أقلام حرة

ثامر الحاج امين: ما يحدث في أسواقنا!

منذ زمن ليس ببعيد تنامت في أسواقنا ظاهرة مؤسفة تتمثل في غياب قواعد السلوك الاخلاقي في ممارسة النشاط التجاري وذلك نتيجة غياب الرقابة الرسمية وركض الباعة وراء الربح السريع بعيدا عن الأمانة والأخلاق الواجب مراعاتهما في هذا الميدان ومنها ضرورة  المعاملة الحسنة مع الآخر واحترام حقه وذوقه وكذلك اتباع الشفافية والابتعاد عن الغش والتدليس في عملية البيع والشراء، فالغالبية من العاملين في اسواقنا للأسف لا يدركون ان المعاملة الطيبة مع الزبون جواز مرور الى قلبه وجيبه وكسبه زبونا دائما، حيث تكفي زيارة واحدة الى سوق الخضار على وجه التحديد لترى العجب في سلوك العاملين فيه، ففي هذا الميدان تتجسد امامك كل اشكال الغش المفضوح ومنها اخفاء العيب في السلعة المباعة وعرض النموذج الجيد وبيع الرديء ــ معتبرين ذلك شطارة ــ، كما ليس لك الحق في الانتقاء واختيار الأفضل من البضاعة المعروضة والويل لك اذا اعترضت على قطعة تالفة يدسها لك البائع ضمن الكمية التي يختارها لك بنفسه اضافة الى رفع اسعار السلع في اوقات الشحة والمناسبات والسرقة في الميزان المعروفة بها شريحة من الباعة، كل هذا الغش والغبن يمارسان بحقك وانت صاغر ومستسلم من أجل ان لا تدخل مع البائع في مشكلة، ولمن عاش حقبة السبعينات وما قبلها  يقر إن هذه الظاهرة طارئة على اسواقنا فأكيد يتذكر كيف كان للمشتري الحق في تذوق المادة الطازجة قبل شراءها وبعد ذلك من حقه ان ينتقي منها الأفضل ويختار ما يعجبه  وأيضا من حقه ارجاعها او استبدالها في حال وجدها مخالفة لضوابط وشروط الاتفاق، والذي حفزني الاشارة الى هذه الظاهرة هو ما قرأته عن سلوك اليابانيين في المطاعم فهم يتناول طعامهم على انغام الموسيقى الهادئة واصحاب المطعم يتعاملون مع الزبون ويستقبلونه بأرق العبارات الجميلة المهذبة الى درجة ان بعض المطاعم اليابانية تضع على الطاولة ورقة صغيرة مكتوبا عليها: نشكرك على حضورك ونرجو ان كان هناك أي تقصير ان تدلنا عليه لكي نتلافاه في المرة القادمة .

 يا ترى اين نحن من هذا الذكاء ومن هذه الاخلاق ومن هذا التعامل الانساني والحضاري؟.

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم