أقلام حرة
عبد القادر رالة: انتشار الإسلام بين المغول
كان ظهور المغول في القرون الوسطى مفاجئاً، مروعاً ومدمراً ليصنعوا تاريخا ملطخاً بالدماء والدموع والجماجم والرعب، إذ اجتاحت جحافلهم الصين وأسيا الصغرى وجنوب روسيا وفارس والعراق والشام وشمال الهند، وتمكن هؤلاء القوم الهمج، المتوحشون سريعو الحركة والانقضاض من القضاء على كل الحواضر ومراكز الحضارة في المناطق الي وطأتها سنابك خيولهم ورؤوس سيوفهم فدمروا دور العبادة والعلم وشتتوا العلماء وطلبتهم وأحرقوا الكتب النفيسة والمراجع الملهمة ...
غير أن كل هذه الحوادث المرعبة لم تثر المؤرخين مثلما أثارهم دخول هؤلاء القوم الهمج الإسلام واعتناقه بعدما نكلوا بأهله وعذّبوا أئمته وأحرقوا مدنه الزاهرة العامرة من سمرقند وبخارى الى مرو وبغداد...
لم يكد يمر اقل من نصف قرن على تدمير بغداد حتى بدأ المغول يدخلون في دين الإسلام بالمئات والألاف، بل قبائل بأكملها اعتنقت الإسلام، وكثير هم الأمراء الذين كانوا يسلمون فيتبعهم أهليهم ورعاياهم ..
وبحث المؤرخون والمستشرقون عن أسباب ذلك التحول المفاجئ باعتناق المغول للإسلام في أسيا الوسطى وغرب وجنوب الصين وفي فارس وجنوب روسيا وشمال الهند، وبعد البحث والدراسة اكتشفوا أن ذلك التحول تم بفضل شيوخ من متصوفة المسلمين استطاعوا أن ينفذوا الى قلوب أولئك البرابرة الأجلاف بالقدوة والسلوك الحسن، والمدهش أن التاريخ لا يكاد يعرف عنهم شيئا سوى أنهم رجال بسطاء أفلحوا في إقناع أمراء المغول ورعاياهم وقادتهم العسكريين في اعتناق الإسلام فاعتنقوه عن قناعة وحب فتحمسوا في نشره ونافحوا عنه وساهموا في نشره وتوطيد أركانه في الصين والهند وجنوب روسيا وشرق أوروبا...
***
بقلم: عبد القادر رالة