روافد أدبية
ابراهيم الخزعلي: قصتان قصيرتان جدّا

بلاد ما بين البؤسين
بينما أنا في أحد المحلاّت الشرقية في الشتات، إذ لاح لي ثمة شخص بدا من سحنائه انه من بلاد ما بين البؤسين، يدور برأسه كأنه يبحث عن شيء ما..!
فاندفعت لا إراديّاً بقوة هاجس نحوه، وسألته عن أي شئ يبحث، فقال لي انه يبحث عن الجريش، فرافقته الى مبتغاه، وأشرت بسبابتي لذلك، فقال لي : هذا جريش الشعير، ونحن العراقييون لا نأكل الشعير..
فقلت له كلامك لا شك فيه، ولكن ما تقوله ذات يوم ان كلامك أصبح في خبر كان..
فهل نسيت يا صديقي حقبة السلطان المسعور الذي جعلنا نأكل الحشيش كالأنعام، نتيجة حروبه الرعناء!
فمضى وعلى وجهه ابتسامة حزينة، وتدلّى رأسي المثقل بالذكريات والوطن المستباح ..
**
مات الأسد
حين استيقطت من النوم صباحاً، وجدت عبارة (مات أسد الغابة) مع مقطع فيديو وذلك من صديق قد بعثه لي، ومحتوى الفيديو أن ثوراً مزّق
الأسد بقرنيه حتى أرداه صريعا .
فكتبت له تعليقاً ..
العالم والزمن قد تغيّرا يا صديقي، ولم يعد كالزمن الغابر، نعم .. فالأسد كان ملك الغابة، أمّا الآن أمسى العالم كله غابة، ولا وجود لأسد يحكم غابة مترامية الأطراف، وبغياب الأسد امتلأت الغابة بالذئاب والضباع، ومخلوقات غريبة متوحشة تتقاتل فيما بينها، وكل صنف يريد ان يكون ملك الغابة..
***
د. ابراهيم الخزعلي