أقلام حرة
صادق السامرائي: الظاهر والباطن!!
مسيرة التفاعل مع النصوص بأنواعها، وخصوصا الدينية إستندت على إقتراب ثنائي متطرف، خلاصته أن النص فيه معنى ظاهرة (حسي)، وآخر باطني (عقلي)، أي أن الحالة ذات بعدين، مما يمثل طرفين متطرفين وفقا لمفهوم منحنى الإنتشار الطبيعي.
أي أن الجهد مبذول في 2.5% من كل طرف في المواضيع المتصدى لها، ويكون المهمَل منها أكثر من 70% والبعض يرى 95%.
الكون بما فيه من موجودات وظواهر وتفاعلات له ثلاثة أبعاد لا بعدان، وإلغاء البعد الثالث يتسبب بتداعيات قاسية.
نبه إلى ذلك واصل بن عطاء (80 - 131) هجرية، عندما طرح مفهوم (المنزلة بين المنزلتين)، وانطلق فكر المعتزلة العقلي بالبحث، لكنه مع توالي السنون وتبني المذهب من أناس آخرين، تم إلغاء البعد الثالث، وتركز محور الحركة بعد أن تسلطت على ما يسمى (خلق القرآن)، والقراءة الموضوعية للقرآن تكشف أن فيه المطلق والنسبي، ولا يوجد ما هو أزلي مطلق أو مجعول مطلق.
أي أن المعتزلة تطرفوا وتسببوا بإنطقاء أنوار حركة ذات قيمة فكرية وإبداعية نادرة، ذلك أن البعدين يأكلان بعضهما البعض، فالظاهر ياكل الباطن والباطن يأكل الظاهر.
وما يحصل في الواقع المعرفي عندنا، أن إلغاء البعد الثالث من مرتكزات التداعي والإنتشار والخمود.
وكأننا ننكر أن بين الليل والنهار، حالة ثالثة، وبين أية ظاهرة هناك تواصل إنتقالي، فلا يوجد خير مطلق أو شر مطلق، بل كل منهما يلد الآخرين من رحمه، وهكذا دواليك.
فالمتناقضات لا تتنافر كما ترى، وإنما تتزاوح وتلد ما يمثل ما بينهما، ومن هنا، فالواقع لن يكون أحسن ما هو عليه، إن لم يدرك المفكرون والمثقفون ضرورة وعي البعد الثالث، والتفاعل معه بصدق وتعبير أمثل عن جوهره.
الوجود ليس أبيض وأسود، هناك لون رمادي بينهما لا يجوز تجاوزهما.
لا يوجد كذب مطلق وصدق مطلق، الموجود حالة متواصلة ذات طرفين متناقضين.
ولولا التناقض ما تحقق التواصل.
***
د. صادق السامرائي