أقلام فكرية
اللغة وتجريد بيولوجيا التعبير
(تفكير العقل صمتا لا يلغي ابجدية اللغة الصورية صوتا ومعنى كما هي في تعبير اللغة الصائتة عن مدركات العقل من الاشياء والمواضيع في العالم الخارجي)... كاتب المقال
الفكر والمادة
إذا كان هناك خاصية ينفرد بها الفكر تراسندتاليا (متعاليا) على الواقع فهي أنه يتطور ويتغير أسرع من التغييرات ألحادثة في واقع الحياة المادية وعالم الاشياء من حولنا في الطبيعة، بمعنى الفكر يدرك الموجودات بالوصاية العقلية عليها بما يجعل من هذا الاخير(الواقع بموجوداته) تابعا للفكر الذي يتقدمه في نفس الوقت الذي لا يمكن القفز من فوق حقيقة أن الواقع المادي للاشياء هو مصدر إلهام الفكر وسابق عليه وليس العكس. فالفكر لا يصدر من فراغ أي بلا موضوع يدركه حسيا او خياليا سابقا عليه .
تبدو مفارقة متناقضة حين نقول الفكر يتقدم الواقع المادي في التقاطع مع/ والخروج على النظرة المادية ونسقط في تعبير مثالي حين نجد الافكار تجر الواقع وراءها على الدوام، في حين الحقيقة أن الواقع في موجوداته المستقلة أنطولوجيا هو محرك الفكر المحايث له ماديا جدليا السابق على الفكرالمنتج لاستثارة ادراكه العقلي،، والأفكار في الوقت الذي تدخل جدليا(تكامليا معرفيا) مع موجودات الاشياء فهي تسابقها من أجل تغييرها وتطويرها بعد معرفتها وإدراكها عقليا، وتتطور هي ذاتيا أيضا بعلاقتها الجدلية مع تلك الموجودات. العلاقة بين المادة والفكر تكامل معرفي لكليهما في التقدم والتطور.
والافكار التي تحاول تغيير الواقع جدليا متخارجا مع موجوداته تتطور هي الأخرى في جدليتها المتعالقة بها.فوجود الشيء أو الموضوع المستقل ماديا أو خياليا يعالج من قبل الذهن فكريا في العقل البايولوجي قبل الأفصاح عن وجوده المادي في عالم الاشياء بواسطة تعبير اللغة عنه كموجود في العالم الخارجي او موضوعا متخيلا. الموجود يسبق الفكر لكنه لا يلزم العقل ادراكه.
الموجودات في العالم الخارجي لا قدرة لها الإفصاح عن نفسها دونما الإدراك العقلي لها والتعبير الفكري لغويا عنها. وكذا نفس الحال مع المواضيع المصنّعة خياليا. فنحن نفهم الصمت تفكيرا إستبطانيا داخليا ذاتيا ولا نفهمه تعبيرا لغويا تواصليا صوت ومعنى دلالي. صمت اللغة في ضروب الفنون والادب تواصل إيحائي تكون فيه لغة التعبير في حالة كمون بمعزل عن خاصية ملازمة الصوت للغة.
وهذا يختلف عن صمت الانسان وإمتناعه التعبير عن تفكيره باللغة المكتوبة أو بالكلام في حال ادراكه ان لا فائدة من التعبير اللغوي . وتاكيد ذلك في تعبير لوفيدج فينجشتاين قوله حين نعجز التعبير بوضوح يكون الصمت أجدى.
ليس الواقع الوجودي للاشياء هو الإنعكاس الميكانيكي في تعبير الفكر واللغة عنه، وأنما الموجود بعد إدراكه حسّيا وعقليا يتم تخليقه ثانية بالعقل بما يطلق عليه كانط مقولات العقل. والاشياء التي يعمل العقل على تطويرها ينعكس هذا التطور الواقعي على الافكارالتعبيرية عنها فتتطور هي ايضا. بمعنى أن الواقع الذي يتطور بفاعلية الفكر يقوم هو الآخر بتطوير (ذاته) واقعيا ماديا ليبقى الفكر يتقدم الواقع في تخليقه له على الدوام ولا يتقدم عليه في أسبقية وجوده على الفكر..
العقل والفكر
الفكرالمادي أو الفكر المثالي المعبّر عنهما باللغة في علاقتهما بالوجود لا يتم تفريقه النوعي بينهما في تعبير الفكرعنهما باللغة المجردة، فالوجود المادي المستقل لا تحدد ماديته اللغة كونه ماديا أو مثاليا أو أي شيء آخر كموضوع خيالي مستمد من الذاكرة بمقايسته باللغة كنظام دلالي يعطي معاني الاشياء في ملازمته مطابقة التعبيرعنها.
إن الانسان كائن مفكر، والحقيقة أن الذي يغّير مسار الانسانية أنما هو الفكر حسب تعبيربوشنسكي. واضح أن التاكيد هنا على فاعلية الفكر كمضمون عقلي تخليقي هو الذي يقوم بتغيير العالم وليس اللغة كشكل تأطيري تعبيري لمضمون التفكير العقلي،، الفكر هو الذي يقوم بتجديد الوجود المادي أو المثالي كماهية وجوهر. وتبقى حقيقة الفكر التغييري للحياة مرهونا بارادة الانسان.
فالفكر مضمون عقلي واللغة تأطير شكلي له. والفكر نظرية والموجودات وقائع تحملها الصدف الإدراكية بها أوالوعي القصدي لمعرفتها. كثيرة هي الاخطاء ان وعي الشيء قصديا يعني حتمية تغييره. والصحيح ان الارادة الانسانية وليس وعي الواقع الذي لا يمتلك ارادة ذاتية هي الفيصل في تحقيق الوعي القصدي المطلوب تحقيق هدفه.
أما الذي يمنح الوجود المادي حقيقته كموجود، ويعطي الموجود الخيالي متعيّنه كموضوع في الذهنية الفكرية، في تمييز العقل بينهما إنما هو الفكر الناتج عن مصنع الحيوية العقلية والتخليق في إدراك الوجود وإضفاء ماهيته وصفاته عليه قبل إعادته بالفكر المعبّر عنه لعالم وجود الاشياء ثانية..
الفكر لايخلق الموجودات من فراغ بل هو يقوم بمعرفتها وأدراكها وعيا عقليا كمواضيع مادية أو خيالية بغية إعادة تأثير العقل بها ومعالجتها في وجودها المادي المستقل بعالم الاشياء. ومن دون الإدراك العقلي للأشياء لا قيمة موجودية تمتلكها الاشياء في وجودها المستقل لا في التاثير بغيرها ولا في التاثير بها..
كيف يتغير الموجود؟
الوجود المادي للاشياء لا يتغير تلقائيا ذاتيا ديالكتيكيا بقانون وحدة وصراع الأضداد داخل المادة أو داخل الظاهرة الواحدة من دون توفر العوامل الموضوعية الخارجية والظرفية التي تقوم بتحريك وتفعيل التضاد الداخلي الذاتي، في تخليق العقل له على مستوى المادة بما يتوجب أن يكون عليه الوجود من تغيير مستمر.
تخليق التفكير العقلاني هو الذي يعطي الموجودات والاشياء في العالم الخارجي الحركة والتطور وتبقى اللغة تعبّرعن الوجود في صيرورته المستمرة في ملازمتها الفكروالوجود معا.
هنا يكون تخليق العقل للوجود يحضر كعوامل موضوعية خارجية محكومة بظرفية تعمل على تسريع التناقضات الجدلية داخل الظاهرة المادية كي ينبثق عنها ظاهرة مستحدثة جديدة أكثر تطوريا من الاولى وهكذا..
أما حضور العوامل الموضوعية الخارجية كجدل ديالكتيكي على مستوى تثوير التضاد والتناقض على مستوى تفاوت مستوى معيشة الطبقات الاجتماعية بين الذي يملك والذي لا يملك فهو يكون بوسيلتين الاولى مصالح الطبقة الفقيرة المحرومة كوسيلة وأداة تغيير والثانية هو النظرية التي تستهدي بها الطبقات المقهورة في تسريع النضال الذاتي لديها من أجل نيل مصالحها المشروعة المغتصبة وإستحصال حقوقها المصادرة منها كفائض ناتج قيمة عملها.
الوجود لا يتغير بالفكر النظري فقط .....
ولايتم تفريق الفكرالمادي أو المثالي بمقايسته بالوجود الطبيعي المستقل للاشياء وتفسيرها وفهمها لأن الوجود غير المدرك عقليا في إستقلاليته في عالم الاشياء،هو غيره الوجود الذي تم تخليقه وتصنيعه في تناول العقل له أول مرة قبل إعادته ثانية بتخليق فكري وفهم جديد الى واقع الاشياء. وليس باللغة المعبرّة عن الوجود فقط ينفرزعنها تباين الفكر المادي عن الفكر المثالي إلا بعد الإدراك العقلي لموضوع التفكير أولا ، وفي تعبير اللغة عنه ثانيا.
فالفكر يكتسب هويته وماهيته بعلاقته بالوجود المادي المتبادل المتخارج معه، وليس باللغة التي تعّبر عن الوجود في ملازمة الفكر التجريدي لها. فالفكر يكسب الوجود ماهيته، ويكتسب هو أي الفكر بالوجود هويته وصفاته ماديا أو مثاليا.
والفكر واللغة في تلازمهما معا لا يستطيعان خلق وجود شيء وإعطائه صفاته وعلّة وجوده في علاقة تعبيرهما عنه كوجود مجرّد في الذهن فقط، وإنما الوجود يكتسب صفاته وماهيته في تعالقه مع الإدراك العقلي له، قبل الفكر المعبّر عنه في تعالقه مع اللغة.
وجود الاشياء في نوع علاقتها مع التفكير العقلي لها، تسبق الفكر واللغة المعبّرة عنها لاحقا. فالعقل يستبق الفكر واللغة في تلازمهما وإدراكهما للوجود الخارجي ، وهذا يخالف مثاليو فلاسفة نظرية المعرفة في تزمتّهم الخاطيء القول (أن فعل المعرفة لا يقوم في عملية إدراك الموضوع،بل في فعل خلق الموضوع، وأن الوجود لا يوجد في ذاته، إنما الفكر هو الذي ينشؤه).
ببساطة متناهية الفكر لا ينشيء وجودا من فراغ مادي وجودي سابق عليه، بل من موجود أو موضوع مدرك له سابق عليه، لكنه (الفكر) يضطلع بمهمة تغيير وتبديل الاشياء والموجودات كمواضيع يدركها العقل ويعمل على تخليقها في جدلية من الصيرورة الدائمة غير المنتهية بين الموجودات ولغة الفكر المعبّر عنها.
فهل يسبق الفكر أو اللغة أحدهما تراتيبيا في تعبيرهما عن الوظيفة الإدراكية التخليقية العقلية التناوبية للموضوع،؟ وفي تعبيرهما عن وجود المادي في أختلافه عن التفسير المثالي على مستوى إفصاح اللغة في علاقتها بالاثنين كوجودين غير مختلفين المادي والمثالي؟
إننا في هذه الحالة نفهم أن الفكر المادي في تمايزه عن المثالي هو في أسبقية الفكر على اللغة على صعيد الإدراك الوجودي للاشياء في الواقع عقليا (صمتا) تفكيريا تخليقيا من دون الإفصاح عنه باللغة تعبيريا.
بمعنى أن تخليق وإعادة إنتاجية الشيء المفكر به (جوّانيا) من قبل العقل الذي نقلته له الحواس كموضوع لتفكير العقل به، يكون حضور الفكر سابق على عطالة اللغة في فعالية التفكيربالموضوع عقليا صامتا، وتنقلب المعادلة في الأسبقية حين يتم توظيف العقل اللغة التعبير عن الشيء في وجوده الخارجي وبإدراكه المتعيّن الجديد. فاللغة هنا تسبق الفكر.فإدراك الشيء في العالم الخارجي يكون في أسبقية اللغة التي تكون هي الفكر في ذات الوقت ونفس المهمة في تعيين وجود الشيء المدرك حسيا أو حدسيا. وهذا يجنبنا الحذر الشديد ان التفكير لغة سواء اكانت منطوقة ام كانت صامتة.
وإن بدت (اللغة والفكر) كليهما متلازمتان لا يمكن التفريق بين الفكرة واللغة المعبّرة عنها إدراكا أو حدسا، كما من المتّعذّر إعطاء أسبقية لاحداهما على الاخرى في التعبير المختلف عن الوجود ماديا أم مثاليا بشكل مفارق في تمييز أحدهما عن الآخر. فاللغة قرينة الفكرفي عدم إمكانية التفريق بينهما في تعبيرهما عن الاشياء الموجودة في العالم الخارجي.
والفكر يتعالق مع اللغة في فهم الاشياء وإدراكها.واللغة لا وجود حقيقي لها في مفارقتها التعبير عن الفكر وكذا لا أهمية للفكر في الوجود خارج العقل في تعبير اللغة المتعذّرعنه. فاللغة لا تعبّرعن موجودات خالية من المعنى المضموني الفكري المدرك عقليا بل وفي هذا تفقد اللغة أسمى خاصّية لها أنها وسيلة العقل في التعبير عن الموجودات والاشياء في العالم الخارجي.
عليه يكون التمييز بين الفكر المادي عن الفكر المثالي لا يتم بمنطق تعبير اللغة المجردة أو المفصحة عنهما كموضوعين مختلفين في التعبير اللغوي فقط، كما فعل هيجل بخلاف ماركس في إعتبار هيجل الجدل أو الديالكتيك المثالي يتم بالفكرالمجرد وحده وليس في تعالقه المتخارج مع الواقع أو الوجود الحقيقي المادي للاشياء.
إن العقل وحده له الأسبقية في تحديد الوجود والفكرالمتعالق معه أن يكون ماديا أم مثاليا. واللغة تكون في هذه الحالة وعاء الفكر في تحديد نوع الوجود المادي أو المثالي المفصح عنه بتعبير اللغة.
في عالم صنع الانسان لحياته في كل مناحيها بعلاقته بظواهرالطبيعة ومواضيعها، بمعنى أن وجود عالم الاشياء سابق على أدراك الانسان لها انطولوجيا، وتنظيم الانسان لوجود عالم الاشياء هو الحافز الاساس لأدراكه تلك الموجودات، والعامل الأهم أنه ينظم مدركاته للاشياء التي هي بالنتيجة تنظيم حياته ووجوده، والفكر الانساني لا يعمل في فراغ وجودي مادي أوفي فراغ غير موضوعي متخيّل من الذاكرة ولا في تجريد ذهني يلغي مؤثرات علمية ومعرفية عديدة في فهم وبناء الحياة الانسانية...
فالفكر نتاج عقلي لا يعمل بغياب موضوع تفكيره، بل والفكرقوة مادية يكتسب ماديته من الجدل المتخارج مع موضوعه.. والفكر من غير موضوع مدرك له غير موجود في نظام العقل في وعيه الاشياء، أي لا يعي أدراك ومعرفة الموجودات،لأن غياب موضوع الادراك يعني غياب وجوده المادي أو المتخيّل الذي يعطي الافكار نظامها الادراكي المقبول المتسق بين موضوع الادراك ومدرك الانسان العقلي له ..
الحقيقة الثانية في إشتراط توفرها في الفكر لكي يكون فاعلا منتجا، أنه لا وجود لشيء بظواهر صفاتية بائنة وماهية أي متعيّن في شكل ومحتوى مادي يدركه الانسان في الطبيعة وعالم الاشياء لا يتمتع بنوع من القوانين التي تحكم علاقته الذاتية الخاصة به كجوهر وصفات، مع العلاقة الإدراكية بالانسان كفعالية فكرية تنظم وجود الاشياء وتعمل التعريف بها وإكسابها تخليقا وجوديا مستحدثا، وأن ما يخلعه الفكرالانساني من معارف في تعديله تلك القوانين في عالم الاشياء أنما هي قوانين أدراكية فكرية لم تكن موجودة قبل ملازمة الاشياء للفكرالانساني لها الذي يريد فهمها وتفسيرها وتنظيمها،..
وليست قابلية الفكر الانساني إنشاء قوانين تخليقية بغية إيجاده كائنا أو شيئا آخرجديدا لم يكن موجودا بالفكر كما يرّوج له فلاسفة المثالية...الفكر لا ينتج عوالم الاشياء ماديا في وجودها الطبيعي من لا شيء متعيّن يسبق وجوده تفكيرالانسان المنظّم به....وعالم الاشياء والموجودات في الطبيعة هو عالم مادي رغم أن وسيلة تخليقه وبنائه المعرفي تقوم بالفكر واللغة التعبيرية المجردة التي تعتبربمثابة المنهج والدليل الذي يقود الانسان الإهتداء به كنظريات وقوانين في تغيير عوالم الاشياء وفي مدركات الطبيعة معا.. من المهم التفريق ان تخليق الانسان لقوانين ادراكية معرفية مصدرها الطبيعة وبين القوانين الفيزيائية التي تحكم ثبات تلك القوانين ولا قدرة للانسان التدخل فيها.
إن نظام العالم الطبيعي الخام ونظام العالم الانساني المخترع المصنوع كيفيا متمايزا ومبتكرا في قوانينه في تلازمهما معا عرف بهما الانسان كيف ينظّم أفكار إدراكاته ويتكيف ايجابيا مع الطبيعة بما يفيده منها في عالم تفاعله الإدراكي مع عوالم الاشياء من حوله، كما أن الانسان في تخليقه لعالمه الانساني المتطور علميا ومعرفيا وعلى مختلف الصعد والنواحي وفي كافة المجالات لم يستمد تقدمه الا بمفارقته (وهم) فرضية أن قوانين الفكر التي يبتكرها ويخترعها الانسان تسعى في حقيقتها المطابقة مع قوانين الاشياء بما يقعد تطور وتبديل وجود الاشياء المحكومة بقوانين ذاتية وموضوعية ثابتة قبل محاولة الانسان تغييرها من جهة ، كما أن مطابقة الافكار لموجودات الاشياء والقوانين التي تحكمها ليس رغبة الإكتفاء بمعرفتها دون إرادة تغييرها وتبديلها،وبغير ذلك يجعل من الفكر مثاليا إبتذاليا ساكنا في علاقته بواقع الاشياء في وجودها المادي الساكن أيضا في الطبيعة، وبذلك لا يتم تبديل الواقع بالفكر، ولا تطوير الفكر بعلاقته الجدلية بتغيرات وتحولات الواقع....
الفكر الذي يعمل على تطوير واقع الاشياء إنما هو الآخر يتطور في مجاراته تطورات الواقع ومجاوزته لتلك التطورات في تعاليه عليها بإستمرار... وفي الفرضية الخاطئة التي تقود الى نتيجة خطأ أيضا هي في إعتبار عملية إدراك الانسان الاشياء هو في سعيه مطابقة قوانينه المستحدثة مع قوانين الاشياء في وجودها قبل إدراكها وهو إفتراض وهمي غير حقيقي ولا يمكن الانسان فهم وتنظيم عوالمه الحياتية بهذا التنميط من التفكيرالسلبي مع إدراكاته لعوالم الاشياء في وجودها الطبيعي.. بل أن تدخل الاشياء المدركة مع الفكر في جدل ثنائي متبادل يكسبهما كلاهما التغيير والتطور وبغير هذا الفهم معناه نفي أن يكون هناك فائدة من وعي الانسان لموجودات الطبيعة وإستحداث رؤيته وقوانينه لها..ألنتيجة التي يحرزها الفكر بالنهاية من هذه العملية هو أن تكون قوانين الفكر هي قوانين الاشياء في الواقع... بمعنى أصبح ما نمتلكه عن الاشياء من أفكار نتيجة مدركاتنا لها هو وحده الذي يعطي وجودها الحضوري الواقعي في حياتنا...
***
علي محمد اليوسف /الموصل