نصوص أدبية

عزيز ريان: هرة نجت من الموت سما

إليها في تجليات الجلاء عن كل موت...

سنى ليل قابع خلف كآبة خرجت بأحمر شفاه من بين رواية كورية لعينة. صهيل معتم بتسارع نبض هزل بسبب ما عاشه خلال عام. قطة صغيرة تتلوى خلف الباب وترقص رقصة زوربا الهرية لتنجح في طرد نشيد الموت بعد ارتشاف جرعة سم لذيذة.

نجاة أولى واحتراق \هنيئ بموت آخر خرج يطفو عليها من بين سواد ليل القرية وغبار الوحدة السحيق.

- هل ماتت الهرة؟

لملمت سكرات موتها، وعاشت بأعجوبة مرغت أنفها في تراب الحياة. وموت آخر أُهْمِل على رف السرد كماء  آسن ماتت أوكسيجانته. اختار حيزه الروائي وارتدى ملابس السهرة الحمراء ووقف على وسادتها دافئا، أو تعمد أن يبدو كذلك لاغواء ما. "يونج هاي" المرأة الشجرة واقفة كغصن افتراضي صنعته "هان كانغ" كما لو كانت ذكاء اصطناعيا بارعا. مواء قطة يشتد في راسها وتتلاشى فرحة النجاة، وتتسمر الشجرة التي ظنت أنها خضراء والتي تعاند في استقبال الموت القادم من شبح تسلط عليها لكي لا تأكل حتى الرمق الأخير من الموت المذهب بلهيب من حولها.

- هل أنا شجرة؟

قال الليل المتخفي للشبح الخارج للتو من قبر ثنايا رواية "النباتية".

-    لا تقرأني أرجوك، ودعني أصير شجرة على نار هادئة وأعذب من قربي ليشهد موتي الذي أغازله كصبايا بادية أصيلة.

تدور يمينا، و هي تقول للكتاب، لا ليست رواية صادمة، ولا فيها أي دهشة أو جديد أو احتفال جميل بالموت. تمرد نسائي وضع على بياض الورق على  شكل مأساة تبكي شجر كل الغابات.

تتقلب يسارا وهي تنشد من وحي لحظتها:

بطلة حقيرة

تموت بعذوبة

ولا من يمنع موتها المنة

لا والدها

ولا أمها

ولا أختها

التي ماتت قبلها

كمدا

حتى القارىء يا سادة

لا قدرة له

لمنع هذا الموت المحتم

إلا بالاجهاز على صفحات الرواية

تشد على هاتفه، وهو يعترف بفشله في منع تلابيب الموت الورقي منها، قبل أن تنهار بكاء داميا، وصل شهيقه إلى قلب الكاتبة بسيول قبل أن تفتح قنينة جعة صفر كحول.

- لا تبك قالت الشجرة، نحن نلعب، وهذه مجرد رواية صديقتي الجميلة!

- لكني أكره الموت، سلبني أعز من أملك ولازالت اللائحة تطول.

- موت الحياة يا عزيزتي غير موت هذا الكتاب.

وقبل أن تلتفت لتر الكتاب كانت الشجرة بوسط منزلها الصغير بالقرية البعيدة قد سالت مع ما تركته دموعها من سيول وفيضانات فاتق سيول مدينة فالينسيا الأخيرة. ولم تشأ أن تخبره أنها حزينة حد الموت في فسحة احتضار محتمل لجدتها المتبقية من إرث والدها الراحل. فالأقوياء لا يعترفون قالت القطة وهي تتلمظ بحليب منقذ.

***

عزيز ريان - كاتب وناقد من المغرب

شفشاون ذات سيول

في نصوص اليوم