نصوص أدبية
مصطفى علي: المثقّف العربي (في مواسمِ الإبادةِ والتطبيع)
لا شِعْرَ فيها فالْكلامُ مُباشِرُ
وَقَصيدَتي فيها الضميرُ مُحاوِرُ
*
أمواجُ (كامِلِها) تَمورُ صَراحَةً
فَلِسانُ حالي في الصَراحَةِ باتِرُ
*
هذا طَريقي في الدُنا وَطَريقَتي
لكِنَّ حَظّيَ في الصداقَةِ عاثِرُ
*
غالى مُثَقّفُنا الشَقيُّ تَغرُّباً
وَعلى غِناءِ الوافِدينَ مُثابِرُ
*
يَهْذي بِفَلْسَفةِ الأنامِ مُكابِراً
وَلَكم تَباهى في الهذاءِ مُكابِرُ
*
يَجْترُّ أوْشالَ الذينَ تلاعبوا
بِتُراثِنا حتى تضيعَ مَصائرُ
*
فَعَلى موائِدِهمْ يَتيمٌ بينَما
هُوَ عن مُعاناةِ الثَكالى نافِرُ
*
ياناكِراً وأْدَ الطفولةِ غَفْلَةً
قد زادَ من وَجَعِ الطفولةِ ناكِرُ
*
مُتَعاطِياً أفْيونَ تطبيعِ النُهى
يَحسو ثُمالَةَ غاصِبٍ وَيُعاقِرُ
*
تَرَفاً يُحاكي زيْفَ فلسفةِ الورى
وَبِلَغْوِها بينَ الديارِ يفاخِرُ
*
هَجَرَ اليَنابيعَ التي في روحِهِ
وراحَ يلهثُ خلفهم ويُغامِرُ
*
لِقُشورِ ما نَثَرَ الكِبارُ مَهابَةً
ألْفيْتُهُ مُتَعبّداً يَتَصاغَرُ
*
يَهْفو رُوائِيٌّ الى شَطَحاتِهمْ
وَيَهيمُ في هَذَيانِهِمْ مُتَشاعِرُ
*
هُوَ سادِرٌ في غَيِّهِ وَغُرورِهِ
وَمِثالُهُ في الفلسفاتِ أكابِرُ
*
مِنَ الذين تَكَلّموا وَكَأنّهمْ
أرواحُ صِدْقٍ للورى وَضمائرُ !
*
مُسْتَشْرِقينَ: أديمُ الشرقِ أسْكَرَهمْ
وَعيونُهُمْ خلفَ الكُنوزِ سَواهِرُ
*
سَرَحوا دهوراً في لُحاءِ جُدودِنا
نطقتْ أزاميلٌ لَهمْ وَدَفاتِرُ
*
رَقَصوا على أشلاءِ ماضينا كما
رَقَصَتْ على صوتِ الفُؤوسِ مَقابِرُ
*
حَمَلوا رُؤى الأسفارِ فوقَ ظهورِهمْ
وَقُلوبُهمْ بالخافياتِ تُجاهِرُ
*
لا يَطلبونَ سِوى الحقيقةِ غايَةً !
وَبالأمانةِ والنقاءِ تظاهروا
*
كانوا الطليعةَ للغُزاةِ الى الحِمى
وَتَجاهلتْ عينَ الدَليلِ مَعابِرُ
*
يمشي على آثارِهمْ مُسْترْشِداً
وَفُؤادُهُ خلفَ القوافِلِ حائِرُ
*
نَسِيَ الفتى القَيّافُ أنَّ طَريقَهُ
نحْوَ السَليقةِ والبَهاءِ مُغايِرُ
*
لم يلْتَفِتْ سَهْواً لِغَزّةَ هاشِمٍ
مُتَغافِلاً عَمّا جَناهُ الغادِرُ
*
هل فِرْيةُ الإرْهابِ أعمتْ قلبَهُ
أم بيتُ صهيونَ الضحيّةِ طاهِرُ؟
*
يا أصدقاءُ الحَرْفِ لَستُ صَديقَكُمْ
قد فرَّقَتْنا في الدُروبِ مَجامِرُ
*
قلبي مَعَ (القَسّامِ) أقْسمَ كُلّما
حاقتْ بخارطةِ الجُدودِ مخاطِرُ
*
مرّوا على المَسْرى العظيم مواكباً
خلفَ الضياءِ لكي تُضاءُ منائرُ
*
نَزَلوا إلى نَفَقِ الوغى لا رَهْبَةً
لكنّ بُرْكانَ البواطِنِ ثائِرُ
*
فاهبِطْ إلى سوحِ النِزالِ مُنازلاً
خيْرَ الفوارِسِ ياعَدوّي الطائرُ
*
ياساكنَ النَفَقِ المُضاءِ بِنورِهِ
بَصَراً حَديداً تقتفيهِ. بصائرُ
*
طلّقْتَ أبهاءَ القصورِ تَزهّداً
وفي جِنانِ الخُلْدِ قصرُكَ عامِرُ
*
إحْدى معاني الحُسْنَيْنِ وكُفْؤها
فطريقُ عِزٍّ بالكرامةِ ظافِرُ
*
أنتمُ كُماةُ (الفَتْحِ) ليسَ سواكُمُ
فظهورُهم للعابِرينَ قناطِرُ
*
يا أدعياءَ (الفَتْحِ) كُفّوا لَغْوَكم
فالرأسُ ثوْرٌ في المعاركِ خائرُ
*
مُستجْدياً مُتَوَسّلاً عَطفَ العِدا
وعلى النشامى ثَمَّ وَغْدٌ فاجِرُ
*
هل صارَ أشباحُ الجزيرةِ قُدْوةً
مأْمورُها يرغو بما يَجودُ الآمِرُ
*
أَوَجَدْتمو دربَ الحضيرةِ طَيِّعاً
فاسْتبْشرتْ عِنْدَ اللقاءِ حضائِرُ
***
د. مصطفى علي