أقلام حرة

علي حسين: نور زهير ياباني!!

منذ سنوات وأنا أقرأ كلّ ما يقع بين يدي من كتب عن البلاد العجيبة اليابان، وأدهشني الأدب الياباني من كواباتا مروراً بكنزابورو أوي وميشيما، وانتهاءً بأشيغورا وموراكامي . شعب يكتب بحروف عجيبة، لكنه يقدّم لنا كلّ ما يسهّل علينا الحياة.

بعد أن خسرت اليابان الحرب عام 1945 قرّر الشعب المهزوم والجائع أن يعيد بناء المصانع والبيوت والشوارع، وكان شعاره "العمل حتى الموت"، اليوم الحكومة اليابانية تواجه مشكلة باقناع المواطنين بأن يتوقفوا عن العمل ولكن المواطن الياباني يصر على العمل لساعات متأخرة. ولا تسأل ياسيدي القارئ لماذا نحن أفضل من اليابان عندما قررنا أن يتمتع العامل والموظف بمكرمة عبارة عن "عطلة بين عطلة وعطلة".

وعلى ذكر اليابان وعجائبها كنت أعيد قراءة كتاب ممتع بعنوان "العرب من وجهة نظر يابانية" كتبه البروفيسور "نوبواكي نوتوهارا" وهو باحث وأستاذ جامعي قام بجولات كثيرة في بلدان العرب، اطلع على حالهم وأحوالهم.. السيد "نوتوهارا" يخبرنا أنهم في اليابان يعجزون عن فهم، كيف لا يحترم المسؤول القانون ويذكر السيد نوتوهارا مثلاً من بلاده فيكتب: "أذكر مثلا في تاريخنا القريب السيد تاناكا من أقوى الشخصيات التي شغلت منصب رئيس الوزراء عندنا. لكن الشرطة اعتقلته من بيته وذهب إلى السجن بالقبقاب الياباني، عندما اكتشفت الصحافة فضيحة لوكهيد، حيث حوكم وسجن كأي مواطن عادي".

ما هذه الإساءة أيها البروفيسور الياباني؟ هل تعتقد أن المسؤول مواطن عادي يمشي على الأرض؟، إنه ملاك، لا يأتيه الباطل، وإذا أخطأ، فإن الشعب هو السبب لأنه يريد منه مستشفيات وسكن وطرقات وعمل ومدارس حديثة، والمسؤول العراقي مشغول بإرشاد الشعب إلى الطريق المستقيم ومحاربة الانحلال ونشر الفضيلة.

في خبر مثير وطريف عن بلاد العجائب والغرائب اليابان، نقرأ ان سائق حافلة ياباني عمل 29 عاماً خسر تعويضه التقاعدي البالغة قيمته 83 ألف دولار، بعد سرقة ما يعادل 6.82 دولارا من سعر تذكرة الركاب. وقد اعتبرت المحكمة أنّ سلوكه قد يقوض الثقة العامة في النظام والإدارة السليمة لخدمة الحافلات.. ما هذا ياسادة، لماذا تسخرون منا، في هذه البلاد تمكن شاطر اسمه نور زهير من سرقة مليارين ونصف من الدولارات دون ان يحاسبه احد. نحن ياسيدي لا نزال نشاهد المسؤول العراقي يظهر بكل ترفه وهو يوصينا بالحذر.. بعد 22 عاماً من الديمقراطية تبين أن هناك أكثر من عشرة ملايين عراقي تحت خط الفقر ومجموعة مليارديرية تكونت ثرواتهم من سرقة اموال هؤلاء الفقراء .

6 دولارات انهت مستقبل مواطن، فيما نحن في هذه البلاد يريد لنا أن نعيش عصر المال السائب، لأن البعض يعتقد أنّ التغيير الذي حصل عام 2003، قام من أجل ان يتمتع نور زهير وجماعته بمليارات العراق .

***

علي حسين

في المثقف اليوم