أقلام حرة
علي حسين: لماذا يتباكون على بغداد؟
كان دريد لحام مدرسا للكيمياء عندما قرر أن يستبدل المعادلات الكيميائية بقبقاب خشبي، ليدخلنا معه الى عالم الكوميديا الغرائبية، حيث وجه انظارنا واسماعنا الى المصائب التي تحيط بنا من خلال دراما ضاحكة وحادة وسياسية في نفس الوقت
كنت قبل مدة اشاهد مقطعا قديماً يظهر فيه غوار الطوشي وهو يجلس الى احد زبائن الحمام، حيث يخبره ان اسرة احد سكنة الحارة ستقيم دعوى ضد المختار، والسبب ان جناب المختار كان يتحدث مع سكان الحارة عن متانة الوضع واستقراره وعن الرفاهية التي يعيشون فيها، لكن المواطن المسكين ما ان سمع هذه الكلمات حتى مات من الضحك.
وجنابي غص بالضحك ايضا وهو يقرأ ما كتبه بعض المدونيين في مواقع التواصل الاجتماعي يحذرون فيه من أن تتحول بغداد إلى مدينة سنية. مدونون ومطلقو شعارات طائفية، ومشعلوا حرائق خرجوا يتباكون على بغداد لأن قائمة محمد الحلبوسي حصدت أعلى الأصوات، وأخذ البعض يكرر جمل مملة عن التضحية وإرادة الشعب، عبارات مستهلكة، فقدت صلاحيتها للتأثير على المواطن العراقي.
يتباكون خوفاً على بغداد من قائمة الحلبوسي، ولم يسألوا أنفسهم: ماذا قدمت مجالس المحافظة على مدى السنوات الماضية لاهالي العاصمة ؟، وكيف أن الأحزاب التي استولت على مجلس محافظة بغداد، حولت بعض مناطق العاصمة إلى إقطاعيات خاصة بها. ولهذا اتنمى ان لا تسألوا لماذا تصر معظم الأحزاب للسيطرة على العاصمة بغداد، وكيف أن البعض لا يزال منزعجاً لأن كتب التاريخ تقول إن أبا جعفر المنصور بنى مدينة بغداد.
في مرات كثيرة يعاتبني بعض القرّاء لأنني أكتب بإعجاب عن مدن مثل دبي وسنغافورة وطوكيو، والآن اسمحوا لي أن أكتب مدن قريبة منا تحولت إلى مدن تضاهي مدن أوروبا، ونقرأ في الأخبار أن العراق يتقدم بدرجة واحدة على جيبوتي في مؤشر جهوزية نظامه الحكومي للذكاء الاصطناعي. اما الدولة التي تصدرت فهي الإمارات العربية المتحدة في المركز الاول عربيا ، والـ 18 عالمياً، فيما جاء العراق في المرتبة الـ13 عربياً والـ133 عالمياً.. وربما يقول البعض وهو محق؛ ما لنا والذكاء الاصطناعي ونحن نعيش مع عقول تستطيع أن تشتري وتبيع المناصب في وضح النهار.
دائماً ما أشير إلى المرحوم جان جاك روسو.. لان صاحب العقد الاجتماعي يرشدنا إلى أن الأمم لا تزدهر في ظل ساسة يعتقدون أنهم وحدهم يعرفون مصلحة البلاد.. فالازدهار والتنمية والعدالة لا مكان لها في ظل خطابات طائفية ومتحيزة يعتقد اصحابها انهم وحدهم يملكون القوة والحزم، يخيفون الناس، عادلون في توزيع العطايا والمنح على مقربيهم، وعادلون أيضا في توزيع الظلم على الناس.. أدركت الشعوب أن الحل في دولة مؤسسات يديرها حاكم إنسان يحب وطنه.
***
علي حسين