علوم
معضلة الزمن بين حياة وموت كوننا المرئي (2)
هل يستمر الزمن الكوني في حال توقف ساعات الأرض عن العمل؟ وهل الزمن الذي يمر على الأرض هو نفس الزمن الذي يمر على باقي الكواكب والنجوم والمجرات في الكون؟ الجواب هو بالنفي بالرغم من تعريف نيوتن للزمن الكوني بأنه زمن مطلق يتدفق بانتظام دون أن تكون له، علاقة أو يتأثر، بأي شيء خارجي على الإطلاق، فهو ثابت وغير قابل للارتداد والانعكاس والعودة إلى الوراء. في حين أكد آينشتين منذ عام 1905 في نظريته النسبية عدم وجود زمن كلي مطلق بل نسبي، وهو مرتبط بالحركة والثقالة، والشيء المطلق الوحيد في الكون المرئي هو سرعة الضوء التي تقدر بــ 300000 كلم/ثانية، وإن الزمن يتمدد ومتغير ومرتبط عضوياً بالمكان في وحدة لا تنفصم سماها الزمكان وإن الثقالة أو الجاذبية تؤثر في انحناء وتحدب المكان والزمان معاً . فالثقالة تقوم بتبطيء الزمن وكلما كانت الثقالة كبيرة كان التأثير كبيراً على الزمن كما لاحظ العلماء وأثبتوا ذلك مختبرياً وتجريبياً، وإن أكثر مكان يتأثر فيه الزمن هو بالقرب من الثقب الأسود حيث يبدو الزمن متوقفاً مقارنة بالزمن الذي يمر على مناطق بعيدة عن الثقب الأسود. وبهذا الصدد كتب آينشتين بعد وفاة صديقة ميشيل بيسو: " أننا معشر العلماء نعتقد أن الزمن وهم وإن الفصل بين الماضي والحاضر والمستقبل وهم أيضاً وإن كان وهماً مقنعاً ". و لا يوجد في نظرية آينشتين ما يمنع التفكير في إمكانية السفر عبر الزمن خاصة إلى المستقبل. بمعنى أن هناك اتجاه ملموس للزمن يسمى بسهم الزمن وهو عادة من الماضي إلى المستقبل مروراً بالحاضر . قال العالم جون ويلر ذات مرة مازحاً:" إذا سألت الذرة عن سهم الزمن فسوف تضحك عليك وتسخر منك" وهذا ينطبق على الكون المرئي برمته. وفي لحظة الانفجار العظيم قبل 13.8 مليار سنة، كان الأنتوربي entropieــ وهو مقياس الفوضى في نظام ــ منخفض جداً ومع توسع الكون وتمدده وتضخمه زاد الأنتروبي باضطراد كما يخبرنا قانون الترموديناميك الثاني، ومن هنا نشأ الشعور بسهم الزمن. و لا أحد يعرف على وجه الدقة ما إذا كان الزمن قد بدأ بالفعل مع نشوء الكون، أي إن الانفجار العظيم هو الأصل والحد الأقصى للزمن، ومن البديهي القول أن ليس هناك أحد يعرف ما إذا كان هناك زمن قبل ذلك الزمن الذي بدأ للتو مع ولادة الكون المرئي وعلى وجه الدقة في 10-32 من الثانية الأولى بعد حدث الانفجار العظيم البغ بانغ، بتعبير آخر هل كان هناك زمن قبل الانفجار العظيم البغ بانغ. ولكن على مستوى مادون الذري أي في نطاق اللامتناهي في الصغر في عالم الكموم أو الكوانتوم، تم التعاطي مع الزمن من منظور نيوتن وليس آينشتين، وهنا مكمن صعوبة الجمع والتوحيد بين النظريتين الكوانتية أو الكمومية والنسبية، والحال أن معضلة الزمن تسببت بمشاكل عويصة حتى داخل النظرية الكوانتية أو الكمومية وخلقت الكثير من التشوش والغموض، وفي حالة تطبيق نظرية الكم أو الكوانتوم على الكون الواسع أي اللامتناهي في الكبر يختفي عامل الزمن من المعادلات الرياضياتية، وأعتبر البعض أن الزمن غير موجود وهو مجرد وهم عكس ما يصر عليه العالم لي سمولن ويعتبره موجوداً ومستقلاً. وإن الزمكان الآينشتيني ما هو إلا حالة ناشئة خاصة بالكون المرئي نجمت عن الانفجار العظيم . لذا يبقى السؤال قائماً: هل الزمن واقعي وحقيقي، أي كينونة حقيقية كونية موجودة، أي جزء من المادة، أم هو وهم مختلق ومفهوم بشري ؟ وما تأثير ذلك على صورة وحقيقة وطبيعة وماهية الكون؟ ما هي المعاني الحقيقية لمفاهيم القبل والبعد، الماضي والحاضر والمستقبل، و الآن وفيما بعد؟
يخبرنا القانون الثاني للترموديناميك ، أو الديناميكا الحرارية، أنه في إطار مراحل زمنية قصيرة هناك فرص في أن يكون التغيير في الأنتروبي إيجابياً أو منعدماً في أسوء الأحوال. فلو بدأنا إعدادات خارج التوازن فهذا يعني أننا بدأنا ترتيباً أو إعداداً configuration ضعيفاً للاحتمالية، أي أنتروبي ضعيف وما سينتج على نحو محتمل من جراء هذا الإعداد هو أنه سيكون عشوائياً بفعل تصادم الذرات مما سوف يزيد من درجة الاحتمالية لهذا الإعداد وبالتالي يزداد الأنتروبي نسبياً.
وعلى ضوء ذلك فإنه إذا كان الكون في حالة توازن فهو لا يمكن إلا أن يكون معقداً ومركباً وليس بسيطاً لأن العمليات العشوائية التي تقوده للتوازن تدمر أي حالة تنظيم ولكن ذلك لا يعني أن التعقيد يمكن قياسه بغياب الأنتروبي لذلك نحن بحاجة إلى مفاهيم تتجاوز ترموديناميك أنظمة التوازن.
لو تناولنا موضوع علم الكون أو الكوسمولوجيا من منظور ترموديناميكي، وتساءلنا لماذا يبدو الكون جذاباً ويحظى باهتمامنا سيكون التعاطي أكثر حيرة ومدعاة للفضول intriguant . فمن زاوية المنظومة النيوتنية أو المفهوم والنموذج النيوتني paradigme فإن الكون يحكمه حل أو قانون solution ومعادلات لقانون ما. ويمكن مقاربة مثل هذا القانون بالجمع بين النسبية العامة ونموذج معياري لفيزياء الجسيمات، و لا أهمية للتفاصيل الأخرى. والحل أو المعطى الذي يحكم الكون ويسيره منتقى من بين عدد لامتناهي من الحلول أو القوانين أو المعطيات، ويمكن تحديده باختيار للشروط أو الظروف الأساسية الأولية التي كانت موجودة في لحظة، أو بجوار لحظة،الانفجار العظيم.
ما يخبرنا به الترموديناميك هو أنه، " كل حل solution تقريباً من قوانين الفيزياء يصف كوناً يكون في حالة توازن، لأن التوازن بحكم تعريفه وبطبيعته، مكون من الإعدادات والترتيبات configurations الأكثر احتمالية". كما أن هناك علاقة تضمينية للتوازن تقول أن حلاً نموذجياً أو نمطياً solution typique لقوانين، هو بالضرورة تناظري مع الزمن، بمعنى ــ أن أية تقلبات وتخلخلات fluctuations موضعية محلية نحو حالة أكثر انتظاماً تكون محتملة بقدر احتمالية تقلبات أو تخلخلات نحو حالة أقل انتظاماً ــ لو عرضنا فيلم النظام بالمعكوس فهو سيعطينا تاريخاً محتملاً ومتناظراً من ناحية الزمن يتيح لنا القول على نحو إجمالي، بعدم وجود سهم للزمن. والحال أن كوننا لايشبه بأي حال هذه القوانين والحلول النمطية من القوانين. واليوم، وبعد مضي 13.8 مليار سنة على حدث الانفجار العظيم، لا يوجد كوننا في حالة توازن. والحل أو القانون الذي يصف كوننا هو لا متناظر من ناحية الزمن، وخصائصه غير محتملة، فيما لو أختير القانون أو الحل على نحو عشوائي أو بالمصادفة par hasard. كان أول معلم من معالم تعشق تروس الزمن في آلة الكون هو ما تم الكشف عنه مؤخراً وهو قانون النطاق loi d’échelle الذي قاد الطاقة الأولية البدئية للكون الوليد لكي تغدو بلازما من الجسيمات الأولية وهي التي بدورها أدت إلى ظهور واقعنا الذي نعيشه الآن ومن ذلك نرى كيف أن سهم الزمن لم يفحص وغيب في مخاضات نفس القانون ألا وهو قانون الترموديناميك . ولكن إذا أدركنا كيف يجري الزمن فهذا لايعني أننا نعرف طبيعته وكنهه وماهيته، والسؤال الذي يتردد هو : هل يدعم الترموديناميك ويأخذ على عاتقه كامل مفهوم الزمن ؟ لا أحد يشك بصلاحية هذه الفرضية أو النظرية وأغلب العلماء والفيزيائيين يتفقون على أنها الوحيدة التي تصيغ بوضوح مقولة الزمن الذي نعرفه وندركه، مهما كان المستوى أو النطاق، وفي كل لحظة، فإن المادة تتحول بدون انعكاس، فالأجسام تشيخ والمادة تتبعثر والكون يتوازن . وما أن ندرك ما يشبه تجربتنا بالزمن، أي التمييز بين الماضي والمستقبل، تتدخل الحرارة في عملية الإدراك. ولكن هل هذا الزمن الحراري temps thermique هو الزمن الحقيقي؟ هل هو حقاً المفهوم الكوني الشمولي والنهائي الذي يطبق منذ بداية الكون إلى نهايته وعلى كافة المستويات والنطاقات؟ لأن جوهر الترموديناميك ــ بما أننا ننطلق من نظرية للغازات ـ يصف لنا سهم زمن محلي في نظام معزول ومتجانس أو متسق، والحال أن الكون في حالة توسع وتمدد لانهائي ومليء بأنظمة دنيا فرعية غير متجانسة . فالترموديناميك يعمل بصور جيدة في أنظمة مغلقة وقريبة من التوازن الحراري . إلا أن سلوك نظام شمولي مثل الكون في حالة تمدد وتوسع دائم، أمر مختلف تماماً . وعندما يتم تعميم هذا الزمن الحراري على الكون برمته يواجه الفيزيائيون عقبة : فالترموديناميك يفترض أنه هذا النوع من الزمن بدأ جريانه مع حد أدنى من الأنتروبي، ومع إعداد أو ترتيب في غاية اللانمطية للمادة، ومع فرادة غير قابلة للتفسير. فمن جهة هناك المبدأ الثاني للترموديناميك الذي يقول أن كل نظام يتطور طبيعياً نحو حالة نموذجية أو نمطية هي الأكثر احتمالاً، وفي نفس الوقت نفترض أن الكون بدأ في حالة في غاية اللانمطية، أي شاذة وغير قياسية وغير محتملة. والمعروف أن العلماء والفيزيائيين لايحبون الفرادات المتطرفة ما يدفعهم للاعتقاد أن الطبيعة والماهية الحقيقية للزمن ما تزال خفية، وإن الزمن الحراري ليس سوى حالة خاصة، مجرد تجلي يتوافق مع مستوى إدراكنا، وبالتالي لابد من العمل على اكتشاف الجوهر الحقيقي والماهية الحقيقية للطبيعة. والحال لو وضعنا الترموديناميك جانباً، لا توجد أية نظرية أخرى للتفكير بالزمن أو تتعاطى مع الزمن penser le temps، فكل قوانين الفيزياء الجوهرية الأخرى التي تسير الكون والمادة خالية من مفهوم اللاإنعكاسية أو فكرة اللارجعة notion d’irréversibilité، هذا هو المفهوم الأساسي، المفتاح الذي يقود ظاهرة لكي تحدث في اتجاه ما وليس في إتجاه آخر، والتمييز بين الماضي والمستقبل. وكان هذا هو واقع الحال من الصياغات الرياضياتية الشكلية الأولى التي قدمها إسحق نيوتن في القرن السابع عشر حيث نعثر على مؤشر حقيقي لتطور الظواهر في الزمن ولكن لا وجود لسهم الزمن، سواء في قانون حركة الأجسام الذي أدخله نيوتن في المعادلات التي تصف انتشار الموجات الكهرومغناطيسية لماكسويل أو في غيرها من معادلاته، فالزمن متناظر على نحو غريب وكل شيء قابل للعودة والرجوع . فكل تلك الأشياء الرياضياتية تتسامى بالزمن على حد تعبير العالم الفيزيائي لي سمولن Lee Smolin. المثير للاضطراب والحيرة أكثر هو مفهوم " الحاضر " و " الآن " الكوني الذي نفهمه وندركه ونتشاركه جميعاً والذي تبخر منذ أن أعاد آينشتين صياغة ميكانيك نيوتن داخل نظريته النسبية منذ أول أبحاثة المنشورة في هذا المجال سنة 1905 حيث اختفى مفهوم التزامن simultanéité. فلا وجود لساعة كونية تشير إلى وقت وزمن واحد وموحد نسترشد به ونرجع إليه في جميع أرجاء الكون أياً كان موقعنا في الفضاء . فالتزامن وتوحيد التوقيتات يتطلب اتاصل والحال أنه لا يوجد اتصال أسرع من الضوء، ونحن نعرف أن سرعة الضوء محددة ومحدودة بــ 300000 كلم/ثانية من هنا حطم آينشتين وألغى إطلاقية الزمن مثبتاً أن قياساً للزمن يعتمد على سرعتنا في الفضاء، والزمن يختلف من مكان لآخر حسب السرعة والثقالة . فهندسة التحدب والإنحناء للفضاء تستند إلى توزع المادة وكتلتها. وكما قال آينشتين الوقت يمر أسرع فوق الجبال مما هو على الأرض المسطحة أو فوق سطح البحر حيث يغدو الفضاء ديناميك . وحتى في نظرية الكموم أو الكوانتوم، حيث يجب البحث عن الأجوبة في قلب أصغر المكونات المادية . فالكوانتوم la quantique أو الكم يؤسس الترموديناميك الذي يتحكم بالزمن الماكروسكوبي . فهناك عالم متسق متجانس، ومع ذلك فإن إحدى معادلاته الجوهرية الأساسية، وهي معادلة شرودينغر، هي تماثلية وتناظرية كما هو الحال عند نيوتن وآينشتين . أما المعادلات الكمومية أو الكوانتية الأخرى فتوحي بضرورة البحث في شكل آخر من التزامنية لوصف الظواهر، وهي المعروفة بالتشابك الكمومي أو الكوانتي intrication الذي يتحدى الزمكان الآينشتيني ويقول بوسع جسيمين أن يرتبطا ببعض لحظياً أو آنياً مهما كانت المسافة المكانية التي تفصل بينهما.أغلب العلماء يلتزم الصمت فيما يخص معضلة الزمن . فالفيزياء لا تصف ولا تشرح كيف تتطور الأشياء في الزمن بل كيف تتطور في زمنها هي فلكل شيء زمنه الخاص، وكيف تتطور تلك الأزمنة بعضها بالنسبة للبعض الآخر، كما قال العالم كارلو روفيللي في كتابه المكرس للزمن. لذلك يضطر العلماء للمغامرة خارج حدود النظريات السائدة ومحاولة استكشاف أرضيات جديدة وغير مؤكدة . فهناك من يشدد على البحث في أعماق العالم الكمومي أو الكوانتي، فصفة العكوسية أو قابلية الرجوع للعالم الميكروسكوبي ليست حالة ظاهرية، والشكلانية الكمومية أو الكوانتية تنم عن مبدأ ذا نظام عميق بوسعه توليد الزمن . البعض الآخر يقول بضرورة البحث في أسرار الثقالة والبحث عن طريق ثالث بين نيوتن وآينشتين. فالنظرية الكمومية تصف جيداً أنظمة مصغرة لكن تعميمها على النطاق الكوسمولوجي ليس بالأمر البديهي كما يقول العالم لي سمولن والحال أن القانون المهمين في المستوى الكوسمولوجي هو الثقالة وإن الزمن يختفي وراء ذلك المجهول الكبير الذي يمنع توحيد الفيزياء الكمومية أو الكوانتية مع الفيزياء النسبية الكلاسيكية والترموديناميك من هنا يمكننا القول إن أكبر تحدي أمام علماء الفيزياء في القرن الواحد والعشرين هو إعادة التفكير بمفهوم الزمن لأنه المفتاح الذي سيفتح لنا آفاقاً جديدة وجريئة على حد تعبير لي سمولن في كتابه " إنبعاث أو ولادة الزمن ثانية la renaissance du temps" والذي يصيغ نظرية تقول إن الفضاء أو المكان ولد من الزمن فهذا الأخير هو الأصل. أتباع التيار الأول وعلى رأسهم آلان كون Alain Connes و كارلو روفيللي Carlo Rovelli يقولون بأن الحقيقة الحقة في الكون لا تتمثل بمرور الزمن بل في ما يسمى بالمصادفة الكوانتية أو الكمومية aléa quantique، وهي بمثابة ضربة النرد أي المخاطرة الكمومية ويصيغون آلية متقنة رياضياتياً لإثبات أن الزمن ينبثق من المعرفة الجزئية للنظام الكمومي أو الكوانتي ما يعني أن جهلنا بتفاصيل العالم الكمومي أو الكوانتي الملازم للنظرية هو الذي يفرض علينا شكل من أشكال النظام أي الزمن. وإن هذا الزمن الكوانتي أو الكمومي ناجم عن خاصية من الخواص الكمومية أو الكوانتية المرصودة وهو غير قابل للتبدل فقياس السرعة والموقع بهذا التعاقب لجسيم أولي لا يعطي نفس النتيجة فيما لو قسنا أو حسبنا العملية بالتعاقب المعكوس أي الموقع ثم السرعة وإن الخاصية غير التبديلية هي التي تؤدي إلى ولادة الزمن الترموديناميكي عبر معادلة كوبو-مارتن-شوينغر Kubo-Martin-Schwinger علماً أن الزمن الكمومي أو الكوانتي والزمن الترموديناميكي مترابطان على نحو وثيق. فيما يقول العالم كارلو روفيللي إن النظرية الجوهرية للطبيعة يمكن أن تصاغ دون حاجة لاستخدام المبدأ المتعارف عليه للزمن في إطار نظرية الثقالة الكمومية أو الكوانتية العروية أو الحلقية la gravitation quantique à boucles في سياق مساعي توحيد النسبية والميكانيك الكمومي أو الكوانتي في الفيزياء، ويعتقد أن إدراكنا للزمن ناجم عن جهلنا الكلي لطبيعته وماهيته الحقيقية لذلك فهو، أي الزمن الحقيقي، غير موجود . وبالمقابل يشدد العالم لي سمولن على أن الزمن هو الشيء الجوهري الوحيد في الطبيعة، وهو المؤشر الأفضل لدينا عن الواقع والشيء الوحيد الواقعي في الطبيعة لذا يجب إعادة النظر كلياً في الفيزياء، وبالخصوص في النظرية الكمومية أو الكوانتية بغية جعلها قابلية للتطبيق على مستوى الكون كله أي تطبيقها في مجال علم الكونيات الكوسمولوجيا وهو يضع الزمن في مكانة قصوى فهو موجود وفي قلب كوننا وسر أسراره أما المكان، خاصة في النطاق الكمومي أو الكوانتي وما دون الذري، في اللامتناهي في الصغر، فهو ليس معطى أو مفهوم جوهري وهو الذي ينبثق عن الزمن، أي زمكان ذو هندسة كمومية متجانسة لا يظهر إلا في النماذج التي تفترض حقيقة وجود الزمن وواقعيته وبالتالي فهو يعتقد أن قوانين الطبيعة خاضعة للزمن ومأمورة ومقيدة بالزمن ويمكنها أن تتطور في أحضانه .
د. جواد بشارة