أقلام حرة

علي حسين: ماذا فعلت بنا الديمقراطية؟!

دائماً ما يحسدني بعض الاصدقاء على ما يعرض من مشاهد كوميدية على مسرح السياسة العراقية، ويقولون: ان السياسة في العراق مادة دسمة للكتابة، وما دام هناك مجلس نواب "محنط"، ومجالس محافظات "كارتونية" فان "شغلك ماشي" . ولكن ياسادة ياكرام، اسمحوا لي أن اقول أن هناك فارق كبيراً في الحجم بين ما نكتبه، وبين سخرية السادة النواب من الديمقراطية العراقية حيث لا يزال الكثير منهم يخرجون علينا صبيحة كل يوم وهم يصرخون ان لا بديل عنهم، وان محاولة البعض للاحتجاج على هذه الديمقراطية "الباسلة" هو نوع من انواع التخريب، ويجب ان يحاسب كل من تسول له نفسه الاقتراب من قلعة السادة المسؤولين، فقد اوجد لنا السيد النائب عبد الهادي الحسناوي حلاً لمشكلة الديمقراطية بأن قرر ان يقص "أذان" الذين يتظاهرون من اجل توفير الخدمات. ولم يكتف النائب بذلك، بل استنهض عشيرته واقاربه ليقدموا لنا عرضاً بالرصاص الحي، ردا على الذين انتقدوا نظريته في قص الأذن، ولأننا نعيش في حارة "كل مين إيدو إلو!"، اكمل نجل النائب الحسناوي، المشهد الكوميدي بان اعلن ان كل من يقترب من والده النائب "راح يزين شاربه"، اما لماذا اصدر ولي العهد هذا القرار؟، لان والده حسب قوله نائب وشيخ في نفس الوقت.

أعرف ان البعض سيقول يارجل تترك مشاكل البلاد وتتحدث عن ظاهرة بسيطة اراد من خلالها احد النواب ان يرفه عن نفسه.. نعم ياسادة نحن نعيش عصر الديمقراطية الترفيهية التي تسمح لعضو في مجلس محافظة بغداد ان تعلن ان "مجلس المحافظة قرر اعتماد "العباءة " زياً رسمياً للنساء.. حيث خرجت علينا رئيسة لجنة البيئة هدى جليل العبودة لتبشرنا بان بغداد على قائمة افضل العواصم في مجال البيئة والنظافة والخدمات، ما دام المجلس اصدر قراره التاريخي في تحديد ازياء النساء.. وربما لم تقرأ صاحبة قرار العباءة ان بغداد على رأس قائمة المدن التي تعاني من التلوث البيئي، وان التقارير العالمية وضعت بغداد في مرتبة منخفضة جدا من حيث الاداء البيئي وايضا من حيث الخدمات .

لا يزال مسؤولونا "الأفاضل" مصرّين على أن يتعلموا فنّ الخديعة من المرحوم مكيافيللي، سيضحك البعض مني ويقول يا رجل إنهم لا يقرأون وإن قرأوا لا يفهمون، لكنهم ياسادة شطّار جداً في اللعب على مشاعر البسطاء.

في كل يوم يسيء ساستنا إلى الديمقراطية، عندما يعتقدون أنها تعني بناء دولة القبائل والأحزاب المتصارعة والطوائف المتقاتلة.

أتمنى ألّا أكون في خانة الذين ستقطع أذانهم، رغم انني مصرٌّ على أن أواصل العيش في حارة "كل مين إيدو إلو!" مع الاعتذار للقدير دريد لحام.

***

علي حسين

 

في المثقف اليوم