أقلام ثقافية
حوا بطواش: الوقت
الوقت... ما الوقت؟ وما أدراك ما الوقت؟
هل هو ذاك الشيء الذي يتسرّب من بين أصابعنا، كحبات الرمل، دون أن نحسّ، فنجد أنفسنا في مكان لم نكن نتوقعه على الاطلاق؟
يسرق من عمرنا أياما وسنوات دون أن ندري كيف ومتى ولماذا أصبحنا على ما نحن عليه؟
الوقت هو الحياة. تلك الحياة التي لم نخطّط لها من قبل. فإن ضاع الوقت... ضاعت الحياة.
فهل الوقت هو من يضيع منا، أم نحن من ندعه يضيع؟
هل الوقت في جيبنا، أم نحن في جيبه؟
هل نحن من نصنع الوقت، أم هو من يصنعنا؟
الوقت، ذاك الوقت، كم هو سريع الانقضاء. فما مضى منه لا يعود.
يمكننا أن نكسب المال، ولكن، لا يمكننا أن نكسب الوقت.
الوقت من ذهب، إن لم ندركه ذهب!
الوقت يعلّمنا ألا نسمح لأحد أن يعاملنا بمزاجه، فإما أن يعاملنا بما يليق بنا أو ندعه لما يليق به.
سنوات طويلة تضيع من حياتنا... ننتظر... ننتظر شيئا ما لا يأتي، نختلق الأعذار ونبقى ننتظر... ننتظر الوقت المناسب، ويمرّ الوقت دون أن يأبه. يمرّ... ويكاد يقتلنا بالحزن والبؤس.
ونسأل الوقت... إلى متى؟
ولا جواب.
لا جواب إلا ما يختمر في النفوس. فالوقت الذي لا نقتله بالعمل يقتلنا بالملل. ومع مرور الوقت نجد أنفسنا في مكان آخر.
الوقت يكشف لنا ما كنا نجهله بالأمس، يشحننا بالجرأة والشجاعة، ويدفعنا لنقول ما كنا نخشى أن نقول، ونفعل ما كنا نخاف أن نفعل.
الوقت لا يتغير، نحن من نتغيّر مع الوقت.
يوجد وقت لكل شيء. والوقت الذي يمرّ لا يعود، لكنه يترك جماله محفورا في ذاكرتنا، نحمله دومًا في كل مكان. فجمال المكان بمن رافقنا فيه وجمال الوقت بمن شاركنا فيه.
الوقت يكشف لنا كم تغيّرنا، وكم قطعنا من أشواط ومراحل حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه. فإن لم أكن من كنته بالأمس، لم أكن لأكون ما أنا عليه الآن.
كم أنا فخورة أيها الوقت.
قد علّمتني ما لم تعلّمني أية جامعة أو كلية، علّمتني من أكون.
***
حوا بطواش
كفر كما / الجليل الأسفل