليهما في حالة اندماج وتناوب وظيفي في احلال احدهما محل الآخر او في اندماجهما معا في التفكيرالواحد او المتباين باختلاف الموضوع . ان الذات تكون مرة ذاتا تعي وتدرك ذاتها,واخرى تعي وتدرك موضوعاتها في وقت واحد ليس تراتيبيا, بمعنى وعي الذات تتداخل في وعي موضوعاتها معا في وقت ولحظة واحدة, وتختلف الذات عن موضوعها في كيفية الادراك المتبادل بينهما, وهذا يوجب علينا تفريق الذات عن الموضوع وليس كما يرغب هوسرل.  (انه لا معنى في تفريق الذات وفصلها عن الموضوع.) هذا الافتراض يعدم حقيقة ان العقل والتفكيروالحس والخيال والذهن واللغة كينونة ادراكية واحدة في انسان واحد.

عزلة الفيلسوف هوسرل

في كتابي (فلسفة الاغتراب) طبع ثلاث طبعات كنت ذكرت فيه ان عزلة الفيلسوف المجتمعية بمعنى الاغتراب Alienation هي ظاهرة ايجابية. تختلف عن الاغتراب المجتمعي السلبي الناقم الكظيم عند بعض الافراد العصابيين او لدى شريحة اجتماعية معينة كما تناولها ماركس في فلسفته  اغتراب العمل واغتراب راس المال والطبقة العاملة وهكذا.

ونقل لي احد طلاب الدراسات العليا في جامعة الموصل انهم لاقوا تعنتا وتزمتا في مصادرة الاساتذة المشرفين والمناقشين لاطاريحهم ان يكون الاغتراب ظاهرة ايجابية تخص فقط الفلاسفة والمفكرين وبعض الادباء والفنانين على اختلاف تخصصاتهم في الفنون التشكيلية. (احيل القاريء الى الفصلين الخامس بعنوان الاغتراب والصوفية والفصل السادس الاغتراب في الوجودية الحديثة من كتابي المشار له فلسفة الاغتراب يجد فيه تفصيلا مجزيا مستوفيا لمصطلحي الذي نحته بعنوان الاغتراب الايجابي). المهم الطلبة الذين اخذوا ما اسميته الاغتراب الايجابي في تمسكهم الحرفي عما كتب عن الاغتراب بالفلسفة الغربية المعاصرة وقرأوه مترجما.

وكان احد المتابعين لفلسفة هوسرل الفينومينولوجية قال له يبدو انه لم يكن لقضايا العالم الخارجي نصيبا مؤثرا في فلسفته المغرقة في التجريد وهو يحاول ايجاد توليفة فلسفية تضم الفلسفة والعلم.

ليس دفاعا عن هوسرل في تماديه بالتجريد الفلسفي وانما انسجاما مع ماذهبنا له حول حقيقة الفلسفة تجريد منطقي غير ملتزم قضايا الانسان. عليه لا يمكننا ادانة هوسرل على القطيعة الاغترابية عن المجتمع وتاريخ الفلسفة باكمله هو تاريخ تجريد منطق اللغة الاغترابي عن الحياة اذا جاز لنا التعبير.

العزلة المجتمعية هي عند الفيلسوف اغتراب ايجابي مارسه الفارابي وابن سينا والمتصوف السهروردي وابن طفيل والمعرّي وعديدين غيرهم وما لا حصر لهم من فلاسفة ومتصوفين ومفكرين وفنانين عالميين.

هذا العزلة المجتمعية الاغترابية هي مبدعة ومنتجة بنفس الوقت. العزلة الاغترابية تشبه الى حد بعيد مقولة شبنجلر (التحدي والاستجابة) في نظريته حول نشوء الحضارات ومروها بمرحلة الشيخوخة والاضمحلال تاركة المجال امام الجديد المستحدث حضاريا من اخذ دوره التاريخي.

فالظروف القاسية التي تمر بمجتمع ما حتما تنعكس صورتها بابعاد اكثر مما تستوعبه الشرائح الاجتماعية المستلبة الحرية والحقوق التي ينوب بتمثيلها الفيلسوف او المفكر او السياسي او الفنان كلا باسلوبه الخاص به في التعبير عن هذه العزلة والاغترابية التي يعيشها ليس من اجل تحقيق ذاتيته بل من اجل الدفاع عن قضايا مجتمعه.

وحتى اغتراب بعض الناس العاديين من غير المنفصمين نفسيا بشزروفينيا مرضية هم ايضا يمارسون الاغترابية الايجابية في ادانتهم للحاكم او صاحب وسائل الانتاج الراسمالي الذي يسلبهم حقوقهم المشروعة كبشر يسعون لحياة كريمة هم وعوائلهم.

الماركسية وهوسرل ثانية

في مقالة لي سبقت تناولت الادانات العديدة لفلسفة الظواهر لهوسرل من قبل الماركسية التي اعتبرت الفينامينالوجيا تقليعة فلسفية طارئة مصيرها الزوال والاندثار. منها اتهام هوسرل انه عمد الى فصل الذات عن الوقع الاجتماعي وعن الفاعلية التكنيكية والصراع الطبقي والوضع التاريخي والوجود المادي الشامل في الطبيعة. وهنا اقتبس عبارات دكتور زكريا ابراهيم قوله : يبدو ان تلامذة هوسرل انفسهم قد فطنوا الى هذا الضعف. فقد كتب اوجين فنك يقول "هل باستطاعة الانسان المتفلسف ان يتهرب من السبيل التاريخي الذي انتهجته الفلسفة عامة. حينما لجأ هوسرل الى نهج الابتعاد عن الابعاد الخصبة للوجود البشري . ويجعل من الفينامينالوجيا سذاجة لا تاريخية ولازمنية تمثل الركيزة النهائية لفلسفة هوسرل ".

الحقيقة اننا يمكننا التعميم ليس بتبعية عمياء لفلسفة هوسرل كما اشرت له سابقا ان الفلسفة في مجمل تاريخها عدا الماركسية والذرائيعة الامريكية وتطويع سارتر الادب لفلسفته ماعدا هذه التحولات الانعطافية الفلسفية الثلاث التي اشرت لها في سطور سابقة من هذا المقال. فلا نعثر على تجرد فلسفي ينتصر لالتزام حياة الانسان بما يعيشها. اللاتاريخية واللازمنية التي دمغت بها فلسفة هوسرل الفينومينولوجية لا نعثر على فلسفة هي ليست لاتاريخية ولا زمنية طوال العصور . والسؤال لماذا؟

والاجابة كون خاصية الفلسفة انها فضاء لغوي تجريدي مفتوح يقبل الاضافات التراكمية (النوعية) ولا يلغي حاضرها ماضيها. اننا لو نظرنا بدقة لتاريخ الفلسفة لوجدناه جزرا متناثرة وليست مترابطة.

لقد حاول ميرلوبونتي وهو تلميذ هوسرل تلافي النقص اللاتاريخي واللازمني في فلسفة الظواهر وفشل بهذا المسعى فشلا ذريعا. ولم يكن العيب في القدرات الفلسفية لميرلي بونتي بل يعود الفشل الى طبيعة الفلسفة وليس قصور تفلسف الفلاسفة. الشيء الاهم ان جميع المشتغلين والمهتمين بالفلسفة انما يكتبون عن تفسيرات تاريخ الفلسفة برؤى جديدة ربما تكون نقدية كما افعل انا بكتاباتي وازوغ عن المنهج الاكاديمي الجامد وعن المنهج الاستعراضي المنذهل بعصمة الفلسفة الغربية المعاصرة ولا يذهله تساؤل لماذا لا امارس النقد والتحليل والاضافة الفلسفية؟

***

علي محمد اليوسف

في المثقف اليوم