أقلام ثقافية
توفيق التونچي: الثلاثاء.. البحث في الذاكرة
![](/images/2/1063_Salvador_Dali.jpg#joomlaImage://local-images/2/1063_Salvador_Dali.jpg?width=&height=)
وانا أتعدى السبعين ذاكرتي لا تسعفني دوما. أصبحت كذاكرة تلك السمكة اليابانية الحمراء والتي وضعت في إناء زجاجي على الطاولة تدور فيها وتدور فرحة. توضع في إناء بجنب مواد غذائية أخرى تبدّا كلها بحرف السين في اللغة الفارسية في مناسبة عزيزة على شعوب الشرق حين يبداً الربيع وتزدهر الزهور وتخضر أغصان الشجر وتتفتح براعمها إنها يوم نوروز المجيد.
لكن اليوم الأربعاء. أتذكر تقريبا كل شيء. لكني أردت ان أتذكر ما فعلته البارحة الثلاثاء.
هاتفت زوجتي وقالت:
لقد تحدثنا صباحا
فقلت لها أنا لا أتذكر.
عدت احسب الساعات إلى الوراء مجرد خواء فإذا بها كورقة بيضاء دون اي فعالية او نشاط لا أتذكر حتى الفطور اما وجبة أ لغذاء فأنا متأكد انه كان فاصوليا خضراء وربما ذهبت الىً خارجً البيت لشرب قهوتي المفضلة عند "بار لوقا" في مركز مدينة برج الطاحونة الأندلسية هذا المصيف البديع والواقع على ضفاف ساحل الشمس على آلبحر الأبيض المتوسط.
راجعت أوراق البنك علني أجد إذا كنت قد اشتريت شيء ما. أنها بيضاء لم أتبضع لم التقي باي صديق. تامل إني لا أتذكر متى بدأ المساء لكني من الغريب ان أتذكر باني شاهدت فلما عن "كونان البربر " للمثل ارنولد شفاتنزنيكر القسم الأول والثاني ثم نمت.
حلمت ربما لست متأكدا حتى من ذلك فاذا بي اقف أمام مرآة صغيرة كالكرستال ذو إطار ذهبي صورتي تنعكس منها صافية جدا.
لازلت لا أتذكر ما حصل البارحة. لا اعرف أحدا في هذا المكان. اجلس وحيدا في غرفتي الصغيرة أأسال الجدران عن البارحة ربما يتذكر ما حصل بين جدرانها الأربعة. كانت جارتي تحدثني عن أشياء لا افهمها ولأنها طرشا لا تسمع إلا القليل، لا أحاورها إلا لفترة ثواني لتختفي وبسرعه في شقتها. اما الجارة الأخرى فهي متمارضة على الدوام تتذكرني حين تفكر بحاجتها لبعض المال كذاك البنك الواقع عند طرف ساحة الشمس وأنا بدوري لا أتذكر لا أتذكر جيراني الآخرون في هذه العمارة يتغيرون دوما إنها تحتوى على اكثر من ستمائة شقة كيف لي ان اعرفهم جميعا اسلمً عليهم دوما بعضهم ينظرون الي بتعجب ويتركون المكان. إلا صاحبي ذو البشرة السمراء بواب العمارة "البني" وهذا اسمه هذا الإفريقي الخجول. أتحدث معه كل يوم. يقول لي أنت مثل أبي وافرح لنعته لي ب "أبي".
لا زلت لا أتذكر ما حصل البارحة الثلاثاء. كأن احدهم مسح ذاكرتي. تصور ان لا أتذكر حتى الفطور ربما لم افطر في ذلك الصباح واكتفيت بحبة من التمر العراقي وجوز جاء من هورمان.
هل أهاتف صديقي الأيرلندي "النبيل" ربما يعرف شيئا عن يوم البارحة لأننا نلتقي تقريبا يوميا لكنه تعدى الثمانون وربما لا يتذكرني هو الأخر او بالأحرى يجب ان اذهب الىً صاحب الحانة ، لوقا لإسالة انً كنت قد شربت القهوة البارحة اه نسيت ان والداه يديران الحانة وقد تعديا الثمانون ربما سوف يتساءلون من أكون أنا بنفسي ، الان، اه نسيت ربما التقيت بأحدهم او مررت من أمام محلات شارع القديس ميخائيل المزدحم وسلمت هي علي من تكون يا ترى؟ من؟ سأسال البقال المغربي فؤاد لعلي اشتريت منه بعض الفاكهة او الجزار جمال ولم لا ربما يعرف زميلي محمد التقي به في المدرسة يحدثني عن أيام زمان لا ينسى طبعا يجمل الحوار بكلمات فرنسية والإسبانية ونغمة امازيغية قادمة من الأطلسي عبر البحار أتساءل مرة أخرى كي أتذكر يجب ان يكون هناك حادثة تربطني بها وبالمكان او الأشخاص. لكن ذاكرتي أفرغت لا أتذكر الثلاثاء. مسحت كما تمسح ذاكرة الكومبيوتر. أتوه واقول لكم معترفا متأسف، اعتذر منكم جميعا ببساطة شديدة لا أتذكر الثلاثاء هل كنت نائما؟ ربما كنت فاقد الوعي وصحا الآن. انظر إلى الرزنامة المعلقة على الحائط إنها مؤرخة 3025.
أتساءل الآن بعد كل هذا البحث عن "الزمان" أترى مر دهر من الزمان ولا زلت ابحث عن ذاك الثلاثاء.
***
د. توفيق رفيق التونچي الأندلس
2025
.......................
* الصورة للرسام الاسباني سلفادور دالي.