أقلام ثقافية
غريب دوحي: محطات في سفر جابر بن حيان

اختلف المؤرخون وعامة الناس في شأن (جابر بن حيان) وليس غريباً ان تختلف الناس في امر العظماء من رجال العلم والفكر والادب والسياسة، فالفترة الطويلة التي عاشها جابر والتي امتدت الى اكثر من ثمانين عاماً او كما قيل بلغت تسعين عاماً كانت عبارة عن محطات علمية نهل منها الغرب الشيء الكثير في العصور الوسطى وخاصة في ميدان الكيمياء التي اطلق عليها علماء الغرب لقب (علم جابر)
المحطة الاولى:- مولده ونشأته:
اختلف المؤرخون في مكان ولادته فمنهم من قال انه ولد في مدينة طوس بخراسان فهو خراساني الاصل كوفي المنشأ وقيل انه خراساني الأصل بغدادي المنشأ، اما مولده فقيل انه ولد عام ١٢٠ هجرية الموافق ٧٣٣ ميلادية . ومنهم من ذكر انه ولد عام ٧٢١ ميلادية وأن والده قتل على يد الأمويين لأنه كان مناصراً للدعوة العباسية وقد عاصر جابر الخليفة الرشيد ثم الامين والمأمون وقد كان على اتصال بالبرامكة .
المحطة الثانية: انتماء جابر بن حيان
لقد اختلفت فيه الاقوال وتباينت نيه الآراء: فالمتصوفة يعتبرونه احدهم ولقب (بالصوفي) وزعم الفلاسفة انه فيلسوف لأنه الف كتبات في الفلسفة، واهل الصناعة قالوا انه منهم لكونه اشتغل بصياغة الذهب، أما الشيعة فيرون انه من الشيعة وقد تتلمذ على يد الامام جعفر الصادق، وينفرد الدكتور عبد العزيز نوار في مقال له نشر في مجلة الهلال المصرية لشهر نوفمبر العام ١٩٦٥ بان (جابر كان من الصائبة أوانه تأثر بالصائبة وعرف افلاطون عنى طريقهم ..) اما الفيلسوف والطبيب (الرازي) (فيسمي جابر بأسم الاستاذ)
المحلة الثالثة: محاولة جابر (صنع) إنسان. لقد اسهب الدكتور عبد الرحمن بدوي في كتابه (من تاريخ الالحاد في الاسلام) في هذه المسألة فذكر (.. وثمت ناحيه لها اكبر قيمة من الناحية الحضارية ومن الناحية الانسانية ونعني بها مسئلة (التكوين الصناعي) أي نخلق بالصناعة انواع من الكائنات تنتمي إلى الممالك الطبيعية الثلاث وخصوصاً المملكة الحيوانية..) ص ٢٢٦
ويستطرد قائلاً (... فاذا كان في وسع الكيمياء ان تستنبط مواد جديدة بتركيب الاجسام فلم لا تقوم بإنتاج النبات والحيوان بل وبخلق الانسان الصناعي ..) ص ٢٢٧.
ان فكرة تكوين انسان بالصناعة فكرة درسها علماء النهضة الأوربية وقد سبقهم فيها جابر بن حيان في نظرية سماها نظرية (الميزان) التي يقصد بها القوانين الكمية العددية التي تحكم كل شيء في الوجود الا ان جابر لم يتوصل الى نتائج حاسمة في زمانه واستمر هذا الموضوع كموضوع دراسة وبحث وتنظير حتى العصر الحديث وظهور كتاب (اصل الانواع) للعالم الانكليزي دارون في عام ١٨٥٩م الذي اكد فيه ان الكائنات من اصل واحد فأصبحت نظرية التطور التي جاء بها (دارون) بمثابة النجم الهادي لكافة الدراسات في علم الحياة .
المحطة الرابعة: جابر يمهد الطريق لإنتاج القنبلة الذرية.
هذه العبارة لم يقلها احد بل هي مجرد استنتاج لبعض العلماء المعاصرين الذين اخذوها من مؤلفات جابر في الكيمياء ذلك لأنه كان يعتمد على التجارب وقال (ان التجربة كمال العلم) كما انه اول من اشار الى قوة الربط الذرية التي كانت الاساس لعملية تفجير طاقة الذرة كقوله (في كل ذرة قوة لو امكن تحريرها لا حرقت بغداد) وقوله (ان جزء اصغر من المادة هو الذرة يحتوي على طاقة كثيفة يمكن ان تتجزأ وان الطاقة التي تنطلق من عملية التجزئة يمكن أن تقلب بغداد عاليها سافلها)
هذه العبارة التي وردت في مؤلفات جابر استنتج منها بعض العلماء المعاصرين انه كان له دور في فهم وتفسير بعض المفاهيم التي أدت إلى تطور القنبلة الذرية لاحقاً.
ومن المعروف أن أول من انتج القنبلة الذرية هو الامريكي (جولیوس روبرت اوبنهامر) خلال الحرب العالمية الثانية وقد استخدمتها الولايات المتحدة الامريكية ضد اليابان في عهد الرئيس الامريكي (ترومان) في قصف مدينتي (هيروشيما) و(نا كازاكي) وادت الى قتل الآلاف من اليابانيين واجبرت اليابان على الاستسلام .
***
غريب دوحي ناصر