أقلام حرة
شاكر عبد موسى: من أين نأتي بنبوخذ نصر مرة أخرى؟
مع بداية كل حرب قصيرة مع إسرائيل في الأعوام الماضية، يبدأ الأعلام العربي المرئي والمسموع ببث الخطب الرنانة والشعارات والأناشيد الحماسية التي تقوي النظام الحاكم والقائد التاريخي الجالس على كرسي الحكم (باجر بالقدس يحكم أبو هيثم).. وهذا أبو هيثم (رحمه الله تعالى)...هو (أحمد حسن البكر 1تموز/ 1914 - 4 تشرين الأول/1982) رابع رئيس لجمهورية العراق من 17 تموز/ يوليو 1968 إلى 16 يوليو 1979 والذي تنازل عن الحكم لنائبه (صدام حسين المجيد 1979-2003 ) تحت قوة السلاح والسلطة، لأن البكر في حينه لم يستطع تحرير فلسطين، مع وجود القائد الضرورة على رأس الحكم في العراق، لذا ترك تحرير القدس للسيد النائب الشاب الوسيم المفتول العضلات.
وفي أيلول من عام / 1980 توهم القائد الضرورة وبطل التحرير القومي بأن عدوه الأول ليس إسرائيل وأنما أيران، لذلك خاض حرب مدمرة معها لمدة ثمان سنوات أطلق عليها (قادسية صدام) أو ما تسمى - القادسية الثانية - والتي انتهت في 8 أب 1988 بتبادل القبلات وفتح السفارات والتعامل التجاري والسياحي بين البلدين، والعودة الى أتفاق الجزائر عام1975.
ثم توهم قائد الجمع المؤمن وأخو هدله كما كان يطبل له أعلام النظام بأن تحرير القدس يمر عبر دولة الكويت الغنية بالنفط والسيارات الفارهة والدولارات، راح الى هناك صبيحة يوم 2 أب عام 1990 وأدخلها في سجلات العراق المحافظة التاسعة عشر.. بعدها أخرجته قوات التحالف الدولي والقوات المتجحفلة معها الى حيث كان يوم 2 شباط1991.. ليقوم بقتل شعبة الثائر عليه وعلى نظامه البائس في انتفاضة شباط المجيدة عام1991.
هاذا نموذج بسيط وقليل من بعض قادة العرب ممن تبجحوا بتحرير فلسطين من اليهود وفشلوا في التحرير، أو راحوا بالطريق الأخر المؤدي بهم وبلدانهم الى التهلكة والعقوبات الدولية المفروضة.. أما بقية القادة العرب أو الأغلبية اليوم تشعر بقوة الردع الإسرائيلي ووقوف الدول الكبرى وراء هاذا الكيان الجاثم على أرض فلسطين، فراحوا يفتحون السفارات والتبادل التجاري والثقافي معه، حتى أطلقوا عليه وعلى أنفسهم (أخوة أبراهيم).
والبعض الأخر منهم اليوم يشعر بالخجل.. أو ماذا يقولوا للعالم العربي والإسلامي عن قتل أطفال ونساء وشيوخ فلسطين؟، وفي نفس الوقت هم يكرهون أشد الكره محور المقاومة العربية- الإسلامية بما فيها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وحزب الله لبنان، وسوريا الاسد، واليمن الحوثي، وأيران، وبعض فصائل الحشد الشعبي العراقية، ويتمنوا زوالهم اليوم وليس غداً على يد أمريكا وحلفائها التي جاءت بالسفن الحربية والمدمرات القتالية والجيوش والاسلحة الفتاكة الى الخليج العربي والمنطقة.
وجاء التصعيد الإسرائيلي للرد على عملية- طوفان الأقصى - التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حيث اقتحم مقاتلوها مستوطنات بغلاف مدينة غزة وشنوا قصفاً على مدن وبلدات إسرائيلية مما أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 6 آلاف إسرائيلي حتى اليوم، إضافة إلى أسر حوالي 250 آخرين.. كذلك قامت إسرائيل بقصف مكثف على قطاع غزة أسفر لحد الأن عن مقتل 7 الأف وجرح 17 الف وتهجير ما يقرب من مليون مواطن فلسطيني.
كل تلك الأحداث أنتجت أجيالاً ترسخ في ذهنها أنه لابد من شخص ما قادم من عمق التاريخ ذو قدرات كبيرة يمهد لها الطريق، فمن الاتكال المطلق على الدولة في توفير السلة الغذائية، ثم البحث عن الوساطات لإدراك الوظائف والمكاسب المتوسطة، ثم انتظار القائد الخارق ليغير المجتمع ويرفع الظلم عن المظلومين ويرد حقوق الأمة المسلوبة، فلا يؤمن الإنسان بنفسه ولا بقدراته التي قد يعيش عمره كاملاً دون أن يتعرض لتجربة واحدة يثبت فيها هذه القدرات.
والكثير من عامة الناس ينتظر القائد الضرورة والبطل القومي ونبوخذ نصر جديد لكي يحرر فلسطين مرة أخرى ويأتي بهم أسرى الى مدينة بابل، وهو جالس على شاشة التلفزيون يترقب حرب غزة اليومية من قناة الحدث أو قناة العربية أو الجزيرة القطرية.. بعدها ينهض من غفوته ليردد (أمجاد يا عرب أمجاد).
***
شاكر عبد موسى/ العراق - كاتب وأعلامي