نصوص أدبية

سعد غلام: رَغبةٌ تُراوِغُ شكلَها

لَمْ أَكُنْ غَيْرَ ارْتِجافِ الرِّيحِ

في جَسَدِ الغُيُومْ

كُنْتُ أَلْمَحُني

عَلَى كَتِفِ المُدَى

أَزْهُو وَأَنْفَصِلُ

كَأَنِّي المَاءُ

يَسْكُنُ في زُجَاجٍ لَا يُحِبُّ الشَّكْلَ

لَكِنْ... يُقَلِّدُ الانْكِسَارْ

2

أَنْتِ لَا تَأْتِينَ، لَا تَغِيبِينَ

تَتَمَوْجِينَ كَنَبْضِ نَفْسٍ

لَا تُجِيدُ تَخَيُّلَ المَوْتِ

كُنْتِ فِي جُرْحِي نَدًى

كُنْتِ تَحْتَ الجِلْدِ

أَشْتَاتَ التَّهَاوِي

كُنْتِ تُهْدِيني نَجَاةَ القَطْرِ

مِنْ أَوْرَاقِ نَارْ

3

نَتَقَارَبُ...

يَفْتَرِقُ الكَفُّ عَنِ الكَفِّ

يُلْتَصِقُ الظِّلُّ

بِالظِّلِّ الَّذِي لا يَثْبُتُ

فِي خُطَانَا

نَنْفَصِلُ فِي وَهْجِ لَمْسَتِنَا،

نَلْتَحِمُ فِي عُرْيِ مَا يَخْفَى

وَلَا يُدْرَكُ فِي اللَّفْظِ المُبَاحْ

4

أَيُّهَا اللَّمْسُ الَّذِي يُذْكِي بِيَاضَ الصَّمْتِ

خُذْنِي،

كَمَا يَأْخُذُ العُرْيُ ظِلَّهُ،

كَمَا يَأْخُذُ النَّزِيفُ مَاءَهُ

لأُكْمِلَ فِي الجَسَدِ انْكِسَارَ اللَّفْظِ،

أَوْ أَتَجَلَّى فِي الضِّيَاءِ...

بِلَا وُجُودٍ

أَوْ بِلَا أَلَمٍ يُفَسِّرُ مَنْ أَنا

5

فِي ضُلُوعي نَبْضُ مَنْ نَسيَ الرُّؤى

وَتَنَامَى كَالسُّؤَالِ المُنْحَدِرْ

كُلُّ جُرْحٍ فِيكِ مَاءٌ،

كُلُّ مَاءٍ فِيكِ نَفْيٌ،

وَالمَعَاني تَسْتَحِمُّ بِخَفْقَةٍ

ثُمَّ تَذُوبُ كَمَا البُخَارْ

6

هَلْ أَنَا ظِلٌّ؟

أَمِ اسْمٌ يُشْبِهُ الإِشَارَةَ في يَدِ النَّافِذةِ؟

هَلْ أُسَاكِنُكِ لِأَنْسَاكِ،

أَمْ أُقِيمُ عَلَى فُتَاتِ الحُلْمِ

فِي جَسدِ الغُيُومْ؟

7

أَنْتِ لَا تَجْرِينَ في عِرْقي

وَلَكِنِّي أُصَابُ بِكِ

كَمَا يُصابُ البَحْرُ

بِالرِّيحِ الَّتي تَنْسى اتِّجَاهَها

أَنْتِ خَارِطَةٌ،

وَنَبْضي بَلَلٌ في الهَامِشِ المَطْويِّ

في دَاخِلِ هَوَانا

8

هَذِهِ اللَّحْظَةُ كَانَتْ

رَجْعَ لَفْظٍ لَمْ يُقَلْ،

رَعْشةَ الصَّدْرِ الَّذي يَبْكي

إِذَا لَامَسهُ النَّوْمُ الخَفيفْ

9

فِي عِنَاقٍ يَصْطَفِي فِينَا الحُطامْ،

نَتَجاذَبُ نَفْسَنا،

وَنَعِيشُ في الأَشْلَاءِ

مَا كُنَّا نُسَمِّيهِ اكْتِمالاً،

ثُمَّ نَنْسَى،

ثُمَّ نُوجِعُ مَا تَشَكَّلَ

مِنْ هَوَانا... في الضَّريبةِ

10

لَسْتِ أَفْقي،

وَلَسْتُ أَنَا أَبِي،

نَتَناسَلُ كَالظِّلالِ

في مَسامِ العَالَمِ،

لَا نُشْبِهُ مَنْ كَانُوا،

وَلَا نَثْبُتُ فِي نَفْسٍ تَقُولُ: أَنا

11

في ضَرَبِ الأَشْيَاءِ،

أَسْقُطُ مِنِّي،

وَأَصْعَدُ في جَسدٍ

لَا يُسَمِّي نَفْسهُ

إِلَّا بَعْدَ الأَلَمِ

12

تَسْأَليني:

مَنْ يُقيمُ في خَطْوةِ الجَسدِ؟

أَقُولُ: هُوَ مَا يُبَالي

مِنْ نُفُورِ اللَّمْسِ، أَوْ إِنْسِجامِ الصَّدَى

هُوَ مَنْ يُقيمُ على مَدًى يُفْنيهِ

ثُمَّ يُعيدُهُ، بِلَا سَببٍ

13

كُنْتِ كَالماءِ،

وَكُنْتُ الجَرَسَ الَّذِي

يَقْطَعُ أَسْوَاتَ المَجَازِ

كُنْتِ خَيْطَ النَّفْيِ،

أَمْشِي فِيهِ،

وَأَكْتُبُ مِنْكِ نَفْسي

14

لَمْ أَكُنْ لي،

كُنْتُ أَنْتِ

في دَمي أَصْغَى إِلَيْكِ اللَّفْظُ،

في نَبْضي تَلاوحَ وَجْهُكِ كَ سِرٍّ

في يَدِ الأُفُقِ البَعيدِ

15

مَا الَّذي يُمْكِنُ

لِلْحُبِّ

إِلَّا أَنْ يَفْقِدَ نَفْسهُ

فِي وَقْتِ المُقامِ،

وَأَنْ يُقيمَ في انْهيارِهِ

كمَنْ يَبْني في العَدمِ

16

في جُرْحِنَا مِرْآةُ جَسدٍ

تَتَكَسَّرُ في شِفَاهٍ تُغْوِينا

وَتُبْصِرُنا

وَنَحْنُ نَحْترِقُ

17

كَيْفَ أَخْرُجُ مِنْ دَمي

وَأَنا نَفْسي

في انْهِدامِ نَفْسي؟

كَيْفَ أَتْرُكُني عَليْكِ،

وَأُسَمِّيكِ اسْميَ الثَّاني؟

وَأَنَا لَا أَمْلِكُ

إِلَّا خَفْقةً،

وَرَغْبةً

تُراوِغُ شَكْلَها

18

في خَاتِمةِ الشَّهْوةِ،

كُنَّا نَبْكي

لَا مِنَ الأَلمِ،

وَلَا مِنَ الفَقْدِ،

بَلْ لِأَنَّ المَكانَ

لَمْ يَتَّسِعْ لِكُلِّ مَا فينا

19

فَضيقٌ هُوَ الجَسدُ

على مَنْ عَاشَ بِلا وَجْهٍ،

وَبِلا أَجْفانْ

20

وَفي نِهايةِ النِّهَايةِ،

قُلْنا:

هَذا الهَوَاءُ… يُشْبِهُنا

***

د. سعد محمد مهدي غلام

 

في نصوص اليوم