قضايا

مجدي إبراهيم: ميراث النبوة

يتجدّد ميراث النبوة بالعمل، ويُحيي في القلب التأمل المشروط على شرطه. وشرطه انطباع صورته الشريفة في خيال الذاكرين. ما من فرحة تدخل قلب مسلم محبّ أشدّ ولا أعلى من فرحة ذكره صلوات الله وسلامه عليه، على الحضور والسعة. وما من مجلس أطيب ولا أندى من مجلس يُذكر فيه مناقبه الشريفة وعاداته مع ربّه وسننه المتواترة بمطلع النور .

(قل إنْ كنتم تحبُّون الله فاتّبعوني يحببكم الله).

هذا شرط من يريد محبّة الله  اتّباع خطاه، صلوات الله وسلامه عليه.

وعين الاتباع ميراث النبوة على التحقيق. ولكنه ميراث مثقل بالتبعات، وكل تبعة تحتها تكليف، ولا يخلو تكليف من تحمل المسؤولية في شجاعة الأبطال الشرفاء.

ومن هنا جاءت المحبّة مقرونة بعين الاتباع، فلا طمع في محبة الله وميراث النبوة مهجور، والتكليف فيه منبوذ أو تحت طينة الطبع النابي الجاف الغليظ مقهور.

وفي ميراث النبوة يلزم للعمال لله ميزانٌ صادق على الدوام هو ميزان التوبة.

وقد تندرج في هذه الجزئية خصوصية هى من ميراث النبوة على التحقيق؛ فلأهل الخصوص من الأولياء : الشفاعة وهي انصباب النور على جوهر النبوة؛ فينبسط إلى أهل الشفاعة من الأنبياء والأولياء، وتندفع الأنوار إلى الخلق. فالأولياء شفعاء للمؤمنين ولكن فيما ليس بكفر ولا بمعصية، بل في “حق بحق”.

وشفاعة الكافر والعاصي هى التوبة. إنّما الشفاعة للمؤمنين بالدعاء لهم، والتضرع إلى الله أن يرفع درجاتهم، بوصف أن الأولياء ورثة الأنبياء، ينوبون عن صاحب الرسالة والشفاعة، ويقومون مقامه متى لزم ذلك.

ولا تصح الشفاعة للمستهترين أو للعصاة أو للمنافقين، ولكنها تصح للمستغفرين التائبين؛ عسى الله أن يتقبل توبتهم فيغفر لهم ثم يزكيهم بمحبتهم له، أو بمحبته لهم؛ فإنّ التوبة عمل مثمر يتدرج بالتائب من حالة إلى حالة، كيما يكون أهلاً لاندفاع الأنوار المنبسطة من جوهر النبوّة إلى النواب الشافعين.

***

بقلم : د. مجدي إبراهيم

 

في المثقف اليوم