نصوص أدبية
مصطفى غلمان: لا شــيء ..
إلى غزة الصامدة في ليلها الطويل
لا شيء ..
هناك الحرب السنان تشحذ طعنها
محاريب الغرب،
واحزناه، على موت السلام،
وغصب الطفولة المغدورة ..
لا شيء ينقضي في ثلمة الصراخ،
وهجرة المبعدين ..
الخراب، يسابق ظلام الطريق
يحجب الخلاص من عماء مستعر ..
ويغمض آثام الجثث الملقاة على الأرصفة الباردة ..
لا شيء ..
هل يسمع العالم أنات المطرودين،
الرعايا تحت ظلال السيوف،
المحاصرين بين ضفة وازدحام ..
كأنه سجن يناصب طواحين الهواء ..
أو كومة من كساء ندي،
يكسر صمت الجبناء ..
يا أمتي،
ليس لي أرض، غير سماء
وعفرة من بقية ريش زاحف جيشا كئيبا،
فمضى إلى حتفه المشؤوم ..
يا أمتي،
هذا الريح الموبوء، يضاجع وصمة البيات،
شتاء قادم، أو خريف مسجى ..
كل القنابل، الصواريخ، المسيرات الحربية،
والدبابات، ودروع العساكر ..
تقتات من مواقعنا السخيمة،
ثم تعود أدراجها،
غير عابئة بمؤتمرات الذل ..
لا شيء،
هناك، جاعت المدينة، وأطفالها ونساؤها وشيوخها ..
والفناء، الذي يتربص بالضوامر والمتاريس والمستشفيات المنهوكة ..
فتلرم المجد بالحجر،
ولتحذر من شك يكظم الأنفاس،
ويستعلي، من جدار سميك ..
لا شيء،
يوغر صدرك، على مغاوير فرادى ..
معزولون في صحراء معزولة ..
لا شيء،
يؤخر الطوفان أن يغشى كل الآلام والرزايا ..
أن ينبت في أكتاف الأعراب،
من طوافات زحانفهم،
من عتمة الغدر التي ألبستهم هوان الصفيق ..
لا شيء،
يأرج الحق، ويعمي إسار الباطل ..
غير وجه قبيح، واضطراب مستعاب ..
لم يكن لي ملجأ، غير أغنيتي القديمة ..
وفلسطين، أولها ..
في مهجة غزة، والقدس، ورام الله ..
أرجي لحاجة، بكفي نضال ..
وبندقية ..
بتكبيرة، ونبال قد تهيأت لرمية ثاقبة ..
وقصيدة ملحفة بصافرة إنذار ..
وهبة شعبية ..
لا شيء،
هنا يطلع القمر ..
وهنا أتكلف النبل وأتشبه بالنبلاء ..
أقتسم الملثمين أحلامهم،
وأصيد على آثارهم، قصب الرؤى ..
وأفتك بالخوف الدنيء ..
حاذقا، أكتنه السلاح ،
وأمضي في شهادة الشهادة ..
لا شيء،
ولترتق الأرواح، وتسحق الأصاغر الأعادي ..
وتسكن الرشقات، دواليب القطعان المحرقين ..
ولتكن، آيتي ..
صفات مشبهة على الثبات ..
مجد يباهي عنان القيامة ..
ورب يستعصم الخسف الراعف،
من الأهوال والخيانات، والأحلاف ،
من القفف والحصائر والورق الوهمي ..
لا شيء،
هنا، سيكتب العالم، تاريخ القضية ..
ملحمة النصر،
نكسة الخذلان .. والإنسانية ..
***
شعر: د مصـطَـــفَى غَـــلْمَــان