بأقلامهم (حول منجزه)
سنية عبد عون: المفكر ماجد الغرباوي كما عرفته
قرأت له منذ سنين خلت من خلال صحيفة المثقف والتي تكون تحت اشرافه.. يسير على مبدأ واحد ولا يمتلك محاباة برأيه ولا يميل لجهة معينة دون أخرى.. يمتلك مهارة في انتقاء افكاره.. عرفناه مفكرا اسلاميا متنور الرؤى عميق التحليل جلي الأفكار بأسلوب رصين ...راقي اللغة رفيع المعاني ولا يهدف من ورائها منصبا أو مصلحة خاصة بقدر ما يهمه انتشال القارئ من ضجيج المفسرين وتنوع مشاربهم وتفسيراتهم التي لا توضح الفكرة انما تعقدها وتسحب القارئ الى مجاهل غريبة بعيدا عن الفكرة الرئيسية..
يمتلك شجاعة في قول الحق ولا يهاب لومة لائم ولا يجانب مهما كانت الظروف المحيطة به.. يعتمد على الاستنتاج العقلي والمفهوم المتحضر بروح انسانية عالية.
يبحث عن الحقيقة لينير العقول التي باتت مشتتة بين هذا وذاك.. رجل ملتزم بقضيته متنور في زمن تتكالب فيه الناس على حطام الدنيا ويجافون الحقائق للمتاجرة بما يطرحونه من أفكار سطحية عقيمة لا تخدم مصلحة الناس بقدر ما تخدم مصالحهم الخاصة.. مسك معوله بثبات وعزم وأخذ يحطم أسوار جهلهم وخرافاتهم التي عشعشت في عقول الكثير من الناس حتى كأنها غدت من الأمور المسلم بها.
لقد أسس بجهود مضنية مفاهيما جديدة راسخة لفهم الدين بصورته الجليلة الراقية كما أراد لها الله سبحانه وتعالى وبذلك دك معاقل التابوهات.. وسيكون لأطروحاته أثر كبير في تحويل اسلوب الدراسة الى المنهج الحديث بعيدا عن المواعظ المكررة والساذجة التي أرادها الظلاميون ان تكون طريقهم لارتقاء سلم مجدهم المزيف عن طريق الترهيب والترغيب والاسطورة والخرافة والتجهيل المتعمد.
وما أظن اني بحاجة لإيراد الأمثلة على ذلك انما أيسر الاطلاع على مؤلفاته توضح ما ذكرته جليا.
قرأ الغرباوي الدين الاسلامي قراءة منصفة مشذبة من العوالق التي الصقت به فقدمه للقارئ في كل كتاباته كونه دين التسامح والرحمة والمحبة واحترام الانسان وان يأخذ كل ذي حق حقه.
لقد قدم للمكتبة العراقية والعربية ثراء فكريا جديدا بمؤلفاته القيمة.. وسيهتم الدارسون بهذه الأفكار النيرة التي طرحها وهي جديرة ان تدرس دراسة مستفيضة لما تحمله من أفكار ناضجة وأودع فيها المؤلف زبدة حكمته وأراءه والتي عالج من خلالها أسباب التخلف والجهل في مجتمعاتنا ...
يقول عبد الرحمن الكواكبي: لماذا يضعف المسلمون؟ يضعفون لانهم اهملوا آداب الدين التي نهضوا بها في صدر الاسلام.. ثم يتساءل: ولماذا أهملوا آداب الدين..؟ لأنهم جهلوا لبابه وأخذوا منه بالقشور.. ولأنهم فقدوا الهمة وقنعوا بالضعة واستكانوا الى الخور والتسليم.
***
سنية عبد عون رشو
.....................
* مشاركة (44) في ملف تكريم ماجد الغرباوي، الذي بادر مجموعة من كتاب المثقف الأعزاء إلى إعداده وتحريره، لمناسبة بلوغه السبعين عاما، وسيصدر كتاب التكريم لاحقا بجميع المشاركات: (شهادات، مقالات، قراءات نقدية ودراسات في منجزه الفكري).
رابط ملف تكريم ماجد الغرباوي