أقلام حرة
شدري معمر علي: خُرافة الإلحَاد
لم تعرف البشرية ظاهرة انتشار الإلحاد بشكل كبير كما عرفتها الآن فنسبة كبيرة من المجتمعات الأوربية والأسيوية لا تؤمن بدين ولا وجود إله خالق لهذا الكون وهناك فلسفات وإيديولوجيات تنظر لموجة الإلحاد وتدعو له وللأسف مع الفراغ الروحي والجهل بالدين وقع كثير من شبابنا في شرك الإلحاد ...
اقول هذا الكلام بعد قراءة كتاب المفكر والفيلسوف البريطاني "أنتوني فلو" الذي عاش ملحدا أكثر من خمسة عقود ملحدا ومنظرا الإلحاد ومدرسا له في الجامعات ومؤلفا لأكثر من ثلاثين كتابا وبعد كل هذه الجهود والكتابات والحضور الإعلامي يفاجئ العالم ومتابعيه بأنه تخلى عن الإلحاد فيكتب كتابا مهما "للكون إله" يقر فيه بوجود خالق لهذا الكون ويبطل خرافة الإلحاد...
وحسب دراسة أعدتها الندوة العالمية للشباب المسلم والإلحاد هو: " مذهب فلسفي يقوم على فكرة عدمية أساسها إنكار وجود الله الخالق سبحانه وتعالى، فيدّعي الملحدون بأن الكون وجد بلا خالق.
وأن المادة أزلية أبدية، وهي الخالق والمخلوق في نفس الوقت."(1)
"والإلحاد في اللغة يعني الميل والعدول عن الشيء، وهو في الشريعة يقصد به الطعن في الدين أو الخروج عنه.
ومن الإلحاد أن يطعن أحد في دين الله تعالى وأن يشكك فيه مع أنه قد ينتمي اسما إلى الإسلام، أو التأويل في ضرورات الدين، كأن يقول: الصلاة ليست واجبة، أو أنها لا يشترط أن تصلى كما يصلي المسلمون، أو أن الحجاب ليس فريضة، أو أن الربا ليس محرما ونحو هذا"(2).
يستغرب الدارس لظاهرة الإلحاد أن يجد كتابا كبارا ومثقفين يتقنون عدة لغات يصرحون علانية أو في مجالسهم الخاصة بأنهم ملحدون فكيف يلغي هؤلاء عقولهم ويتخلون عن أكبر نعمة وهي التأمل والتدبر في خلق الله؟ لو أمعنوا النظر وتخلوا عن كبرهم وتعنتهم لوصلوا إلى الحقيقة الساّطعة التي وصل إليها "انتوني فلو" بعد عقود من التيه والضياع في ظلمات الإلحاد الحالكة المكفهرة.
كيف غاب عنهم أن وراء هذا الجمال والإبداع في الخلق خالق جميل مبدع قوي جبار؟.
إن الإلحاد خرافة ناتجة عن عدم التعمق في العلم والغرور بمظاهره الاكتفاء بقشوره..
يقول العالم الألماني الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1932 ” فيرنر هايزنبيرغ”:” إن أول جرعة من كأس العلوم الطبيعية سوف تحوّلك إلى ملحد، ولكن فى قاع الكأس، ستجد الله فى انتظارك” هذا كلام صادق من عالم متبحر فالتعمق في العلم والغوص في بحاره يقود الإنسان إلى معرفة الله الخالق لهذا الكون المدبر لشؤونه الرحيم بخلقه..
فالإنسان عابد بالفطرة ولم نجد في تاريخ الإنسانية امة بلا عبادة، يقول المؤرخ الإغريقي “بلوتارك”: “لقد وُجِدَت في التاريخ مدن بلا حصون، ومدن بلا قصور، ومدن بلا مدارس، ولكن لم توجد أبدا مدن بلا معابد”.
فلنحصن أبناءنا من موجة الإلحاد بغرس فيهم قيم الدين الحق الوسطي المعتدل بعيدا عن التطرف والفهم الضيق المغشوش ولنحاورهم بالعقل وأساليب الإقناع ولنصغ لهم ونتفهم عصرهم واهتماماتهم لنكن لهم قدوات صالحة ونماذج ناجحة معتدلة في حياتها.
***
الكاتب والباحث في التنمية البشرية
شدري معمر علي
.........................
المرجع:
1- الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الإلحاد، صيد الفوائد.
2- مسعود صبري، فقه الإلحاد، إسلام أون لاين.