نصوص أدبية
جميل حسين الساعدي: اعترافات عاشق
جميل حسين الساعدي: اعترافات عاشق
الإعتراف الأول:
لا أنــــــا أنــتِ ولا أنـــــتِ أنــــا
نحــــنُ أصبحنــا غريبيــنِ هنــــا
*
مــــا الذي أبعـــــدنا عنْ بعضنــا
مــا الذي في لحظـــــــةٍ غيّــــرنا
*
أمــسِ قــــدْ كـــانَ لنا فردوسنــا
كلّ شــــــيئ ٍ كانَ يزهـو حولنــا
*
سامــرتْ أرواحنـا كأسُ المنــى
فانتشينـــا ونسينــــــا الزمنــــــا
*
ما الذي أغرقنــــا فــي نشــــوة ٍ
أهـــوَ الحــبُّ الـذي أسكـــــرنـا
*
فكتبنـــا رائـــعَ الشــعرِ فهـــــلْ
يـــا تُرى يُصبـحُ أحلى بعــدنــا
*
فلمـــاذا عثــــرتْ أقـــــــدامُنا
فجــــــأةً والدربُ قـــدْ أنكـرنا
*
حيــــرةٌ كالظلِّ تخطو معنــــا
قــدْ أضعنــا الحُبَّ مــا أضيعنا
*
أنـــــا من أجلكِ أبحــرتُ ومنْ
أجــــلِ عينيـكِ هجـرتُ السفنا
*
لــمْ يَعُـــدْ لــي وطــنٌ إلّا الذي
فيـه أحيـــــا بشـــرا ً لا وثنـــا
*
وطنــي أنســـامُ حُــبٍّ لا أرى
حيــنَ لا أنشقُهـا لـــي وطنــــا
*
نحنُ في الحُـبِّ نسينا ما(الأنا)
فبـِهِ في (أنـتِ) قـدْ ذابتْ (أنـا)
***
الإعتراف الثاني:
أنا ما نسيتــــــك ِ أو مللتُــك ِ كــلُّ مـا
نقلــــوهُ عنّــــي كـانَ محــضَ إشــاعهْ
صعْــب ٌ علـــيَّ بانْ أغــــادرَ عالمــي
واكـــــونَ شخصـا ً آخــر ا ً في ساعهْ
انا لنْ أكــــــونَ سوى انــا ، فبداخلي
ضدَّ التقلّـــــبِ مُذْ ولدتُ مَنَـــــــــــاعهْ
سأكــــــــونُ أوّلَ مَنْ يغيّـــــرُ طبعـهُ
لوْ غيّــــــــرَ الورْدُ الجميـــلُ طِبــاعَـهْ
مَنْ لِــيْ ســوى عينيــك ِ ألمـحُ فيهما
سِـــــــرَّ الجمــالِ وسِحْــــرَهُ وشعاعـهْ
الحـبُّ مُنْــذُ البدْءِ زورقنــــــــا الذي
كُنّــــــا نسجنــــــا بالوفــــاءِ شِـــراعهْ
بالأمـسِ عِشتُ مــع َ الأماني حالما ً
حتّــــى تلاشتْ فجـــــأة ً كفُقـــــــــاعهْ
واليوم َ إذْ أيقظتِنـــي مِـــنْ غفوتـــي
أرجعـــت ِ ما لمْ أسْتطـــعْ إرجـــاعَــهْ
وأضأت ِ فــــي قلبـي قناديل الهوى
وجعلــــتِ نبْـــــع َ مســرّةٍ أوجــــاعَهْ
حرّرتِنــــي مِنْ عـــــالم ٍ مُتحجّــرٍ
اللـــــهُ والإنســـانُ فيــــه ِ بضــــاعــهْ
مـنْ يربــحُ الدنيــا ويخســــرُ حُبّـهُ
ضحّـــــــى بعمْـــــرٍ كامــل ٍ وأضـــاعـهْ
***
الاعتراف الثالث:
الصبـــــرُ ليسَ بمُستطـــاعِ فهجــــرتهُ بعـــد َ اقتنــــــاعِ ِ
مــــا عـــــادَ غيرُ الشكّ ينـ ـــهشُ في يقينـي كالضبـــاع ِ
قلــــــقٌ يمزّقنــــــني ويهــ ــزأُ ُ بي، بأحلامي الوســـاع ِ
لمّــــا تألّقَ في سمــــاءِ الفــــــــــنّ نجمـــــك ِ فــــــي ارتفـــــــــــاع ِ
وفتنـــــتِ جمهــــورا ً يتـو قُ إلــــــى لقــائكِ كالجيـــاع ِ
أنكــرتِ أني كنتُ يــــــــو مـــا ً فــي سمائك ِ كالشــعاع ِ
فسخـــــرت ِ مـــن كتبـــي وممّـــا خطَّ منْ شعـــــــر ٍ يراعـــــــــي
ونفثـــتِ في وجهـــي دخا نـــك ِ وانصـــــرفتِ بلا وداع ِ
فكأننــــــــــي ثوبٌ عتيـــ ـــقٌ , بعضُ شئ ٍ مِنْ مَتــاع ِ
قدْ عفتِنــــي فـي دهشــــة ٍ ثمِلا ً بحزنـــــي والتيــــاعـــي
وحــــــدي كأعقـابِ السجا ئرِ فوق َ أرصــــــفةِ الضيـــاع ِ
هـــلْ تذكـرينَ الأمسَ حيـ ـن َ جريت ِ نحوي في ارتيــاعِ
وأملت ِ رأســــــك ِ ثمّ سـا لـتْ دمعتــــــانِ علــى ذراعـي
أنفاســـــــك ِ الحرّى بوجـ ــــهي في هبــــــوط ٍ وارتفاع ِ
عينــاك ِ فـي عينـــــيّ تلـ ـتمســــان ِ أمْنــا ً فــي قلاعــي
لكنّ غيــــــــمَ الحزْنِ أمــ ــطــــر َ فجأة ً دون َ انقطـاع ِ
لمْ أدْرِ أنّ البحْــــــــرَ يغـ ـــدرُ بـــيْ ويخذلنــي شراعي
لمْ أدْر ِ يومـــــــا َ أنّ رو ض َ الحبِّ تسكنـــهُ الأفاعــي
كالطفـــل ِ كنتُ أحسُّ في شـــــوقي إليك ِ وفي اندفــاعي
فاجأتِنـــــي مـــــا كانَ يو مــــا ً هكذا عنـــك ِ انطباعــي
لم تظهـــري لي مثلمـــــا قدْ كنتِ في الزمـن ِالمُضــــاع ِ
أصبحــتِ شيئـــــا ً آخرا ً وجــها ً تخفّــى فـي قنـــــــا ع ِ
يكفيــــــك ِأنّك ِنجمــــــة ٌ بيـــن َ الأكــابر ِ والرعـــــاع ِ
قلقـــي عليكِ برغم ِ مــــا قاسيــتُ دومــا ً فــي اتّســـــاع ِ
أخشــى ضياعـك ِ بعدَ أنْ ألقيت ِ بِــيْ وســــط َ الضيا عِ
أخشــــــى بأن تغتالَ فيــ ــك ِ النور َ أضـــــواءُ الخـــداع ِ
***
جميل حسين الساعدي