أقلام حرة
محمد نجيب بوجناح: الحلّ النهائي
تتواصل الحرب على غزّة، بتواطؤ العالم، بهمجيتها وعنصريتها ومجازرها.
وصار من الأكيد أن الحكومات العربية لن تقف إلى جانب حماس، أحببنا ذلك أم كرهنا. فالعداء قديم، والمصالح مختلفة، وكلماتٌ مثل الحرية والتّحرر تُرعب وقد تُذيب المحنّطين منهم.
أماّ مناوشات حزب الله والحوثيين فلن تغير المعادلة ولن تكفي لنصرة المقاومة. وإيران لن تتحرك ما لم تمتلك القنبلة الذرية. فالصّهاينة لن يتردّدوا في استعمال ما لديهم منها في صورة تدخّل إيران مباشرة. هم من لديهم الآن "الحل النهائي" كما أشار إلى ذلك أخيرا آبراهام الأمريكي في الدوحة.
فليكن "الحل النهائي" فلسطينيا إذن. وليبدأ الشعب الفلسطيني بتحرير ارضه بنفسه.
فعوض أن يهرب إلى الجنوب أو إلى سيناء، عليه أن يتوجه إلى الأراضي المحتلة بمئات الآلاف، وقد لا يكفي المليون.
ربّما مات منهم مائة ألف، ولكن ليس ذلك بالكثير مقارنة بأكثر من عشرين ألف قتلوا في الصمت والذّل.
أولم يلزم الجزائر أكثر من مليون شهيد لطرد فرنسا؟
نعم، إن مائة ألف شهيد، دفعة واحدة، كافية لتحرير فلسطين في هذا الظرف.
ومن المؤكد أنه قبل أن تموت المائة ألف ستتحرّك مختلف الجبهات بقوة لتشتيت العدوّ.
ستتحرك الأردن ومصر وسوريا ولبنان وحزب الله والحوثيون، وبلا شكّ إيران. حينها سيركع الصهاينة.
صرخة واحدة: اذهبوا إلى "إسرائيل" لتستعيدوا ما افتُكَّ منكم.
اهجموا عليهم نساءً ورجالا، شيوخا وشبابا، رضّعا وأمواتا.
ألا تموتون كلّ يوم مجّانا وتُنسون مجّانا، وأحيانا تُدفنون مجّانا؟
تقدّموا نحوهم بصدور عارية، ولن يقف أمامكم أحد، وسيرهبكم العالم وستُخفّفون الضغط على حماس التي ستحمي ظهوركم.
فأيّهما أهون وأيّهما أنبل: انتظار الموت او مواجهته؟
إن هذا العدو الهمجي المتغطرس ، لن يتراجع أمام موت الآلاف للدفاع عن كيانه، ولكنه سيتردّد ألف مرّة قبل أن يقتل مائة ألف عزموا على الشهادة.
إنكم بذلك ستضعون العالم أمام مسؤوليته، فالكثير منه متعاطف معكم الآن، فلتستغلّوا هذا التعاطف ولتدفعوا بالصهاينة إلى آخر مناطق الهمجية. ولكن تأكدوا أن الأغلبية منهم ستفرّ بدون رجعة، لأنه ليست لها أية علاقة بفلسطين وهي فيها فقط للاستثمار ورَغَد العيش. أما الأقلية الصهيونية المتطرفة الحالمة باسرائيل الكبرى لن تصمد خراطيشها أمام المدّ الشعبي المتّحد.
إن نية الصهاينة واضحة، وهم يخطّطون " للحل النهائي " منذ البداية. كلهم يحلمون بإسرائيل من الماء إلى الماء، ولم يكن السابع من أكتوبر سوى الذريعة ليعجلوا بتطبيق ما خططوا له. لكن السنوار قد بعثر أوراقهم ومخططاتهم، وكأنه يقول لهم : فلتكشفوا وجوهكم الحقيقية قبل أن تحققوا ما نويتم. وسينجح في دحرهم إن جاء منكم المدّ والسند.
لا تنتظروا الموت البطيء، والتشريد البطيء، والنكبات البطيئة.
اذهبوا إليهم.
قاوموا بالصدور العارية، وبالجراح النازفة، كما غنّى الشيخ إمام. وكم كان على حق.
***
محمد نجيب بوجناح - تونس