مناسبات المثقف
محمود محمد علي: صحيفة المثقف.. منبر التنوير والرأي الحر
لمناسبة مرور 15 عاماً على صدور المثقف في 6 – 6 - 2006م
تحتفل صحيفة المثقف بعامها الخامس عشر، ويشرفنا أن نشاركها هذا الاحتفال، وهذا من باب الاعتراف بالجميل، ولا أخجل بأن أقول مع أستاذتنا" علجية عيش": "أن "المثقف" مذ وقعنا على عنوانها، فتحت لنا بابا لصناعة الوجود وبناء الذات الثقافية، في ظرف صعب جدا، يعيش فيه العالم حالة من الاضطراب والقلق والإحباط، جعل الخطاب الثقافي العربي يتراجع نوعا ما وبخطوات كبيرة..، كانت صحيفة المثقف صوتٌ لمن لا صوت له، حيث قرّبت المسافات ورسمت للمثقف العربي طريقا واسعا للسير فيه باطمئنان وثقة في النفس ".
وصحيفة المثقف هي صحيفة الكترونية تصدر من سيدني بأستراليا، وقد أنشأها العالم العراقي الكبير ماجد الغرباوي، وصدر العدد الأول منها في السادس من يونيو من عام 2006م، وهي تعد منصة إعلامية كبري لنشر جميع القضايا الفكرية والثقافية والأدبية والسياسية، من أجل حوار فكري - ثقافي، يعزز قيم التسامح وحق الاختلاف، ولكل فهمه ورؤيته وقناعاته. من حق التعبير عنها، ونقد الآخر على أساسها، وفق منطق عقلي لا يجانب الإطار العام للأخلاق وقيم الحوار الحضاري، ما لم تتعارض مع سياسية النشر في صحيفة المثقف، ومبادئ مؤسسة المثقف وذلك حسب التوجه الذي أكد عليه الأستاذ الغرباوي.
وكان أسلوب صحيفة المثقف أكثر سلاسة ووضوحا من الصحف الالكترونية المعاصرة لها؛ إذ استطاع ماجد الغرباوي - وكان من ذوي الثقافة الغربية، ويمتلك حظا وافرا من الثقافة والبيان العربي- أن يشقا لصحيفة مثقف أسلوبا جديدا في الكتابة، يبتعد عن السجع وأساليب الكتابة الإنشائية التقليدية، واعتمد على اللغة الرصينة السهلة التي تلائم طبيعة القضايا الفكرية المعاصرة، وهي تلك القضايا التي تخاطب القراء على اختلاف ثقافاتهم.
وفي نظري لا أجد وصفا أصف به صحيفة المثقف سوي الوصف الذي أقتبسه من أستاذنا " طه حسين" بأنها تعد بحق "ديوان الحياة المعاصرة"؛ فصحيفة المثقف ليست صحيفة امتد بها العمر حتى شاخت ووصلت من الحياة إلى أرذل العمر، ولكن مرور 15 سنة كان يزيدها أصالة، ومن ثم فهي صحيفة تحمل على ظهرها تاريخاً، سياسياً، واجتماعياً، واقتصادياً، وثقافياً، محلياً ودولياً؛ فشمولها للأحداث جعلها ديواناً للأحداث بلغة عصرها وانفعالاته واهتماماته.
وهنا أتقدم بالتهنئة للأستاذ ماجد الغرباوي بالتهنئة لمرور 15 عاما علي إصدارها، وأهنئه كذلك علي مساعيه الدؤوبة لتطوير وتجديد صحيفة المثقف الزاهرة باستمرار، تلك الصحيفة التي تعرفنا من خلالها علي أعلام كبار وعظام من أمثال: الدكتور علي القاسمي، والدكتور ميثم الجنابي، والدكتور علي وطفه، والاستاذة إنعام كمونة، والأستاذة عجلية عيش.. وغيرهم من القامات المبدعة من المثقفين والشخصيات الملهمة لنا.
كما لا أنسي الدور العظيم الذي تقوم به صحيفة المثقف في عودة الدولة العراقية إلي مسارها الطبيعي بعد أن حاول الاستعمار الأمريكي إفشالها، كما لا أنسي ماجد الغرباوي الذي نأي بموقع المثقف بعيدا عن اغراءات المال (الدسم) من فاسدين صرفوا الملايين على مواقع عراقية باعت موقفها الوطني وفرطوا بأهلهم بالترويج لمن أثرى وأفسد الضمير الأخلاقي واساء الى القيم الدينية وأشاع أحط الرذائل في الناس: الطائفية والكراهية وتغليب الهوية على الهوية الوطنية..فضلا عن الكذب المفضوح واللاخجل من الأعمال القبيحة وذلك حسب قول أستاذنا الكبير ا. د. قاسم حسين صالح.
وخلاصة ما تقوم به المثقف بأقلامها المتواكبة وعطاءاتها المتوافدة، أنها كما قال أستاذنا صادق السامرائي :" تساهم بالبناء النفسي والعقلي والفكري، أي أنها ترمم الخراب العميم الذي أصاب النفس والعقل في مجتمعاتنا، بل أنها تسعى جاهدةً لإعادة الروح إلى الأمة التي نامت أو تحنّطت، وماتت نفسيا، وفي رسالة المثقف شفاء لأمة عليها أن تكون"!!
فشكراَ جزيلاً أستاذ ماجد الغرباوي لموقفكم الوطني النبيل الذي منحكم المزيد من حب المثقفين وتقدير القرّاء.. لموقع يليق بعنوانه.. وأتمنى لأسرة صحيفة المثقف مزيدا من العطاء، ومزيداً من التعاون لمواصلة مشروعنا التنويري المشترك .
أ. د. محمود محمد علي
رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل- جامعة أسيوط