أقلام حرة
صادق السامرائي: الفكرة والعمل!!

الفكرة منطلق الإنجازات وطاقة الصيرورات ومبعث التعبير عن الإرادات، وبدونها ينتفي معنى الوجود وتغيب دلائل الحياة وملامح التفاعل الحي فوق التراب.
فالفكرة أصل الكينونات ومبتدأ المسيرات ومبعث كل حركة وعطاء جديد يساهم في التفاعلات القائمة بين المخلوقات، ما دامت الأفكار متوافدة فأن التواصل قائم، وفي اللحظة التي تتوقف فيها الأفكار عن التوالد والإبتكار، فكل ما هو قائم في آفاق الإدراك الحي سينتهي ويذوب في العدم.
والمجتمعات القوية حاضنات أفكار، وما إصرارها على إجتذاب العقول إلا لأنها تدرك حيوية وقوة الأفكار، وكلما تنوعت وتفاعلت فستقدم منتوجات حضارية متميزة.
ولهذا ترى المجتمع الأقوى من أكبر المجتمعات بقدراته على إنتاج الأفكار وتفديم المبتكرات والإبداعات، التي تجعل شعوب الدنيا تتفاعل معها وترتب نمط حياتها وحركتها على ضوئها.
أما المجتمعات المتأخرة فتجهل قيمة الفكرة ودورها في صناعة القوة والتواصل العزيز، وتميل إلى توفير الظروف والعوامل اللازمة لتقاتل الأفكار، وعدم تفاعلها الخلاق الذي يؤدي لولادات ذات أثر في تقرير إتجاه حركة الحياة الإنسانية.
وبما أن المجتمعات المتأخرة تقاتل الأفكار الطيبة فأنها ستبقى في مسيرة التأخر والتقهقر والإندحار في السلبيات والتفاعلات الضارة بالحياة، ومصدرا للعقول المفكرة التي تهجر أوطانها وترحل إلى مواطن رعاية الأفكار وتنميتها.
ولهذا فأن المجتمعات المتأخرة تتصف بدرجة عالية من هجرة العقول منها، فهي تمتلك عقولا ذات قدرات عالية على إنتاج الأفكار، لكنها تحاصرها وتقاتلها فتهرب إلى مواطن أخرى.
وهكذا فأن المجتمعات المتقدمة ستتواصل في تقدمها لأنها قد وعت حقيقة الأهمية الكبيرة للأفكار، والمنأخرة لن تعيها، لأنها قد أسست أنظمة إجتماعية وسياسية وثقافية تجيد مهارات مقاتلة الأفكار وتشريدها، لكي يتم التعبير الأمثل عن الرغيات والإنفعالاات والتفاعلات المرهونة بإرادة النفس الأمارة بالسوء.
إن المجتمعات المتأخرة لن تتقدم مهما حاولت إن تواصلت في قتلها للأفكار، وأميتها المتصلة بنكران أهمية الفكرة في الحياة، وقدرتها على الإنطلاق بالمجتمع إلى مصاف الآفاق الحضارية المتميزة.
فالمجتمعات المتأخرة لا تشجع على التفكير، وآليات فعلها تسعى إلى منع التفكير الإنساني وتأكيد الطاعة العمياء والخضوع.
وذلك يعني الضعف والإنقراض في دوامة الفناء الأكيد.
***
د. صادق السامرائي