مناسبات المثقف
المثقف العقد الفريد وما تريد!!
منذ إنطلاق صحيفة المثقف إعتدت أن أكتب عنها في عيدها السنوي، وهذه المرة العاشرة التي أكتب عنها، وقد نَشرتْ جميع مقالاتي بذكراها، إلا مقالة السنة الماضية "المثقف هل تثقف"، فنشرتها في صحف أخرى بعد تحريرها، وهذه الكلمات إستجابة لدعوة الأستاذ "أبو حيدر" الذي يحمل لواء المثقف بهمة رائعة.
-1-
بعد رحلة متواصلة مع المثقف على مدى عقدٍ كامل ومنذ أسبوعها الأول، لا بد من القول وبصوت عالٍ وواثق وصادق، أن المثقف إنجاز فكري ثقافي مرموق يستحق التفاخر والتقدير، وهي تعبير صريح وشديد الوضوح عن الإرادة الحرة السامقة المشرقة ذات الإمتدادات الحضارية والإنسانية المطلقة.
فمن الكوارث السلوكية التي أزرت بأحوالنا أننا نبخس الأشياء قيمتها، ونجرّد الدور من معانيه، ولا نتباهى بإنجازات بعضنا البعض، وكعادتنا في واقعنا المرير الذي صنعناه وأسهمنا في تعبيد طرقات مراراته وتراكمات تداعياته، فأن الواحد فينا يتفاخر بإغتصاب حق الآخر وغمط دوره وإسهاماته، لكن السلوك القويم الذي يستدعي التثمين والبناء عليه،ه و علينا أن نعاصر بتجسيد هويتنا الحضارية الإنسانية، ونتشامخ ببعضنا ومع بعضنا، لكي نكون بعصرنا وبموازاة الآخرين من حولنا.
فالمثقف يقف وراءها إنسان مؤمن بالكلمة الصادقة ومتواصل بإصراره على إعلاء شأن الفكرة، وهو يمثل الإرادة الكبيرة المتحدية المثابرة التي تنتصر على المرض والمعوقات بأنواعها، ويمضي بهمة فائقة وصولة أصيلة واثقة، حاملا مشاعل التنوير المعرفي الإبداعي، اللازمة لطرد الظلام والضلال والخداع والبهتان والنكران والهذيان.
وبهذا المجهود الإيجابي نوقد شموع المحبة والأخوة والألفة الإنسانية، التي هي جوهر وجودنا الحضاري والفكري على مر العصور.
إنها المثقف البهية الطلعة السامية المنطلقات الوفية لأخلاقها ومعاييرها، والمؤمنة بدور الكلمة الطيبة وأهمية الفكرة الراجحة في بناء المجتمعات.
-2-
بدأت رحلتي مع المثقف في أسبوعها الأول، إذ كنت أكتب في مواقع وصحف عديدة، ومقالاتي وقصائدي تُنشر دون علمي في صحف أخرى، ولأول مرة تأتيني رسالة موقعة بإسم " أبو حيدر"، تخبرني بأن أحد قصائدي قد نشرت في الموقع وفيها دعوة للكتابة.
ترددت قبل أن أرسل أول مقالة وقصيدة، وتساءلت عن كنه هذا الموقع وتمويله.
لكني حالما بدأت متوجسا وجدتني أزودها بعنوانين كل يوم، وفي البداية كنا أقل من عشرين كاتب، وكان تسلسلي في قائمة الكتاب "حادي عشر" من مجموع " سبعة عشر كاتبا" على ما أذكر.
أول نص نشرته في المثقف هو "نبضات الأعماق" في 15\6\2006 . وبعده "حبيب الروح" في 17\6\2006، و"أنت لي" في 19\6\2006، و"ترنيمة الإمعان" في 21\6\2006،
و" كيف للحب يكون" في 24\6\2006، و"خريرالأحزان" في 28\6\2006، و"ضياء الروح" في 29\6\2006.
ومقالات "وجوب الإختلاف" في 23\6\2006، و"الإبداع الإسلامي الجليل" في 25\6\2006
و"محنة الوطن العراقي" في 30\6\2006.
ومضيت على هذا الحال وإحتفلنا بعيدها الأول والثاني، والثالث كان قاسيا لأن المثقف قد فقدت أرشيفها، وقد كتبت مقالة بعنوان " بعد ثلاثٍ المثقف بلا أرشيف" تألمت لضياع ذلك الأرشيف لأنه كان يحوي "1500عنوان" أو أكثر لمقالات وقصائد ودراسات كنت قد نشرتها في المثقف، لكني توجست من الفقدان قبل حصوله وإستجبت لتحذيرات الصحيفة، فعملت جاهدا لأيام لتخزينها، ونجحت قبل أن يختفي الأرشيف، على أثر هجمة إليكترونية غادرة.
-3-
وقد كتبت في ذكراها الخامسة ما يلي:
"المثقف" إسم جميل لكنه لم يكن مطروقا كعنوان لصحيفة أو موقع، وكان هذا الإختيار فعّالا ومؤثرا وجذابا. زرت الموقع وترددت في الكتابة والتواصل لأني أتلقى الكثير من الدعوات من مواقع وصحف وأنأى عن الإلتزام بالكتابة فيها لعدم وضوح رؤيتها وضعف قدرات القائمين عليها.
وعندما تصفحت موقع "المثقف" أدركت أن الإسم على مسمى، فالكلمات التي ترسم رؤيتها ذات منطلقات إنسانية وثقافية راقية، فأدركت أنها ذات مسار متميز وصريح يحوي بشائر النماء والتطور، ولهذا تجرأت على التواصل والدعم لهذا البرعم الناشئ، فليس من السهل أن تؤمن بأن بداية ما ستكون، حيث كان عدد الكُتاب في المثقف آنذاك أقل من عشرين.
فكتبت وحسبت ذلك نوع من المغامرة في صحيفة لا أعرفها ولا أعلم مَن هو صاحبها، لكن تلك المغامرة كانت ممتعة لأن الصحيفة أخذت تتطور وتكبر وتنوعت الأسماء والمواضيع فيها، حتى أصبحت مؤسسة ذات قيمة ثقافية وفكرية مؤثرة في صناعة العقل العربي المعاصر.
ترى لماذا تواصلتُ مع المثقف؟
أولا: المنطلقات الإنسانية السامية
المثقف مشروع إنساني مؤهل للتعبير عن القدرات الإبداعية بأسلوب ثقافي متقدم على غيرها من المواقع والصحف الإليكترونية، ويتفاعل على منبرها عقول ذات قيمة فكرية وعلمية وأدبية مهمة ومتنورة.
ثانيا: الإختلاف
كتبت كثيرا عن الإختلاف منذ ألفين وثلاثة في الصحف العراقية والعربية، ولم أجد صحيفة تتبنى فكرة ضرورة الإختلاف وأهميته لبناء الحياة، وقد لخصت تلك الرؤية في مقالة "وجوب الإختلاف"، وكانت صحيفة المثقف من الصحف المتميزة في التأكيد على أهمية ثقافة الإختلاف وتوظيفها الإيجابي للبناء والتقدم والرقاء. وفي هذا فأن المثقف تؤكد على رؤية حضارية معاصرة وسباقة في واقعنا العربي.
ثالثا: الحرية
من خلال متابعتي اليومية لما يُنشر في المثقف، أرى أنها تتمتع بقدر كبير من الحرية، فلم تمتنع عن نشرما أرسله إليها إلا فيما قل وندر وعلى مدى السنوات الخمسة الماضية، إمتنعت عن نشر ثلاثة مقالات أو أربعة فقط.
وهذا يعني أن المثقف تمتلك مرونة واسعة وحرية تستحق التقدير والإحترام، ويبدو أن النوعية المتميزة من الكتاب الذين يساهمون في الإبداع على صفحاتها تملي على القائمين عليها هذا القدر من الحرية الفكرية في الرأي والتصور والتعبير.
رابعا: السمو والرفعة
المثقف تتسامى على الحالات السلبية ولا يمكن لكاتب لا يحمل رؤية إنسانية وتفهم ثقافي معاصر أن يتواصل على صفحاتها، وأي ضيق في الرؤية والأفق تتهاوى وتنحسر. وهذا السمو الخلاق قد منح المثقف قوة معنوية وفكرية وثقافية خاصة. فلا نجد على صفحاتها تفاعلات سلبية وتصورات ضعيفة.
خامسا: نوعية الكُتاب
أصبحت المثقف تضم شريحة من المثقفين المتميزين في ميادين إبداعهم، وكأنني أستطيع مقارنتها بمجلات مهمة في العقود الماضية والتي أوجدت مبدعين مهمين في الثقافة العربية. وما يميز المثقف إجتذابها للنخب الفكرية والأدبية والإبداعية الأصيلة الصادقة المحبة للمُثل والقيم الإنسانية الراقية. كما أنها إجتذبت العديد من الكتاب في الوطن الكبير وأينما كانوا.
سادسا: قوة المادة المنشورة
وهذا يتفق مع النوعية المتميزة للكتاب الذين ينشرون في صحيفة المثقف، ولقدراتهم الواضحة في الدراسة والتحليل والنظر الموضوعي والعلمي الذي يهدف إلى التبصير بالحقيقة وتقديم المعلومة بأسلوب حضاري معاصر، وأكثرهم يمتلك تقنيات الكتابة وآليات التعبير عن الأفكار بالكلمات المناسبة لها.
سابعا: الأرشيف
تميزت المثقف منذ بدايتها بأرشفة ما تنشره، وحسبتها ستكون مستودعا لما أرسله إليها، لكنها خسرت أرشيفها لمرتين خلال السنوات الخمسة الماضية، ونرجو أن لا تخسر أرشيفها ثالثة، لأن مشكلتنا في مجتمعاتنا أننا لا نؤرشف كما يحصل في الدول المتقدمة، والأرشفة سلوك ثقافي مهم وثمين لأنه يعطي قيمة وقوة للصحيفة، ويؤكد مسارها ودورها في الحياة الثقافية عبر مسيرتها.
ثامنا: رئيس التحرير
نجاح أي صحيفة يرتبط بقدرات رئيس تحريرها على الإدارة والتفاعل مع الكتاب والقائمين على صحيفته، ومن الواضح أن الأخ رئيس التحرير يتميز بقدرات ناجحة وأخلاقيات سامية وثقافة عالية أهلته لأن يكون قائدا ناجحا لهذا المشروع الثقافي الباهر. ونرجو له التوفيق والنجاح المتواصل والعطاء الأصيل.
تاسعا: الرحابة
المثقف صحيفة رحبة، بمعنى أنها ليست ضيقة الأفق أم منزوية في زاوية حادة لا ترى إلا التصاغر والإنحباس في الحفر. فالمثقف صحيفة آفاق مطلقة وتفاعلات إنسانية رحبة ومتسعة كما الكون يتسع. وفي هذا تأكيد على وعيها لطبيعة العقل البشري ومعاني الإبداع الصحيح اللازم لتقوية القيم الإنسانية وتعزيز الألفة المحبة والأخوة والتسامح والسلام.
عاشرا: المواصلة
تميزت المثقف بالتواصل والتحدي لأنها مشروع ثقافي متنامي، وقد مضت في طريق تأكيد الدور والفعالية برغم الصعاب وكثرة المشاريع والصحف الإليكترونية. ففي البداية لم يصدق الكثيرون بأنها ستنجح أو ستحتفل بسنتها الخامسة. وكلما أصابتها أزمة إليكترونية كنت أخشى بأنها قد وضعت أوزارها، لكنها إستطاعت أن تشق طريقها بجدارة ونجاح فائق.
حادي عشر: الخطاب المعاصر
المثقف خطاب ثقافي معاصر ومتفتح، فهي بستان أفكار ورؤى وتصورات إبداعية ثاقبة، حتى في تخاطب إدارتها مع الكُتاب، تقرأ معالم السلوك الخطابي المتحضر وإحترام خصوصيات الكُتاب وتثمين جهودهم ودورهم في المشروع.
ثاني عشر: التحرير اليومي
تبذل المثقف جهدا ثقافيا يوميا، فهي تتواكب مع الأيام ويندر أن تنقطع عن الصدور إلا لأسباب تقنية، بعكس الكثير من الصحف التي تتعثر في صدورها وتتوقف لأيام، وهذا يعكس حسن الإدارة والتفاني في الجد والإجتهاد للوصول إلى ذروة النجاح والتألق.
وهناك الكثير من العوامل الأخرى التي سيتناولها الأخوة والأخوات حتما، وبودي أن أسجل بعض الملاحظات التي ربما تكون ذات فائدة.
أولا: التفاعل
الإبداع مسؤولية حضارية وتاريخية، وتفاعل الكتّاب مع بعضهم يكون أكثر نفعا عندما ينطلق من صلب الإبداع وحسب. فالتعليقات التي نقرؤها نتمنى أن تضيف شيئا نافعا، وتكون ذات تأثير ثقافي، كما نقرأ في صحف الدول المتقدمة.
ثانيا: الإلتزام بالرؤية والمنهج
من أهم أسباب نجاح المثقف إلتزامها برسالتها ورؤيتها ومنهجها، وأي خلل في هذا الإلتزام قد يؤدي إلى نتائج ليست لصالحها.
ثالثا: الإنتشار
لا علم لي بمدى إنتشار الصحيفة ومقروئيتها، لكن يبدو أن الصحيفة بحاجة إلى مزيد من الجهود الضرورية لزيادة مساحة الإنتشار.
رابعا: التحقيقات التأريخية
ربما يكون من النافع تناول التأريخ الحضاري لبلادنا، كأن نسلط الأضواء على مدينة تأريخية ونكتب عنها كل حسب إختصاصه وإهتمامه، فلا نقرأ موضوعات تأريخية معاصرة على صفحات المثقف إلا قليلا.
وفي الختام تحية تقدير وإعتزاز بالمثقف، وتثمين لجهود القائمين على إعدادها وإخراجها بحلتها المرموقة. ومبروك لها الإحتفال بعيد ميلادها الخامس. المثقف التي صارت جزءا من يومي، وبرغم مشاغلي وضيق وقتي، أجد الفرصة لكي أكتب فيها، حتى وصفتني أحد الأخوات وكأنني لا عمل لي إلا أن أكتب وحسب!
وثقتنا عالية بأن المثقف بمشروعها الثقافي المتوهج ستنير مساحات واسعة من العقول، وبذلك تصنع الحياة الإنسانية الحرة الرحيمة السمحاء المعطرة بالأخوة والإعتصام بالروح الإنسانية الصادقة.
وللمثقف وأقلامها الواعية عطر المحبة وأريج الأمنيات والبهجة والسرور.
-4-
وكتبت في ذكراها الثالثة:
علاقتي بصحيفة المثقف تمتد إلى بداياتها ومنذ الأسبوع الأول لانطلاقها. وقد أعجبني إخراجها ومساحة الحرية المتوفرة على صفحاتها وأرشيفها الذي يميزها عن الكثير من الصحف الإليكترونية، ويمنحها علامة فارقة ومؤثرة في الأوساط الثقافية.
فعندما يريد الكاتب أو القارئ الرجوع إلى أي نص تراه يبحث في الأرشيف، وكلما سألني قارئ "أين أقرأ لك ما تكتب" أشير إلى أرشيف المثقف الذي أغنانا عن إنشاء الصفحات الخاصة ووفر للقارئ فرصة ثمينة لمتابعة الكاتب.
وفي الأشهر الأخيرة رأيت تعثرا متكررا في ظهور الصحيفة على شبكة الانترنيت، وفي كل مرة يختفي الأرشيف وأسماء الكتاب المشاركين، ولا أعرف لماذا لم تنتبه هيئة التحرير إلى هذا الهدف، إذ يبدو أن الصحيفة قد إستقطبت أعدادا كبيرة من الكتاب تجاوزت النصف ألف إسم، مما جعلها هدفا مهما.
وبسبب هذه التعثرات حسبت أن المثقف لن تتجاوز عامها الثالث، وأنها في حالة إضطراب قبل الرحيل، فحاولت جاهدا أن أحفظ ما تواجد من مقالات ونصوص في أرشيفي لكي لا أصاب بالحسرة والألم.
وتوقفت المثقف عن الصدور لبضعة أيام وإستفسرت عن ذلك فكان الجواب بأنها قد تعرضت لإستهداف قد يكون مقصودا أو غير مقصود، وأن أرشيفها قد ضاع أو تم تشفيره بحيث يتعسر ظهوره أو قراءته، وفي واقع الأمر أن الكثير من النصوص والمقالات أحيانا لا يمكن قراءتها.
لكن هذا الموضوع قد أثير من قبل ولا أعرف كيف لا يوجد إسناد وتخزين للأرشيف Back Up .
لقد أحرقت المثقف في عامها الثالث ما زرعته على مدى السنوات الثلاثة الماضية، وأصبحت كأي الصحف الأخرى، ولا يمكننا أن نلوم أحد، لكنها طبائعنا كما في المجالات الأخرى من الحياة، فلا نهتم بالأرشيف ولا نعير إهتماما إلا لما هو غير مهم، ويكون في عرفنا أن تأريخ العطاء الثقافي البشري عبارة عن كتابة فوق سطح الماء.
وكم يقف المرء بوقار وتقدير أما أرشيف جريدة الأهرام المصرية الذي تجاوز عمره القرن وبضعة عقود.
فلماذا نحرق أرشيف حياتنا ونستهين بعطاءاتنا؟!
تحياتي للمثقف في عيد ميلادها الثالث، وأملي أن تستعيد أرشيفها وتسند ذخيرتها الثقافية، لكي تطمئن إليها الأقلام وتستريح على صفحاتها العقول وتثرى.
(العدد: 1073 الثلاثاء 09/06/2009)
-5-
المثقف أيقونة إبداعية أصيلة شعشعت على صفحاتها عقول ذات تطلعات إنسانية تسامحية حضارية سامية المعاني والتفاعلات.
وعلى مدى عقدٍ دفاقٍ بأنوار المعرفة وجواهر الرؤى، وجمان الأفكار المرموقة الخالية من جراثيم الخراب والتنافر والضياع، أتساءل...
هل أن المثقف تمكنت من تغيير الرؤية والمساهمة في صناعة الجيل القادر على بناء المستقبل الأزهى والحاضر الأفضل؟
هل تمكنت المثقف أن تحقق تفاعلا إبداعيا جماعيا يسعى لتطوير وتحليق الأفكار القادرة على إستيعاب القدرات الكامنة في الإنسان الذي تخاطبه؟
هل أنها أعطت للكلمة قيمتها ودورها وتأثيرها، وإرتقت لكي تكون معبرة عن عمل أو إنجاز؟
هل أن المثقف بجهودها الكبيرة وإنطلاقها الوثاب المتواصل قد حققت نقلة نوعية في الحياة الفكرية والثقافية؟
ما أراه أنها جمعت أبناء الأمة على صفحاتها وإستوعبت الكثير من الكتابات التي تتكرر في مواقع أخرى، مما قلل من مميزاتها التي بدأت بها وبنت عليها مسيرتها، وأتمنى أن تكون الكتابات فيها رصينة ذات معاني فكرية ومعرفية، وأن لا تنحدر إلى نشر المقالات السلبية المكتوبة بأقلام ذات غايات وتوجهات تخريبية وفئوية وتفريقية، وما تنتجه الأقلام الإنتقامية السامة التي تكتب بمداد المال والنوال.
لكي تكون رسالتها الإنسانية ساطعة ومعانيها المعرفية والثقافية ذات منهج شفاف وأصيل يُعلي المعاني الوطنية، ويؤكد الروح الإنسانية المعبَّر عنها بالمحبة والألفة والتسامح وإحترام الرأي، وتأكيد قيمة الإنسان والحياة.
أرجو أن ترسّخ المثقف أسس ومنطلقات تميزها وخصوصية رسالتها وإرادتها في تحرير الإنسان من التضليل والخداع والتجهيل.
وأملي أن تزداد المقالات والإبداعات موضوعية وعلمية وأن لا تكون مجرد كلمات نائهة على السطور، كما أرجو أن ترفض المثقف نشر المقالات التي فيها أخطاء لغوية أو التي تُكتب بلغة غير سليمة، أي أن عليها أن تحمل راية اللغة العربية وتجسد قيمتها ودورها الحضاري الإبداعي، وعليها أن تحتفل باللغة العربية كل عام، وأن تساهم في زيادة مساحة الوعي اللغوي، فالعربية هوية أمة وعنوان حضارة.
والنقد الأدبي لابد أن يكون له حضوره ضرورة معرفية، لأنه من أسس الإبداع والتطور اللازم للوصول بالعطاء إلى آفاق العالمية.
ولا أدري إن أوجدت مساحة معقولة للكتابة باللغة الإنكليزية لأن في ذلك أهمية للتعبير عن الراي بلغة يقرؤها الآخرون.
ومن الضروري أن تتجه المثقف نحو الدعوة لتكون المقالات المنشورة خاصة بها، أو يجوز لكاتبها أن ينشرها في مواقع أخرى بعد فترة محددة من الزمن، فالقليل الأصيل أبلغ أثرا وجمالا من الكثير المتداول.
ومن الواجب القول أن المثقف هي الصحيفة الوحيدة التي لم تنشر مقالة أو قصيدة ينتحل فيها كاتبها إسمي، فنباهة "أبو حيدر" أثق بها تماما وعن تجربة، فهو يعرف الكاتب من أسلوبه وآليات تفكيره ومفرداته، وهذا تأكيد على أن المقالات يتم قراءتها قبل النشر، بينما الكثير من المواقع والصحف أجدها تنشر مقالات وقصائد ينتحل كاتبها إسمي، وقد تعبت من هذه الأساليب حتى أهملتها، وفقا لقاعدة إتضاح الغث من السمين!!
تحية محبة وتقدير وإعتزاز للمثقف في عيد ميلادها العاشر، وهي تتباهى بإنجازات عقدٍ إبداعي فياض الأنوار والتطلعات، وتتواصل رسالتها الإنسانية التسامحية الداعية للمحبة والأخوة والسلام، والتفاعل الصادق الرحيم بين أبناء الأرض كافة، فالمثقف رسالة في صحيفة، وما أروعها من صحيفة ذات رسالة!!
د. صادق السامرائي
للاطلاع على مشاركات ملف: