أقلام ثقافية
جميل شيخو: القراءة روح الكتابة
القراءة روح الكتابة وهويتها؛ وسماؤها التي تحلق فيها!
ولا يحق لمن لايقرأ أو لايحسن القراءة أو لايحسن فهم ما يقرأ أن يمارس الكتابة ونشرها! حيث فاقد الشيء لايعطيه؛ ومن لا يتعلّم لايُعلّم!
كثيرون لا يقرأون أو لايحسنون القراءة، يكتبون ويمارسون الكتابة والنشر. ويعرضون أنفسهم كتابا وكتاباً كباراً! وهذا خلل واضح في الطالب والمطلوب؛ فالكتابة ليست استعراضاً، بل هي مسؤولية كبيرة وخطيرة، بمقدار ما تكون الكتابة كبيرة وخطيرة. نعم، الكتابة ليست استعراضا لأفكار عامة مكررة، بل هي علم وتعليم وإقناع وتأثير! وكل ذلك داخل دائرة أو معيار الحق والخير والجمال ومصاديقها ومظاهرها الحقيقية! حيث أن الكتابة مثل غيرها من الموجودات عنصر محايد ووسيلة محايدة، يستعملها البشر من أجل الحق والخير والجمال أو من أجل الباطل والشر والقبح! وهذه مبدأ أساسي للعلم والعمل يخلط فيه الخالطون خلطا كبيرا وخطيرا!
الكتابة تبدأ وتنتهي، أو ينبغي أن تبدأ وتنتهي بالحق والخير والجمال! وماذا بعد الحق والخير والجمال إلا الباطل والشر والقبح؟!
الكتابةُ قراءةٌ؛ الكتابة الجيدة قراءة جيدة، والكتابة السيئة قراءة سيئة.
القراءة فهم والكتابة بيان وممارسة ومعاناة لهذا الفهم.
النص لايكتب من فراغ؛ بل من "مكتبة افتراضية" في العقل والشعور والضمير!
وفرق كبير بين من يكتب بدمه كمايقال، وبين من يكتب بحبر وماء، حيث الدم تعتبير عن التعب والجهد والمعاناة والصدق في ذلك.
القراءة الجيدة تنقل القارئ من الرأي المرتبك الضال إلى الحقيقة الثابتة المهتدية. حيث لارأي نافعا، عند التحقيق، من غير حقيقة ثابتة أو حقائق ثابتة أو قواعد وأصول ثابتة، تعمل كمستندات ومعايير ثابتة. بخلاف ما يروجه السفسطائيون والآرائيون "السيالون" مع "السيولات" الواهمة الموهمة، حيث كل شيء عندهم سائل ومتغير، ويعرف العاقل المحقق أنه لا تغير من غير ثبات كما أنه "لا ثبات من غير تغير" كقاعدة وجودية عامة وشاملة.
القراءة المؤدبة تؤدب الكتابة، والكتابة التي لم تؤدبها قراءة مؤدبة تخرج كتابة ضالة منحرفة شاذة مهما كانت مقبوليتها الواقعية كبيرة! والأدب والتأديب يكون بمعيار الحق والخير والجمال؛ حيث أن هذا المعيار حاضر بالضرروة في كل حكم بشري أو سلوك أو موقف، ويستحيل الإنفكاك عنه! رغم الأخطاء الكبيرة والخطيرة، والخلط الكبير في تطبيقه على الأفكار والآراء والسلوكات والمواقف والحالات.
ومن فسدت قراءتُه فسدت كتابتُه!
***
جميل شيخو
الإثنين 29 / 12 / 2025







