تقارير وتحقيقات
عدنان حسين أحمد: جوائز الدورة الحادية عشرة لمهرجان مالمو للسينما العربية عام 2021
جائزة أحسن فيلم لـ "الرجل الذي باع ظهره" وجائزة الجمهور تذهب لـ "حظر تجوّل"
أُختُتمت فعّاليات الدورة الحادية عشرة لمهرجان مالمو للسينما العربية التي استمرت للفترة من 6- 11 أبريل/ نيسان 2021. وقد استضافت مكتبة مالمو المركزية حفل الاختتام الذي تم فيه إعلان جوائز المسابقات الرسمية حيث نال فيلم "الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية جائزة أحسن فيلم، فيما أُسندت جائزة الجمهور التي تمنحها بلدية مالمو بقيمة 25 ألف كرون سويدي لفيلم "حظر تجول" للمخرج المصري أمير رمسيس وقد قدمتها رئيسة اللجنة الثقافية في مدينة مالمو السيدة فريدا ترولمير.
"الهدية" يخطف جائزة أحسن فيلم قصير
تضمّن مهرجان هذا العام مسابقتيّ الأفلام القصيرة والطويلة التي تضم أفلامًا روائية ووثائقية. وقد ارتأت لجنة تحكيم الأفلام القصيرة التي تألفت من خمسة سينمائيين ونقّاد وهم: المخرجة والمنتجة اللبنانية مانو نمّور، والمخرجة والمنتجة المصرية ماجي أنور، والناقد الجزائري فيصل شيباني، والناقد البحريني طارق البحار، والممثل الإماراتي منصور الفيلي أن ينوّهوا بفيلمين قصيرين ويمنحوا شهادة تقدير لكل فيلم وهما "الست" للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني، وفيلم "توك توك" للمخرج المصري محمد خضر. أما جائزة أحسن فيلم قصير وقيمتها 15 ألف كرون سويدي فقد ذهبت لفيلم "الهديّة" للمخرجة الفلسطينية فرح النابلسي.
أمّا في مسابقة الأفلام الطويلة فقد ارتأت لجنة التحكيم المؤلفة من خمسة سينمائيين وهم: المخرجة الفلسطينية نجوى نجار، والممثلة والمخرجة السعودية فاطمة البنوي، والباحثة السينمائية المغربية ليلى شرادي، والإعلامية اللبنانية ريّا أبي راشد، وكاتب السيناريو المصري تامر حبيب أن يمنحوا جائزة أحسن سيناريو للسينارست والمخرج التونسي غازي الزغباني عن فيلم "الهِربة" The Dilemma، فيما أسندت جائزة أحسن ممثل لسليم ضو عن دوره في فيلم "غزة مونامور" للمخرجَين الفلسطينيين عرب وطرزان ناصر. أما جائزة أحسن ممثلة فكانت من نصيب نعيمة لمشاركي عن دورها في فيلم "خريف التفاح" للمخرج المغربي محمد مُفتكر . فيما ذهبت جائزة أحسن إخراج للسعودي عبد العزيز الشلاحي عن فيلمه المعنون "حدّ الطار". أما جائزة لجنة التحكيم الخاصة وقيمتها 15 ألف كرون سويدي، فقد مُنحت لفيلم "جزائرهم" للمخرجة الفرنسية من أصول جزائرية فلسطينية لينا سويلم. بينما أُسندت جائزة أحسن فيلم، وقيمتها 20 ألف كرون سويدي لفيلم "الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية. أما جائزة الجمهور التي تمنحها بلدية مالمو بقيمة 25 ألف كرون سويدي، فقد ذهبت لفيلم "حظر تجوّل" للمخرج المصري أمير رمسيس.
نجاح المهرجان رغم صيغته الإليكترونية
لابد من الإشارة إلى أنّ الدورة الحادية عشرة لهذا المهرجان قد تمّت إليكترونيًا وبنجاح تام حيث شاهدنا أفلام المسابقتين القصيرة والطويلة بواقع 12 فيلمًا طويلاً، و17 فيلمًا قصيرًا، و 3 أفلام طويلة في برنامج الليالي العربية. وقد اُختتم المهرجان في مكتبة مالمو المركزية في تمام الساعة مساء من يوم 11 أبريل حيث تمّ عرض فيديو يتضمن أهم المحطات في الدورة، ثم تلتهُ كلمة ترحيبية من قبل السيد تربيون نيلسون، رئيس مكتبة المدينة، وأعقبتهُ السيدة ماغنوس لونديرغويست، رئيس اللجنة الثقافية لمقاطعة سكونة بكلمة أخرى، ثم جاء دور محمد قبلاوي، مؤسس ورئيس المهرجان حيث ألقى كلمة وافية لخّص فيها وقائع الدورة وتحدياتها في ظل جائحة كورونا، ثم وجّه تحية للراحل محمد قدورة، أحد المشاركين في تأسيس المهرجان، وتمّ عرض فيديو تحية لذكراه العطرة، وثناء لجهوده التي قدّمها لمهرجان مالمو.
ثلاثة أفلام أخرى تستحق الإشادة والتنويه
على الرغم من أهمية فيلم "الهدية" لفرح النابلسي والدور الجميل والمعبِّر للفنان صالح بكري وهو يجسّد معاناة الفلسطينيين في المعابر الإسرائيلية إلاّ أنّ هناك ثلاثة أفلام لا تقل أهمية عن هذا الفيلم أو الفيلمين المنوّه بهما وهما "الست" لسوزانا ميرغني و "توك توك" لمحمد خضر، وهذه الأفلام تباعًا هي "الحمّام" للمخرجة التونسية أنيسة داود، و "عايشة" لزكرياء نوري، و "سهرة مع ليلى" لهيا الغانم. ففيلم "الحمّام" يعالج قضية الاعتداء الجنسي على الأطفال أو ما يسمى بزنا المحارم وهي ثيمة نفسية واجتماعية وأخلاقية خطيرة تعاني منها المجتمعات العربية وتستحق المزيد من التأمل والفحص والدراسة. كما أن فيلم "عايشة" لزكرياء نوري يتمحور على فكرة بيع الجسد التي لمسناها في اللحظات الأخيرة من الفيلم حينما نزلت عائشة إلى الشارع لتلتقي سائق الشاحنة وتذهب معه، ومع صديقه لاحقًا، إلى مكان ما لكي تعود محمّلة بالطعام الذي تسد به رمق الوالدة المريضة. أمّا الفيلم الثالث فهو "سهرة مع ليلى"، هذه الفنانة والملحنة الكويتية التي أبدعت أجمل الأغاني الخليجية وعلى رأسها أغنية "وشعلامك بالأسمرانية" التي أصبحت علامة فارقة في التراث الغنائي الخليجي.
وفيما يتعلق بجوائز الأفلام الطويلة فقد ذهبت لمستحقيها فعلاً إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن فيلم "الرجل الذي باع ظهره" لكوثر بن هنية قد حصد العديد من الجوائز في مهرجانيّ فينيسيا والجونة وترشح في خاتمة المطاف للأوسكار عن جدارة. أما فيلم "حظر تجول" لأمير رمسيس فهو يستحق جائزة الجمهور، وسبق للنجمة السينمائية إلهام شاهين أن نالت عن دورها فيه جائزة أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام لكن أعضاء لجان التحكيم في معظم المهرجانات يتناسون الدور المهم الذي لعبته الفنانة أمينة خليل وتألقت فيه طوال مدة الفيلم.
أفلام سعودية جريئة تناقش ثيمات حسّاسة
تسجّل السينما السعودية على قلّة إنتاجها طفرة في فيلميها الجريئين "حدّ الطار" للمخرج عبدالعزيز الشلاحي الذي يناقش قضيتي "الطقّاقة" و "السيّاف" والنظرة الدونية لمن يمتهن الرقص والغناء. وفيلم "أربعون عامًا وليلة" للمخرج محمد الهليل الذي يتناول مسألة الزواج السريّ، والتفكّك الأسري، وطبيعة العلاقات الشائكة، والموروثات الدينية التي ترجّح كفة الرجل على المرأة.
نخلص إلى القول بأن مهرجان مالمو للسينما العربية قد نجح هذا العام أسوة بالأعوام السابقة ولعله يزداد تألقًا كلما استقطب عددًا مهمًا من الأفلام الإشكالية الجريئة التي قد لا تجد طريقها إلى الشاشات العربية بسبب حساسية الثيمات والموضوعات التي تعالجها. ولابد من الإشادة بطاقم العمل التنظيمي والإعلامي لهذا المهرجان وهم يواصلون عملهم الدؤوب من أجل إظهار المهرجان بهذه الحُلة الجميلة الناصعة التي تخطف الألباب.
عدنان حسين أحمد