أقلام ثقافية

علي الجنابي: بينَ تِلالِ الأدرياتِيك

(الكاتب: النصُّ يُعبر عن  رأي  شخصي ومعتقد ذاتي، فمَن شاء فليعتقد، ومن شاء فلينتقد).

قَالَتْ وأقبَلَتْ، وإذ العَشرُ بتَشبيك؛

"للهِ درُّ حَادٍ يَحدو بمساواةٍ مع الرَّجلِ الشَّريك، وللهِ درُّ شَادٍ يَشدو بها بتَحريك وتَكنيك، بينَ أبي وأخي وأبنِكَ وأخيك".

فقلتُ وأجمَلتُ، وإذِ الحَرفُ يتسربلُ بلا تَكتيك؛

ما كانتِ المُساواةُ بُنَيَّتي تَحريراً قطُّ، بل"تكتيكٌ" لتَفكيك، وأينَما نُصِبَت مَوائِدَ المُساواة مَمدُودَةً مَورُودة، فإنَّها مصائِدُ لتَفكيك ومَكائِدُ لعُصبَةٍ من صَعاليك، يتَقوَّلونَ حولَها بمجِّ قيلٍ سَمِجٍ دَيُّوثٍ رَكيك؛ "هيَ للرَّجلِ ضِدٍّ، وما خُلِقتِ لهُ بقرةً ذلولاً، بل هيَ شَريكٌ نِدٌّ لشَريك".

فكانَ أن نَهضَتِ الفتاةُ فرَكضَت فقَضَمَت جرعَةً من تَهي موائدَ بتَبريك. ألا ليتَها رفَضَت ونَفَضَت عن ثَوبِها فتاتَ موائِد التَّشكيك، واستَحَفظَت طَراوتِها سَكَناً لوليفٍ شَريك، تتَسامرُ وإيَّاهُ بزلالِ مودةٍ ورَحمةٍ على حنينٍ من أريك. تغمزُ لهُ تحت هِلالِ هَمسٍ إذِ الأنامل بتشبيك، وتُعانقُ عُنقَهُ بِعفَّةِ في ظلالِ رَبٍّ حكيمٍ رحيمٍ مَليك ﷻ. وما أدراكِ بهِذِي مساواةٍ بُنَيَّتي، ومايُدريك..

فكم من غادَةٍ ذاتِ يدٍ قصيرةٍ خَدَعُوها بذا "تَكتيك"،  وما يُدريك..

كم من امرأةٍ ذاتِ نَقصٍ في بَصيرة صَدَّعُوها بذا "تَشكيك"، وما يُدريك..

إذ آسَدوها بطلةَ شَقلَبةٍ عاريةً في مَسابحِ"أولمبيك". وأكسَدوها بغَبرةٍ مِن دكاكينَ من"بُوتيك"، وبكوكائينَ وذاكَ طُعْمِ طعامِ الصَّعاليك. وأفسَدوها ؛ أنتِ نايس بَيبِي لَفْلي كيرل، أنتِ مودَرن أنتِ"شِيك". وسَدَّدوها؛ ذاكَ الفَتى "كيُوت" يدفعُ نقداً بلا "شَيك". وإذ جَسَّدُوها بألحانٍ يَسبلُ لها حتَّى جفنيَ وجفنُ العَجوزِ من وراءِ الشَّبابيك. فَما كانَ لها إلّا أن تأفَّفَت فتأوَّهت بتبريك؛ آوَّاه، يالحظِّ"روزَ"على حَضنِ"جاك"في"التِّيتانيك". وثَمَّ وَسَّدوها حَذوَ سَاريةً على رمالِ الباسيفيك، عاريةً بينَ تلالِ الأدرياتيك الّا من قبَّعةٍ منَ المكسيك.  وثَمَّ مَسَّدوها عناقاً فتَقبيلاً، ثُمَّ تَدلِيك، وما أدراكِ ما (التدليك)!

التدليكُ بُنَيَّتي هُوَ وثيقةُ تخرُّجٍ من "كليةِ المساواةِ"، وحذارِ أن أن تَحيزيها أو أن تَنطقِيها بفِيك.

ثُمَّ إنَّهمُ استَعملُوها كسِلعةٍ بعدَما قَضُوا منها وطراً من التَّدليك. ثمَّ حينَ استَكفأَت جُيوبُهم وانطَفأت طَلَّتُها وأضحَى وجهُها وَجهَ عاملِ تَسليك، وكفُّها باتَ كَكَفِّ "صَبَّارَ أقجم" في ورشةِ "ميكانيك"، وانكَفأت حُلَّتُها وأمست تُشبهُ كسيرَ "سيراميكَ"، رَموها ولم تزلْ في زهرةِ العُمُرِ في دِرابِ الليلِ على دكَّةِ خشبٍ لا على أريك. تلعقُ جراحَها وتَتَجازِعُ مع ذاتِها المتَأوِّهَةَ، وتَتَنازعُ مع عَشْرِها بتَشبيك، وتَتَصارِعُ في حضنِ الليلِ مع حاجَتِها لشريكٍ عَفيفٍ أو حتَّى شبيهٍ زائفٍ لشَريك، كي يَسترَ جسَدَها المُخَرَّمَ بأصابع مساواةٍ من أولئكَ الصَّعاليك، ويدفَعَ عنها عَفَنَ سَكرانٍ مُتَرَنِّحٍ قادمٍ وشِيك، ولسانُ حالِها يَتفَوَّهُ من أوجاعِ ذاتٍ ذابلةٍ بلا تَحريك؛ {أمَنسيَّةٌ مثليَ أنتِ يا بومَةَ الليلِ من أبيكِ ومن أخيك. يا حَسرتِي على ما فرَّطتُ في طَراوةِ أنوثةٍ بدِهانات"بوتيك"ورِهاناتِ مُتَعرِّيَةٍ في مسبحِ"الأولمبيك"، وترهاتٍ زائفةٍ تٌحاكي هدايا نجمةِ "التَّايتانيك". ويا لخزي رَزايا "الباسيفيك" وقُبحِ بلايا "الأدرياتيك". وهاقد تَبَخَّرَ ماءُ الأنوثةُ بينَ هَذرٍ من تشكيكٍ، ومَذَرٍ من"تكتيك"، وتَنَخَّرَ ثوبُ طَهارَةٍ بعَهْارَةٍ وما ادَّخَرَ عِفَّةً فطَرَها عليِها الحَكيمُ المَليك ﷻ"، فأنَّى ليَ اليومَ يا صُعلوكُ أن أقاضيك. وأينَ أجدُكَ كي أقاضيكَ. بينَما أنت وراء سطرِ جرائِدِكَ وأطرِ سَمعِيِّكَ ومرئيك. ثمَّ لمَن أشكيك، وكلُّكمُ في ركبِ"المُساواة"صعاليك}.

إنَّهم لن يَذَرُوا أنوثةً على الأرضِ بلا تشكيكٍ إبتغاءَ تشبيكٍ ثمَّ تَدليك. إنَّهم إن يَذرُوها يَفقِدوا دَراهمَ دعايةٍ أُسُّها دعارةٌ بتدليك. إنَّهم حتَّى على علبةِ السَّردين رَسَموا خَدَّها وثَديَها وفخِذَاً بقطرٍ متينٍ سَميك. مُحالٌ أن يَتركوا طراوةً غادةٍ مادامَ "اِبليسُ"على ظَهرِها لآدمَ هوَ الشَّريك.

ولكن كلّا..

فلا تَشبيكَ عندَنا إلّا بعدَ زَفَّةٍ حَلالٍ، ثمَّ مَسٍ بمودَّةٍ ولمَسِّ برحمةٍ تحتَ ظلالِ الرَّبِّ المَليك. كلّا، ولا تَدليكَ لدينا إلّا بعدَ عفَّةٍ زلالٍ، ثمَّ بِسَهمٍ من همسٍ تحتَ هِلالٍ رَمسٍ على الأريك. وما مِن مِنهاجٍ جَمَعَ تَشبيكاً بعدَ زفَّةٍ وتَدليكاً بعدَ عِفَّةً إلّا شِرعَةَ ومِنهاجَ مُحَمَّدٍ ﷺ القَسيمِ الوَسيمِ والحبيبِ عندَ المليك.

ولن تَجدي نهجاً سواهُ -يا ذاتِ مساواةٍ- يقيكِ أن تكوني سَخلةً بينَ التيوسِ، ويُرشِدُكِ للعُلُوِّ، وللسُّمُو يَهديك.

لن تَجدي.

***

علي الجنابي

 

في المثقف اليوم