نصوص أدبية
أيمن الخراط: دمعتان في عين الشهيد

كان المغيب يزحف في بطء نحو الميدان، وكان مثلي يشاهد من فوق القاعدة الرخامية الصلدة عمليات الكر والفر بين الفريقين، تمنيت ولو للحظة أصعد فيها القاعدة التي تفتت رخامها تحت أيدى المتقاذفين لأوضح له، أنه رغم وجود الدبابات لا يشاهد مناورة حية لكتيبة من الكتائب، وأن كل القادة العظام الموجودين داخل الفتارين والمنتصبين فوق أرضية المبني التاريخى المجاور ليس باستطاعتهم اعلان الهدنة ووقف نزيف الدماء، والفصل بينهم، حتي و لو بعمل متاريس عند أول الشارع المسمي باسم من فك طلاسمهم .
الشمس تسحب آخر خيوطها الواهنة من قلب الميدان، أسفل الكوبري ألتصق بأحد الأعمدة الضخمة، لا أملك الا أن أتطلع اليه بوقفته الصارمة وزيه العسكري وصمته الحزين، لم يأخذنى منه غير صوت القادمين بخيولهم من مهبط الكوبري، في لحظة أدركت أنهم يريدون اسقاط الفارس من عليائه، في داخلي نزف شىء كان يكمن منذ سنوات بعيدة، لم أعد أسمع غير صرخة طفلي القادم فى الزمن الصعب.
في لحظة هبوطى من الرصيف ومفارقة العمود الضخم، كان اندفاعى نحو الجموع القادمة ضروريا، تعلقت بساق أحد راكبي الخيول المتجهة نحو الميدان
فوق بلاطات مشروخة أعلى الرصيف وقبل أن أغفوكان يرفع كفه نحو جبهته بالتحية وتسقط من عينيه دمعتان.
***
قصة قصيرة
أيمن الخراط