أقلام ثقافية
حسام عبد الحسين: مسلسل ولاد بديعة تتمرد على الليبرالية..
وسلافة معمار تستحق الاوسكار
إن السينما والمسرح والفن والادب تعبير في محتواها عن مصالح واخلاق الطبقة الحاكمة، كونها المتحكمة بشكل مباشر وغير مباشر في اموال الانتاج وقانون الهيئات التمثيلية والسينمائية ووسائل العرض والبث.
وهذا يرجع الى أن النظام الرأسمالي العالمي حين دخل في ازمة عالمية في عام ١٩٦٠ - ١٩٧٠ نتيجة صعود الاشتراكية، طورَ من نفسه (اي الرأسمالية) وأنتج النظام اللبرالي الذي عمل على تدخل الطبقة الحاكمة في كل ميادين الحياة من السينما والمسرح والفن والادب والرياضة..الخ. للسيطرة على المجتمع وزيادة الارباح المالية لافراد السلطة، لذا نجد لمساتهم ونشم رائحتهم في كل هذه المجالات.
إن مسلسل ولاد بديعة التي عرض في رمضان ٢٠٢٤ قد اعطى حقيقة الظواهر الاجتماعية الواقعية.
ويمكن التمعن والتوقف في قضايا المسلسل:
⁃ مسألة الاغنياء: يُبين المسلسل أن جميع الاغنياء سراق، ويقسم طرق السرقة، وتتم عمليات غسيل الاموال للتغطية عليها، هنا تتضح قدرة الكاتب العلمية في الاقتصاد بان دوران الاموال لا يمكن كسبه واستثماره بشكل طبيعي وجهد عملي لتكوين الثراء وانما يتم بالسرقة، وباقل تقدير دون مبدأ كأرباح مشاهير كرة القدم حيث الاعلى منهم سراق المال العام ويتم غسيل الاموال في كرة القدم.
⁃ استغلال الدين: حين عجز (مختار) في اخفاء فشله وعقده النفسية وجرائمه بقتل والدته من اجل الميراث وقتل زوجة ابيه (بديعة) وظلم اولادها ودمر صديقه، واستمرت احقاده، لم يجد ألذ واضمن وسيلة من استغلال الدين كونه اداة مهيئة لذلك، والسلطة السياسية داعمة له للسيطرة على المجتمع، لذا (مختار) كسب المجتمع والسلطة وحماية نفسه وامواله، ولولا افتضاح جريمة القتل لاحد "الشيوخ" للرأي العام لما تم القبض عليه.
⁃ انانية الاب: ان كل العاهات في شخصية (مختار) وكل ردود الفعل لاولاد بديعة هي نتيجة انانية والدهم (عارف الدباغ)، وهذا طرح حقيقي لمشكلات المجتمع والتي غالبا تلونها الدراما بقدسية الاب ووجوب طاعته واعطائه سلطة ابوية تنسجم مع اخلاق وارادة الطبقة الحاكمة.
⁃ احقاد الام: كشفت المسلسل كيفية تبث الام احقادها ودسائسها الملونة بالحنان والعاطفة وتحفر كلماتها المدمرة في عقل ابنها (مختار) ويستمر الصراع الطبقي مع نفسه واخوته والمجتمع.
⁃ الصراع الطبقي: ينتج عن توزيع غير عادل لثروة البلد، لذا الصراعات في المسلسل نتيجة هذا الصراع، وما الصراعات داخل المجتمعات جميعها نتيجة هذا الصراع لا غير.
⁃ اولاد الحرام: ابدعت المسلسل في ايضاح حقيقة أن اولاد “الحرام” بشر متساويين مع باقي البشر، وما هذا المصطلح (ابن الحرام) الا طريقة ابتكرها الساسة لاسقاط معارضيهم وخصومهم سياسيا واجتماعيا.
⁃ الحب: فسد نتيجة الصراع الطبقي الناتج عن الفوارق المالية لا غير، ولا وجود لاي مشكلة اخرى تفسده او تنهيه، وهنا بينت المسلسل في عدة مشاهد ذلك.
⁃ الشهادات الاكاديمية تمنح هدايا للاغنياء كما فعل والد زوجة شاهين. اثبتت المسلسل ان هذه الشهادات لا تنتمي الى الوعي ولا الى الثقافة في شيء، حيث المناهج الدراسة انعكاس مباشر لاخلاق السلطة.
⁃ ركزت المسلسل في الحلقة الاخيرة عن الهجرة من الريف الى المدينة. هذه القضية انتاج الطبقة الحاكمة للتمايز والتفريق بين اهل الريف والمدينة وبالتالي؛ ارباح مالية للطبقة الحاكمة وسيطرة فكرية وجمهور انتخابي..الخ.
⁃ الطبقة الحاكمة في الانظمة الرأسمالية تتهرب من مسؤولياتها، وخصوصا النساء أمثال حالة (بديعة) فلو كان دور للدولة في حمايتها لما تم التحرش بها واستغلالها من (عارف الدباغ)، وملايين الحالات امثالها في مجتمعات العالم.
ولا ننسى أن التحرش صناعة سياسية لاضطهاد المرأة وارجاعها الى البيت والمطبخ وضرب فكرة المساواة التامة مع الرجل، كما حدث في الثورتين التونسية والمصرية بارسال مجاميع داخل المتظاهرين للتحرش بالنساء لاسكات صوتهن.
ولاد بديعة مسلسل فكري توعوي وشامل للدراما والكوميديا والاكشن والغموض والرومانسية وحتى السيناريو والحوار طُرح بطريقة فكرية.
ملاحظة: أن الممثلات الحائزات على جائزة الاوسكار أمثال رينيه زيلويغر وفرانسيس مكدورماند وإيما ستون وبري لارسون لم تكن سلافة معمار أقل منهن في دور (سكر)، بدليل: يمكن مراجعة افلامهن والمقارنة مع (سكر).
***
حسام عبد الحسين