مناسبات المثقف
يـاصـديـقـي أبـا حـيـدر / يحيى السماوي
خاص بالمثقف: لمناسبة مرور خمسة أعوام على عقد قِران نهر المحبة على بستان التسامح
أن تـدور الـشـمـسُ خـمـس دوراتٍ عـلـى فـسـيـلـةٍ دون أن يـتـزيّـن جـيـدهـا بـقـلائـد الأعـذاق،
فـأمرٌ مألـوف فـي زمـنٍ بـات فـيـه الـمـاءُ يـشـتـكـي الـظـمـأ والشـمـسُ مُصـابـة بالـرّمـد والـطـيـن يشـكـو الـيـبـاس .. !
أمّـا أن تـغـدو هـذه الـفـسـيـلـةُ بـمـفـردهـا بـسـتـانـا ً بـعـد خـمـس دورات شـمـس ، فـذلـك هـو اللامألـوف ...
تـرى، لإيّ ٍ الـفـضـل؟ لـلـنـواة الـتـي انـفـلـقـتْ فـي رحـم الأرض فـانـبـثـقـت الـفـسـيـلـة مـنهـا؟ أم لـلـطـيـن الـذي احـتـضـن الـجـذر؟ أم لـلـمـاء الـعـطشـان أسـاسـا ً؟ أم للـمـطـر الـعـصـيّ عـلـى الـهـطـول؟
الـنـخـلـة ُ لـيـسـتْ كـمـأ ً بـرّيّـا ً يـنـبـتُ مـن تـلـقـاء نـفـسـه .. عـمَّـتـنـا الـنـخـلـةُ لـهـا طـبـعُ الـرّبـابـة الـعـربـيـة : لا تـملأ قـواريـر أسـمـاعـنـا إلآ حـيـن تُـحـسِـنُ الأنـامـلُ الـعـزف .. عـمَّـتـنـا الـنـخـلـةُ إبـنـةُ فـلاحِـهـا ... لـذا لـن أسـتـحـي مـن الـشـمـس والـنـهـر والـطـيـن لـو ابـتـدأتُ شـكري لـلـفلاح الـذي تـعـهّـد الـنـخـلـةَ ... الـفـلاح الـذي حـرث الأرض بـأضـلاعـه، وسـقـاهـا بـعـرق جـبـيـنـه، حـتى إذا أشـرعـت فـي الأفـق جـدائـلَ سـعـفـهـا وأثـقـلـت الأعـذاق جـيـدها، نـادى الـحـمـائـمَ لـتـبـنـي أعشـاشـهـا الآمـنـة، والـعـابـريـن نـحـو مـديـنـة الـمـحـبـة الـكـونـيـة أنْ يـتـفـيّـأوا ظلالـهـا كـلـمـا حـاصـرهـم الـهـجـيـر، ونـادى بـنـا ـ نـحـن الـمـشـرئـبـةَ أعـنـاقـهـم لـلأعـذاق : هـزّوا جـذع الـودّ حـتـى تـمـتـلـئ صـحـونـكم أدَبـا ً جـنـيّـا، أو : فـانـشـروا عـلـى جـذعـهـا لافـتـاتِ الـتـسـامـح والـوئـام ومـنـاديـلَ قـيـس بـن الـمـلـوّح وعـروة بـن الـورد، أو خِـمـار لـيـلـى الأخـيـلـيـة ...
يـاصـديـقـي الـطـهـورَ كـلـحـيـة مـحـمد بـاقـر الـصـدر .. الـنـقـيّ كـنـدى صـبـاحـاتِ زاخـو .. الـدافـئ كـخـبـز أهـوار الـجـبـايـش .. الأصـيـلَ كـعـمـامـة مـحـمـد سـعـيـد الـحـبـوبـي .. والـعـذبَ كـالـمـسـرّة .. يـامـاجـد الـغـربـاوي : ألـيـس مـن حق رأسـي أن يـنـحـنـي لـك تـجـلّـة ً وإكـبـارا ً مـادمـتَ الـفـلاحَ الـذي جـعـل مـن الـنـخـلـة بـسـتـانـا ً بـمـفـردهـا؟ بـسـتـانـا عـلـى سـعـة أفـق الأبـجـديـة رغـم أنّ الـشـمـس مُـصـابـة بالـرّمـد، والـنـهـر يشـكـو الـظـمأ، والـطـيـنَ مُـثـكـلٌ بـالـرطـوبـة؟
تـبـاركـتْ الـخـيـمـة الـتـي أنـت سِـمـاكـهـا ... وتـبـاركـت بـقـيـة ُ أوتـادهـا الـواثـقـة ...
تـبـاركـت غـارسـا وراعـيـا ونـاطـوراً ... وتـبـاركت بـقـيـة الـفـلاحـات والـفـلاحـيـن ممـن مـسّـدوا بـمـنـاديـل الـمـحـبـة جـبـيـنـك حـيـن أضـنـاك الـسّـهـر، وتحـمـلـوا مـعـك ثـقـل صـخـرة سـيـزيـف ..
يـاصـديـقي مـاجـد : تـقـبّـل انـحـنـائـي كـي تـزداد قـامـتـي طـولا .