آراء
قانون فولستيد لتحريم الخمور في أمريكا
وكيف حوٌلها إلى بلد المخدرات والمافيات الأول:
إن السياسي الذي لا يأخذ العبرة من تجارب الشعوب الأخرى ليس رجل دولة بل مستبد صغير وأعمى بصيرة يريد فرض دولته الخاصة فينتهي بتدمير المجتمع والدولة معا: قانون فولستيد، نسبة الى أندرو فولستيد رئيس لجنة القضاء في البرلمان الاميركي، منع بيع، تصنيع ونقل المشروبات الكحولية في الولايات المتحدة في الفترة ما بين 1920 - 1933. وقد أُلغي القانون في 5 ديسمبر 1933.
أثار القانون جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة، فالمؤيدون وصفوا الحظر بالتجربة النبيلة وقدموه كانتصار للأخلاق الحميدة وصحة العامة. فيما اتهم المعارضون مؤيدي الحظر بفرض توجهات دينية بروتستانتية ريفية على أبناء المدن.
كان فرض الحظر صعباً على السلطات التنفيذية لغياب تأييد شعبي، بالإضافة إلى أنه كان سبباً رئيسيا في نمو العديد من المنظمات الإجرامية ونشوء السوق السوداء. ظهر في فترة الحظر أحد أشهر رجال العصابات الأمريكيين المدعو آل كابوني وارتفعت نسب الفساد بين السياسيين ومنسوبي أجهزة الأمن.
في 22 مارس 1933، وافق الرئيس روزفلت على قانون يسمح بصناعة وبيع النبيذ والبيرة منخفضة الكحول وعرف القانون باسم «هاريسون» تيمنا بمتبنيه السيناتور بات هاريسون.
وقد رفضت بعض الولايات مثل ماريلاند ونيويورك الحظر. افتقر إنفاذ القانون بموجب التعديل الثامن عشر إلى سلطة مركزية. واستُدعي رجال الدين لتشكيل مجموعات أهلية للمساعدة في تنفيذ الحظر. علاوة على ذلك، ساهمت الجغرافيا الأمريكية في صعوبة تطبيق الحظر. وفي نهاية المطاف، اعتُرف عند إلغائه بأن الوسائل التي يُنفذ من خلالها القانون لم تكن عملية.
ففي شيشرون، إلينوي، (إحدى ضواحي شيكاغو) سمح انتشار المجتمعات العرقية التي لديها تعاطف مع زعيم المافيا البارز آل كابوني بالعمل على الرغم من وجود الشرطة.
وتحدثت جماعة كو كلوكس كلان (العنصرية الدينية المتطرفة) كثيرا عن إدانة المهربين وهددت باتخاذ إجراءات خاصة ضد المجرمين المعروفين.
خلق الحظر سوقا سوداء لبيع الكحوليات وانتشرت تجارة المخدرات وأصبحت تنافس الاقتصاد الرسمي، والذي تعرض للضغط عندما حدث الكساد الكبير في عام 1929. كانت حكومات الولايات بحاجة ماسة إلى الإيرادات الضريبية التي حققتها مبيعات الكحول. انتُخب فرانكلين روزفلت في عام 1932 بناءً على وعده بإنهاء الحظر، مما أثر في دعمه للتصديق على التعديل الحادي والعشرين لإلغاء الحظر وألغي التعديل الثامن عشر في 5 ديسمبر 1933، مع التصديق على التعديل الحادي والعشرين لدستور الولايات المتحدة. على الرغم من جهود هيبر ج.غرانت، رئيس كنيسة يسوع المسيح، صوت أعضاء يوتا البالغ عددهم 21 عضوا في المؤتمر الدستوري بالإجماع في ذلك اليوم للتصديق على التعديل الحادي والعشرين، مما يجعل يوتا الولاية السادسة والثلاثين التي يتعين عليها القيام بذلك.
بعد إلغاء قانون الحظر، اعترف بعض المؤيدين السابقين له علانية بالفشل. فمثلًا، أوضح الملياردير جون دي روكفلر وجهة نظره في خطاب عام 1932. وقال:
عندما حدث الحظر، كنت آمل أنه سيُدعَم على نطاق واسع من قبل الرأي العام وسيأتي قريبا اليوم الذي سيعترف به العالم بالآثار الشريرة للكحول. لقد توصلت ببطء وعلى مضض إلى الاعتقاد بأن هذه لم تكن النتيجة. بدلا من ذلك، ازداد الشرب بشكل عام. ظهرت مجموعة كبيرة من الخارجين على القانون، لقد تجاهل العديد من أفضل مواطنينا الحظر علانية، وتراجع احترام القانون بشكل كبير، وارتفعت الجريمة إلى مستوى لم يسبق له مثيل من قبل." وأخيرا فقد أطلق على هذا القانون اسم "أغبى قانون في التاريخ" بعد قانون تكساس الذي يمنع استعمال الأيدي في المزاح!
منقول باختصار عن التعريف بقانون فولستيد في الموسوعات الحرة، ومقالة مترجمة في الذكرى المئوية لصدوره.
***
علاء اللامي