نصوص أدبية

كريم الأسدي: الى بغداد..

(بغداد)... المقطع الأول

كمْ كبا خطوُها ثمَّ عادتْ

لتسرجَ مِن سابحِ الريحِ ظهرَ جوادْ

كمْ خبا ضوؤها ثمَّ آبتْ

كوكباً يمطرُ النورَ فوقَ سجونِ البلادْ

يقولونَ بغدادُ ثمَّ يضيعونَ عنها ولكنَّهم يرجعونْ

حين يأتي هتافٌ يزلزلُ أوديةً وجبالْ

فيصبحُ ما كان ضمنَ احتمالِ المحالْ

ممكناً، ويصيحُ المحبونَ بغدادُ بغدادُ بغدادْ

فيصهلُ مِن سابعِ الملكوتِ نورُ الجواد1

***

(بغداد)... المقطع الثاني

.. ودجلةُ قبلَ النبيينَ مرَّتْ، أتـتْ والفراتْ ..

وكيما تمرُّ الحياةْ

يحاورُها الكونُ عبرَ دهورِ الخليقةِ اذْ يسمرُ الطيرُ فيها

وتفهمُ أحرفَهُ والكلامْ

وتعودُ لَهُ واقعاً عادَ في حلمٍ باهرٍ في أعالي المنامْ

أنها روحُ نهرٍ عريقٍ كريمٍ عظيمٍ شجيٍ وللماءِ فيهِ شجونْ

تجمَّع مِنْ كلِّ عينٍ زلالٍ ليحملَ بَهجتَهُ في التماعاتِ ماءٍ يمورُ وقدْ ذرفتْهُ العيونْ

الشذى في بناتِ الضفافِ مشى والأسى في الغصونْ

فالشروقُ اساريرُ ماءْ

والغروبُ مسيلُ دماءْ

فكمْ خبَّأتْ دجلةُ الخيرِ كيْ تطردَ الشرَّ سحراً وماءً ونورْ

وكمْ عبرتْ قارباً في الأعاصيرِ عصراً فعصراً

فاِنْ رحلتْ ذاتَ يومٍ فقلْ غرقتْ كلُّ هذي العصورِ وتلكَ العصور2.

***

(بغداد)... المقطع الثالث

بغدادُ فيها الى الماشينَ شطآنُ

بغدادُ فيها الى الشطآنِ خلّانُ

*

فيها المكانُ: مقاماتٌ، وأفئدةٌ ـ

سلالمٌ، وقياماتٌ، وأزمانُ

*

حريَّةٌ، وسماءٌ، واحتدامُ هوىً

ماذا سيسجنُ في بغدادَ سجّانُ

*

في الكاظميةِ أحداقٌ وأشرعةٌ

في الأعظميةِ أشجارٌ وغزلانُ

*

وفي مرافئِ كرّاداتِها شجنٌ

لَحْظَ الهيامِ كأنَّ الأرضَ أشجانُ

*

سارتْ اليها فتاةُ الحسنِ قصدَ ندىً

لشاعرٍ يقتفيهِ الانسُ والجانُ

*

فليتَ ودَّ الدنى يمشي لدجلتِها

روافداً، ونجومَ النهرِ أكوانُ

*

ان شحَّ ودٌّ على ربِّ القصيدِ فلا

كان الودادُ، ولا كانت، ولا كانوا3

***

شعر: كريم الأسدي

..........................

1- زمان ومكان كتابة هذا النص اليوم السادس والعشرون من آب 2023، في بغداد

2- زمان ومكان كتابة هذا المقطع الثاني من قصيدة (بغداد) اليوم السابع والعشرون من آب 2023، في بغداد.

 3- هذا المقطع من القصيدة من وحي زيارتي الأخيرة لبغداد في آذار 2024 وقد اخترت له اسم (بغداد) اذ أرى ان هذه الكلمة تكفي كعنوان مفردةً وحيدة، وسأضمه الى مجموعة من قصائد كتبتها عن بغداد

 

في نصوص اليوم