أخبار ثقافية

رأَيتُ كلَّ شيء.. ديوان شعري جديد للشاعر سعد جاسم

عن سلسلة " شعر" التي تصدرها دار الشؤون الثقافية العامة / وزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية صدر حديثاً للشاعر العراقي المغترب (سعد جاسم) ديوانه الشعري الجديد الموسوم

"رَأيتِ كلَّ شيء" يضم الديوان العديد من القصائد التي تجمع بين النصوص متوسطة الطول، والنصوص النثرية القصيرة جداً، وهي تمتاز بالبساطة والإنفتاح السلس على القارئ، حيث تحضر التجربة الشخصية، وارتدادات الماضي المشحونة بطاقة الأسى، والاحساس بمرارة الفقدان فتتوالى المشاهد والوقائع بين داخل يضج بالأسئلة البيضاء، وخارج زاخر بأحتدام الأماكن والأزمنة، وقصائد الديوان مكتوبة خلال امتداد زمني طويل نسبياً في أماكن تبدأ من الديوانية، مروراً ببغداد والقاهرة وانتهاءً باتاوا الكندية في حركة تزدحم فيها الصور وتأخذ حركة الزمن مسارات دائرية، لنصل في القصائد القصيرة إلى مفردات الطبيعة المغروسة في تربة ميثولوجيا الذات، بايحاءات، وترميزات أسطورية ودينية، تتجاوز ظاهر المشهد، لتمرير رسائل تعبر عن رؤية واضحة وثيمات تتكرر في القسم الأول من الديوان تحديداً، ببناء لغوي تلغى فيه المسافات بين النثر والشعر أحياناً بسبب ضغط الشحنات الوجدانية التي يجيد الشاعر ضبط إيقاعاتها، والتدخل في اللحظات المحددة، لمنع تسلل المجانية التي تصيب النص بالخفوت . تنتمي قصائد ديوان " رَأيتُ كلَّ شيء " إلى أفق شعري، تضغط فيه الذاكرة، والتجارب الشخصية البعيدة للشاعر، وعلاقة ذلك بتلوينات اللحظات الخاطفة، التي ترسم مشهداً بسيطاً،، تلعب فيه الاستذكارات دوراً بارزاً في رسم الوميض الدلالي وانعكاسات موشور المجازات المتداخلة . إن مايميز نصوص هذا الديوان بشكل أكثر وضوحا، هو قدرة الشاعر على اختيار المساحات القريبة إلى مزاجه، وذائقته، وتجاربه الروحية الشخصية التي لاتميل للتعقيد،وهذا متأت من صدق الاحساس وخبرة الخيال حيث يحمي كلاهما التجربة من الهشاشة على صعيد البناء ويجنبانها إغواءات انفلاتات التجريب اللغوي غير المحسوبة التي تغلب على عدد من التجارب الشعرية .4091 سعد جاسم

يقع الديوان ب (184) صفحة من القطع المتوسط .

 لوحة الغلاف للفنان التشكيلي العراقي: عبد الأحد حميد.

وتصميم الغلاف : للفنانة العراقية: إبتسام السيد.

وقد اخترنا من اجواء الديوان هذه القصيدة:

 أَصابعُهُ نايات وشموع

سعد جاسم

ذاتَ صباحٍ

إستيقظَ العاشقُ

- الذي هو أنا -

فوجدَ نفسَهُ طائراً

يترنمُ بسيرةِ الله

والحبِّ والوردِ

والخبزِ والينابيع

وذاتَ صباحٍ آخرَ

إستيقظَ الحالمُ أنا

فوجدَ أصابعَهُ ناياتٍ

تُرتّلُ سيرةَ الأرضِ

والناسِ والغرامِ

والنساءِ العاشقاتِ

والمرايا والشموع

والمصائرِ الغامضة

وذاتَ فجرٍ أخضرٍ

إستيقظَ الطفلُ الذي يسكنُني

فوجدَ قلبَهُ يشعُّ اقماراً

ونوارسَ ويواقيت

وعندما إستيقظَ الناسكُ الذي يتَجلّى فيَّ

وجدَ روحهَ تتوهجُ ملائكةً

وأُمهاتٍ وشهداءً

وعشاقاً صوفيين

وذاتَ غبشٍ أبيضٍ

إستيقظَ العارفُ الذي هو أنا

فوجدَ نفسَهُ كتاباً

يُشعشعُ بالأسماءِ والرؤى

والوقائعِ المُعتّقةِ

والأقدارِ اللامرئيةِ

ونصوصِ السماواتِ

و الغيبِ والنشوةِ والعشقِ

والغوايةِ والهدايةِ

فعرفَ سرَّ الاسرارِ

وراحَ يطوي الارضَ

مثلما يُطوى السجّلُ

وصحائفُ الكينونةِ

وألواحُ الأبدية

وهكذا...

أَصبحَتُ في كلِّ صباحٍ

أستيقظُ فيهِ

أرى الله في قلبي

وهو ينفحُ فيَّ

من روحهِ

ضوءَ الحكمةِ

وتراتيلَ الخلاص .

***

  بغداد خاص: طالب كريم

في المثقف اليوم