تقارير وتحقيقات
اختتام الدورة الثانية عشر لمهرجان الجزائر الدولي للفيلم
أُسدل الستار على الدورة الثانية عشرة لمهرجان الجزائر الدولي للفيلم الذي انطلقت فعّالياته للمدة من 4 - 10 ديسمبر 2025 بمشاركة 50 فيلمًا في المسابقات الرئيسة الأربع التي جمعت بين الأفلام الروائية والوثائقية الطويلة والأفلام القصيرة إضافة إلى المسابقة التقنية المُستحدثة. كما أفردَ القائمون على المهرجان تكريمات وإشادات لعدد من التجارب المكرّسة والمواهب الإبداعية الشابة.
جرت وقائع الحفل الاختتامي في المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي بحضور عدد من الشخصيات الرسمية المهمة إضافة إلى عدد غير قليل من الشخصيات الثقافية والفنية الجزائرية والعربية والعالمية.
مُنحت جائزة الجمهور، في مُستهل حفل توزيع الجوائز، للفيلم الروائي القصير (حركة الفهود السود الأمريكية في الجزائر) Black Panthers of Algeria للمخرج الجزائري محمد أمين بن لولو . يتمحور الفيلم على تأثير حركة التحرر الأفرو - أمريكية على الثورة الجزائرية ودور الجزائر كمركز لحركات التحرر العالمية. كما حصل فيلم (عسّاسات الليل) Gardiennes de nuit للمخرجة والمونتيرة الفرنسية - الجزائرية نينا خدة. تدور قصة هذا الفيلم الروائي القصير على فتاة شابة تبلغ من العمر عشرين عامًا ترافق جثمان جدتها إلى الجزائر وما إن تصل إلى هناك حتى تُثنيها العائلة عن حضور الجنازة.أمّا لجنة تحكيم المسابقة التقنية فقد أسندت جائزة اللجنة إلى فيلم (الضحية صفر) The Victim Zero للمنتج والمخرج الجزائري أمين بن ثامر وهو إنتاج مشترك بين الجزائر وفرنسا وتونس. يركز الفيلم على شبكة إجرامية خطيرة تستغل المدمنين بطريقة بشعة حيث يحصلون على المخدر مقابل جلب أطفال من محيطهم الاجتماعي.
ارتأت لجنة تحكيم المسابقة التقنية أن تمنح فيلم (مشية الغُراب) The Walk of Crow تنويهًا خاصًا للمخرج الجزائري خالد بن طبّال. يتناول الفيلم ثنائية الحضارة القادمة من الغرب والتمسك بالأصول العربية المحافظة على حُب الوطن وتراث الآباء والأجداد. فيما نال فيلم (الوشاح الأسود) Black Scarf للمخرج الإيراني علي رضا شاه حسيني تنويهًا خاصًا أثار فيه مشاعره العميقة فشكر القائمين على المهرجان ولجنة المسابقة وكل الذين دفعوه لإنجاز هذا الفيلم المحرِّك للمشاعر والأحاسيس. يتمحور فيلمه على مجموعة من التلاميذ يطلبون من معلّمهم شيئًا بسيطًا يغيّر كل شيء بشكل غير متوقع في قرية هادئة معزولة. فيما افتخر المهرجان بمنح الجائزة التقنية الكبرى لفيلم (العودة إلى المدينة) Back to Town للمخرج الجزائري جمال لكحل. تدور ثيمة الفيلم حول شابين يحلمان بتأسيس فرقة روك ويلتقيان بعجوزين سبعينيين أسسا فرقة Play-boys فيحدث بينهما تفاعل جميل يشعل شغفهم بالمسرح من جديد بعد مرور خمسين عامًا. كما منحت لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية تنويهًا خاصًا لفيلم (حيو المغنية المتمردة) Haiyu Rebel singer Mariem Hassan للمخرجين الأربعة آنا كلارا أهرين،ابراهيم ب. علي، محمد سالم وارد وأليكس فيتش. يوثِّق هذا الفيلم حياة المغنية الصحراوية مريم حسن بوصفها مصدر إلهام وكفاح لشعب الصحراء الغربية من أجل الحرية.
فيما أسندت لجنة تحكيم الفيلم الوثائقي جائزتها لفيلم ( لا أحد يُولد ليُداس) No Man Is Born to Be Stepped On) للمخرجة الجزائرية - الفرنسية ناريمان بابا عيسى والمخرج الفرنسي - البرتغالي لوكاس روكسو. يوصف هذا الفيلم بأنه (تصويري وصوتي يجمع بين الطابع الجمعي والشاعري ويقدّم تجربة حسيّة في الذاكرة الشعبية البرازيلية) أمّا الجائزة الكبرى للفيلم الوثائقي فقد فاز بها فيلم (عنّاب) Annab للمخرج الجزائري عبد الله قادة. يرصد الفيلم حياة الفلاحين بمدينة (عنابة)، شمال شرقي الجزائر وتشبثهم بالأرض رغم تهديد الإرهاب الذي سينتكس بعد مدة من الزمن.
أسند الجمهور جائزته إلى الفيلم الروائي الطويل (حَدّة) Hadda للمخرج الجزائري أحمد رياض الذي يتنقّل بين الإخراج والإنتاج والتمثيل. تعود بنا قصة هذا الفيلم إلى (حَدة) الممرضة التي أقامت في بيت مهجور وحوّلته إلى مكان لتطبيب الجرحى كما تعلِّم الفتيات على الإسعافات الأولية وتربط القرى بجبهات القتال إبّان حرب التحرير. كما مُنحت جائزة الابتكار التقني للفيلم الروائي الطويل (الساقية) La Saguia للمخرج الجزائري نوفل كلاش المعروف بتقنية التحريك ثلاثي الأبعاد. يدور هذا الفيلم حول مأساة الجزائريين خلال الثورة التحريرية في منطقة ساقية سيدي يوسف التي تقع على الحدود الجزائرية التونسية حيث تضرر كلا الطرفين جراء القصف الوحشي الفرنسي.
تُوِّج الفيلمان الطويلان (أحلام عابرة) Passing Dreams للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي و (قرية قرب الجنة) The Village Next to Paradise للمخرج الصومالي مو هاراوي بجائزة الابتكار التقني لأنهما يسلّطان الضوء على قوّة السرد السينمائي وتنوّع الرؤى التي حملتها أفلام هذه الدورة. يدور فيلم مشهراوي حول الطفل سامي الذي يقوم برحلة تمتد إلى يوم وليلة بحثًا عن حمامته في عدد من المدن والبلدات الفلسطينية. بينما تتمحور قصة فيلم (قرية قرب الجنة) على رجل يسعى لتأمين حياة أفضل لعائلته فيضطر إلى نقل ابنه إلى مدرسة بعيدة عن قريته على أمل الحصول على شهادة تتناسب مع موهبة الطفل وذكائه الحاد في تلك المضارب. أمّا الجائزة الكبرى للفيلم الروائي الطويل فقد حظي بها فيلم (رُقْية) للمخرج الجزائري يانيس كوسيم المعروف بأسلوبه الذي يجمع بين الواقعية والتجريب. وفي فيلم (رُقْية) يعود أحمد إلى قريته عام 1993 إثرَ حادث سيارة يُفقده الذاكرة فلا يتعرّف على أفراد أسرته. ثم يلجأ إلى راقٍ عجوز يفتح له الباب على رعب نفسي ورمزي مرتبط بالذاكرة والماضي الدموي للجزائر.
وما دمنا في إطار الجوائز والتكريمات فقد كرّم القائمون على المهرجان جمهورية كوبا بوصفها ضيف شرف المهرجان وتسّلم درع التكريم السفير الكوبي هيكتور إيغارزا كابريرا وأكدّ على أنّ المهرجان السينمائي الجزائري هو بمثابة (فضاء قوي لتعزيز التبادل والتقارب الثقافي بين الشعبين اللذين يجمعهما تاريخ مشترك عريق). كما شمل التكريم شخصيات أربع فنية وسينمائية وهم المُخرج والمُنتج الفلسطيني حنّا عطا الله، والمترجمة إيلين مختفي، والمخرجة الألمانية مونيكا ماورر والسينارست والشاعر الجزائري توفيق فارس.
تألفت لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة من خمسة مخرجين ونقاد سينمائيين وهو المخرج الجزائري كريم طرايدية رئيسًا وعضوية المخرج الكوبي أوكتافيو فراغا غيرا والمخرج التشيكي بيتر فاتسلاف والمخرج الإيطالي روكو كالاندرييلو والسينمائية الموريتانية سعاد حسين. بينما تألفت لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية من المخرجة الألمانية مونيكا ماورر رئيسًا وعضوية الناقد السينمائي سليم البيك وعضوية المخرج الهندي بارثو سين- غوبتا. أمّا لجنة تحكيم الأفلام الروائية القصيرة فتألفت من الناقدة السينمائية اللبنانية - الفرنسية هدي ابراهيم والسينمائي السوداني طلال عفيفي والفنانة والكاتبة الجزائرية نورة حمدي. بينما تشكّلت اللجنة الرابعة والأخيرة وهي لجنة التحكيم التقنية من ثلاثة سينمائيين وهم المخرج والسينارست رشيد بن علّال رئيسًا وعضوية مدير التصوير حمودي العقون ومهندس الصوت كمال مكسر. وعلى الرغم من احترافية أعضاء اللجان الأربع إلّا أنّ غالبية الجوائز قد ذهبت صوب الأفلام الجزائرية التي حصلت على حصة الأسد بينما خرجت بعض الأفلام المهمة بلا جوائز مثل فيلم (قصة الخريف) للمخرج المصري كريم مكرّم، و (أناشيد آدم) للمخرج العراقي - الأمريكي عُدي رشيد.
***
الجزائر: عدنان حسين أحمد







